عقارات الجزائر تسقط في دوامة الركود... وتهاوي الإيجارات

22 فبراير 2023
المواطنون يعانون من تقلبات كبيرة في سوق الإيجارات (فرانس برس)
+ الخط -

تراجعت إيجارات الشقق السكنية في الجزائر من مستوياتها المرتفعة، بفعل تراجع الطلب واستقرار العرض، فبعد صمود سوق الإيجارات في وجه دوامة الركود منذ سنوات، هوت "أرقام الإيجارات" في 10 محافظات جزائرية بعدما كانت خارج قدرة المواطنين، في حين تراجعت بشكل طفيف في العاصمة وبعض المدن الكبرى.

وشهدت بعض المدن تراجعاً حاداً في الإيجارات بلغ نحو 20%، فيما على مستوى العاصمة عرف الإيجار تراجعا طفيفا، حيث بلغ إيجار شقة من غرفة واحدة غير مؤثثة 30 ألف دينار (222 دولاراً)، للشهر الواحد، في بلاد لا يتجاوز الراتب الأدنى المضمون فيها 20 ألف دينار (148 دولاراً)، وهو ما يعتبره المتتبعون للشؤون العقارية أمراً غير عقلاني، فيما سجل إيجار شقة من غرفتين 35 ألف دينار (259 دولاراً).

أما إيجار المنازل (الفيلات)، فعرف هو الآخر أرقاماً مستقرة، حيث يستحيل إيجاد منزل للإيجار تحت عتبة 100 ألف دينار شهرياً (740 دولاراً).
ومما يزيد متاعب الجزائريين الأعراف والتقاليد المتبعة في عمليات إيجار الشقق في البلاد، حيث يلزم صاحب الشقة محل الإيجار الزبون بدفع أقساط الإيجار المحددة في العقد لكل سنة مسبقا دفعة واحدة، وهو أمر يعجز عنه الكثير من المواطنين.

وحول تقلبات سوق الإيجار في الجزائر، قام موقع "إيجاركم" المتخصص في الإعلانات العقارية في البلاد، بتحليل تقلب أسعار إيجار المساكن خلال سنة 2022، وتراجعه للمرة الأولى منذ سنوات لأسعار الإيجار في ما لا يقل عن 15 محافظة.
واستندت الدراسة التي قام بها الموقع إلى أسعار إيجار شقق من غرفتين إلى 5 غرف، في جميع الولايات أين توفرت المعطيات التي يمكن الاعتماد عليها وهي نوعية السكن التي تعرف إقبالا كبيرا من قبل الجزائريين كونها تلبي متطلباتهم.
كما أخذ التحليل الذي قام به الموقع الجزائري بعين الاعتبار الأسعار المعروضة في الإعلانات العقارية المنشورة على جميع المواقع الإعلانية المحلية، من ضمن قاعدة بيانات تضم أكثر من 5000 إعلان عقاري، وهو ما يُمكّن من معرفة التوجه العام لسوق تأجير المساكن الجماعية في بلادنا.

وإلى ذلك، كشف مؤسس موقع "إيجاركم" للإعلانات العقارية عمر مرجاني أن "الجديد في دراسة عام 2022، هو احتساب متوسط سعر الإيجار للمتر مربع، وهو ما يعطي المزيد من الدقة للتحليل ويسمح بمعرفة اتجاهات السوق، كما تم عرض نتائج هذه الدراسة على عدد من الوكالات العقارية، التي قامت بتأكيد النتائج المتوصل إليها".
وأضاف مرجاني في حديث مع "العربي الجديد"، أن "محافظات الجزائر الكبرى كالعاصمة ومحافظة وهران، غرب الجزائر، شهدت تراجعا طفيفا في أسعار إيجار الشقق بين عامي 2021 و2022، بانخفاض قدره 1 إلى 2 بالمائة في الجزائر العاصمة وما يقرب من 4 بالمائة في وهران، في حين شهدت محافظة تلمسان تراجعاً في بنسبة 5 بالمائة".
وأرجع مؤسس الموقع هذا التراجع إلى "ركود قطاع العقارات في المحافظات الكبرى، كالعاصمة الجزائرية وهران وعنابة، بفعل تراجع الطلب لأسباب عدة، منها انكماش الاقتصاد المحلي وتأثر القدرة الشرائية للمواطن، يضاف إلى ذلك توزيع المساكن العمومية بكل أصنافها، ما ساعد على امتصاص جزء من الطلب على المساكن خلال سنة 2022 وبالتالي الحفاظ على استقرار أسعار الإيجار".

وكدليل على ركود سوق العقارات، قال مرجاني إن "عدد الإعلانات العقارية المنشورة عبر مواقع الإنترنت عرف انخفاضا محسوسا سنة 2022 قارب نسبة 45 بالمائة مقارنة بسنة 2020، حيث تراجع من 250 ألف إعلان في عام 2020 إلى 130 ألف إعلان فقط في سنة 2022".

وسجلت 10 محافظات أخرى على الأقل، حسب الدراسة، انخفاضاً حاداً في متوسط إيجارات الشقق السكنية بين عامي 2021 و2022، فقد شهدت محافظة بومرداس انخفاضاً بنسبة 20 بالمائة من 39500 دينار شهريا (292 دولاراً) إلى 32 ألف دينار (237 دولاراً)، في 2022، كذلك محافظة تيزي وزو التي انخفض متوسط الإيجار فيها بنحو 20 بالمائة من 35 ألف دينار (259 دولاراً)، في 2021 إلى 27.600 دينار شهرياً (204 دولارات)، سنة 2022.

ورغم تسجيل تراجع في أسعار الإيجارات في أغلب المحافظات الكبرى، إلا أن أرقام الإيجارات تبقى مرتفعة مقارنة بمستوى المعيشة ومتوسط دخل الجزائريين الذي يبلغ حوالي 30 ألف دينار (230 دولاراً)، حيث لوحظ أن غالبية الإيجارات المتوسطة في المحافظات تراوح ما بين 30 ألفاً و40 ألف دينار شهريا (230 و296 دولاراً)، بينما في المحافظات الكبرى، مثل وهران وقسنطينة والجزائر العاصمة، يتجاوز الإيجار المتوسط مستوى 40 ألف دينار.

ويعاني المواطنون من موجات غلاء طاولت مختلف السلع والخدمات، وحسب الديوان الجزائري (حكومي)، بلغت نسبة التضخم 9.7 بالمائة في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وفي المقابل تراجعت القدرة الشرائية للمواطنين، ما دفع الحكومة إلى الاتجاه نحو زيادة الأجور في الموازنة الجديدة.

المساهمون
The website encountered an unexpected error. Please try again later.