"طوفان الأقصى" تضرب ممرات ربط الخليج بإسرائيل

22 أكتوبر 2023
مواطنون في البحرين يتظاهرون ضد العدوان الإسرائيلي على غزة (فرانس برس)
+ الخط -

يسيطر القلق على الهند وربما دول خليجية، من تعثر مشروع الممر الاقتصادي الذي يمر عبر هذه الدول وصولاً إلى إسرائيل ومن ثم أوروبا بدعم أميركي، في ظل تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتي يتخوف من اتساع نطاقها لتنخطر فيها أطرافاً أخرى في المنطقة.

إلا أن هذه الحرب تبدو في نظر محللين مرتبطة بمساعٍ إسرائيلية لتمرير المشروع عبر إفراغ غزة من سكانها، باعتبار أن المقاومة الفلسطينية أصبحت عائقاً أمام هذا الممر.

ومشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا هو مبادرة تهدف إلى ربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط، بما يخفض التكاليف اللوجستية للنقل، ويعزز فرص التنمية في المنطقة التي يشملها.

ويتكون المشروع من ممرين: هما الممر الشرقي ويربط الهند بدول الخليج العربي، والممر الشمالي الذي يربط دول الخليج، خاصة السعودية والإمارات، بأوروبا عبر الأردن وإسرائيل.

ويتمحور المشروع حول إنشاء خطوط للسكك الحديدية، وربط الموانئ البحرية، لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل مرور البضائع، ويهدف إلى تيسير عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط أنابيب، من أجل تعزيز أمن الطاقة، ودعم جهود تطوير الطاقة النظيفة، إضافة إلى تنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية.

وتدعم المشروع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتشارك فيه دول عدة بينها، الهند، والإمارات، والسعودية، والأردن، وإسرائيل. وقد اتفق قادة هذه الدول على التوصل إلى "خطة عمل" خلال 60 يوماً منذ إعلان المشروع في سبتمبر/أيلول الماضي.

يقول الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي لـ"العربي الجديد"، إن الأسباب الحقيقية للحرب على غزة هو إفراغها من سكانها، وهو هدف استراتيجي واقتصادي للاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى إلى تأمين مشروع الممر بين الهند وأوروبا، مضيفاً أنه من المقرر أن يعبر الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ويسير في مسار ضيق بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وسيكون في أفضل الأحوال بعيداً قرابة 25 كيلومتراً فقط عن قطاع غزة الذي تتمركز فيه المقاومة المسلحة، وبالتالي الطريق سيكون تحت رحمة المقاومة.

كما أن احتياطات الغاز المتوفرة في حقل "مارين" قبالة غزة، الذي يتبع المياه الإقليمية الفلسطينية، وحقل "أور"، الذي يقع بين الحدود البحرية لغزة والاحتلال، ستكون أيضاً في مرمى نيران المقاومة المحتملة، بحسب الشوبكي.

ويرى الخبير الاقتصادي أن الممر المخطط له ليس مجرد طريق لنقل الشحن البري، بل هو أيضاً مسار للسكك الحديدية، بالإضافة إلى أنابيب نفط وغاز وهيدروجين وشبكة ضوئية لنقل البيانات والإنترنت.

ويلفت الشوبكي إلى أن المشروع كما هو مهم للهند ودول خليجية تتصدرها الإمارات مهم أيضاً للغرب، إذ ستعتمد عليها الولايات المتحدة لمواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية، ما يقوض مساعي بكين لتوسيع نفوذها العالمي والسيطرة على مواقع الاقتصادية المهمة في العالم، لذا فإن "إزالة المقاومة من غزة باتت أحد المتطلبات الأمنية لتنفيذ هذا الطريق، وهذا ما تستهدفه إسرائيل بجيشها الآن".

ويشير الشوبكي إلى اهتمام الإمارات بالممر كونها "تسعى إلى زيادة التبادل التجاري مع إسرائيل بشكل كبير، وهي منفذ الخليج للبضائع الإسرائيلية.. كذلك ترتبط بعلاقات جيدة مع الهند، وبالتالي سعيها حثيث لزيادة نفوذها الاقتصادي في المنطقة".

موافقة سعودية على مضض

في المقابل، يرى الشوبكي أن السعودية "ربما وافقت على مشروع الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا على مضض"؛ لأنها تعرف بأن هناك نفوذاً أكبر للإمارات عند تنفيذ هذا الطريق في المستقبل، باعتبارها ستكون وجهة استقبال البضائع من الهند.

بدوره، يشير الخبير في الاقتصاد السياسي، نهاد إسماعيل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن مراكز الدراسات الاستراتيجية في الهند ترى أن الصراع القائم بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل من شأنه أن يهدد مشروع الممر الاقتصادي أو على الأقل يعرقل الجدول الزمني لتنفيذه، لافتاً إلى أن "نقطة الجدل تتركز حول احتمال استمرار الحرب لشهور دون التوصل إلى اتفاق".

فالهند تسعى إلى تطوير تكامل اقتصادي بين آسيا والخليج العربي وأوروبا، ومشروع بهذا الحجم يحتاج إلى مناخ من الاستقرار السياسي والأمني بالمنطقة وانسجام بين الدول المشاركة في المشروع، بحسب إسماعيل.

المساهمون