ضياء الكحلوت: حكاوي لم تنته بعد

09 ديسمبر 2023
ضياء الكحلوت مراسل "العربي الجديد" في غزة (العربي الجديد)
+ الخط -

ترك غزة وقلبه معلق بها ليأتي إلى مكتب صحيفة "العربي الجديد" في العاصمة القطرية الدوحة منذ شهور ليواصل عطاءه الصحافي في مكتبه المجاور لنا في صالة التحرير.

فهو لم يكن مراسلا عاديا للجريدة، بل كان صحافيا يمتلك كل أدوات العمل عن جدارة ومعها يملك كل أدوات الإنسانية.. يجيد المهنة ويعشقها.. كتاباته وتقارير المراسلين الذين كان يديرهم مميزة، فهي تشرح معاناة الناس المعيشية والإنسانية في غزة وتطلعاتهم وآمالهم ومطالبهم وآراءهم بكل بساطة وبعبارات رشيقة ودقيقة في الوقت نفسه.

إنه الصحافي ضياء الكحلوت الذي جاء لنا على عجل ثم عاد إلى غزة على عجل. جلس معنا فترة بسيطة في المكتب الرئيسي للصحيفة فكان لي شرف العشرة الطيبة معه.

حوارات كثيرة دارت معه كان معظمها يدور حول غزة وأزماتها المعيشية ومستقبل نضالها ضد الاحتلال الإسرائيلي وآفاق القضية الفلسطينية وهموم المنطقة وأحلامنا في تحرير الأوطان.

كنا نتحدث عن حياتنا الشخصية أحيانا كثيرة وماذا نريد لأبنائنا.. وعن بيئة العمل في الجريدة وغيرها من الموضوعات والحكاوي التي لا تنتهي. وفجأة وبعد أسابيع معدودة أعرب عن عدم قدرته على ترك غزة فروحه معلقة بها.

كان يقول لي إن غزة جميلة، فلا توجد مدينة مثلها في العالم.. كان يحكي عن مآسي الناس بعد كل عدوان للاحتلال.. وأحلام الناس في بناء ما تهدمه إسرائيل.. كان يحكي عن وطن يحب الحياة رغم الحصار الممتد لسنوات والصعوبات المعيشية والإنسانية للناس في القطاع.

وفي أحد الأيام استيقظنا لنجد ضياء سافر إلى محبوبته غزة ليعيش هناك مرة أخرى ويمارس مهنة المتاعب من قلب الحدث.

لم يصمد طويلا في الغربة، فهو فلسطيني حتى النخاع. إنسان جميل لا يحمل حقدا على أحد. كل من حوله يحبونه، ولمَ لا وهو ذلك الشخص الخلوق والمهني المتميز والصديق الأمين والرجل الشهم.

ذهب إلى غزة ليمسك بالقلم مجددا من هناك ويكتب ويرصد ويحلل ويحكي عن غزة وأهل غزة وجمال غزة وأفراح غزة وبكاء غزة.

وها نحن الآن الذين نحكي عنك يا ضياء، ننادي بحريتك من سجون الاحتلال، نواصل مسيرتك في الدفاع عن قضيتك وقضيتنا وقضية الأمة كلها غزة وفلسطين.

ننتظر خروجك قريبا جدا من الاعتقال مع انتصار نتمناه على ذلك العدو الحقير الذي لا يعرف إلا الخسة والنذالة.

نعم نترقب عودتك إلينا مع نحو 45 صحافيا فلسطينيا في سجون الاحتلال لنواصل حكاوينا التي لم تنته بعد.

المساهمون