يعيش قطاع البناء والإنشاءات في ألمانيا حالة قاتمة على مستقبله مع النقص الكبير في مواد البناء ونقص العمال المهرة وزيادة تكاليف الطاقة، وارتفاع معدلات الفائدة ما يجعل إنجاز المشاريع أكثر صعوبة وسط نقص حوالي 700 ألف وحدة سكن اجتماعي في البلاد.
وفي هذا الإطار، قال رئيس رابطة صناعات البناء بيتر هوبنر في حوار مع "شبكة التحرير الألمانية"، اليوم الاثنين، إنه من غير الواقعي إنشاء 400 ألف شقة وعدت بها الحكومة الفيدرالية سنويا، وليس بالإمكان تشييد أكثرمن 250 ألف وحدة.
وشدد هوبنر على أن القطاع بحاجة إلى حوافز تمويلية، وعلى السياسيين وضعها على بساط البحث، مع تراجع نشاط العديد من المستثمرين نتيجة تبدل وارتفاع الأسعار، والجميع بانتظار التمويل الذي وعدت به الحكومة عام 2022، وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تصبح بها المشاريع مربحة، وخاصة لبناء المساكن ميسورة التكلفة.
ويوضح أن الأهم حاليا استحداث حافز لإخراج المستثمرين من النفق المظلم، مشيرا إلى أن القطاع بحاجة إلى 15 مليار يورو سنويا لدعم الإسكان الجديد، مقابل 25 مليار يورو للبنية التحتية والنقل، أي السكك الحديدية والممرات المائية والطرق، أي ما مجموعه حزمة من 40 مليار يورو من وزارات المالية والاقتصاد والنقل والبناء لتكون إشارة واضحة تسمح بتنشيط القطاع مرة أخرى.
إلى ذلك، أفاد رئيس الرابطة بأن قطاع البناء يساعد القطاعات الأخرى على تحقيق أهدافها، بينها أنظمة الطاقة الشمسية والرياح التي سينتج عنها تحقيق أهداف مناخية، بينها تقليل ثاني أوكسيد الكربون.
وفيما خص النقص الحقيقي في العمالة الماهرة، أشار هوبنر إلى أن "القطاعات المتعلقة بالبناء تحاول أولا السيطرة على المشكلة، ونقدم تدريبا تأهيليا ومعدلات التدريب تزداد كل عام وندعم الموظفين، حيث يعمل العديد من المطورين والمقاولين على السماح بالمزاوجة بين العمل من المكتب والمنزل، بما يسمح بساعات عمل مرنة وتشكل توافقا أكبر مع الحياة الأسرية وبالأخص لدى النساء".
وأيّد سياسة الهجرة من دول خارج الاتحاد الأوروبي، متوقعا إزالة العوائق البيروقراطية مع تعديل شروط العمل غير الجذابة.
كما توقع هوبنر تراجعا حقيقيا في المبيعات قد يصل إلى 6% عام 2023، لكنه استدرك قائلا: "رغم المزاج السيئ السائد، الوضع غير ميؤوس منه نهائيا ولا نية لتخفيض عدد الموظفين حاليا".
أكبر نقص في المساكن الاجتماعية الألمانية منذ 20 عاماً
وفي خضم ذلك، حذر تحالف جمعيات المستأجرين والنقابات العمالية وجمعيات اجتماعية من النقص المتزايد للمساكن في ألمانيا، إذ قال رئيس جمعية المستأجرين لوكاس زيبنكوتن أخيرا مع مجموعة "فونكه" الإعلامية، إن الوضع في سوق الإسكان مأساوي، والمطلوب خفض التكاليف والضريبة على القيمة المضافة للإسكان الإجتماعي من 19% إلى 7%، فضلا عن تسريع عملية التخطيط.
كذلك أشار إلى أن التحالف دعا الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات لإنشاء صندوق خاص بما لا يقل عن 50 مليار يورو حتى عام 2025، من أجل دعم سوق الإسكان الاجتماعي، محذرا من أنه "بخلاف ذلك هناك خطر لانهيار سوق السكن الاجتماعي"، علما أنه، وفقا للتحالف، يوجد حاليا في ألمانيا حوالي 1.1 مليون وحدة سكنية على مستوى البلاد.
في سياق متصل، بيّنت دراسة أجراها معهد "بيستل" في هانوفر ومعهد "أرغي" لأبحاث البناء في كيلن لصالح "مجموعة عمل البناء المعاصر" ونشرتها شبكة "إيه آر دي" الإخبارية نهاية الأسبوع الماضي، أن هناك نقصا قياسيا في المساكن عام 2023، لا يقل عن 700 ألف وحدة سكنية، وهو أكبر عجز في الإسكان منذ أكثر من 20 عاما، ومبرزين أن هناك أسبابا وعناصر رئيسية ساهمت في تأزم الوضع الإسكاني وأهمها هجرة الأوكرانيين بعد الغزو الروسي لبلادهم وتراجع عمليات البناء بفعل أزمات التكاليف والتضخم واختناقات تسليم المواد الأولوية.