ضعف التعويضات يفاقم معيشة متضرري الجائحة في غزة

18 فبراير 2021
ركود واسع في الأسواق بسبب الجائحة الصحية (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -

تتراكم الضغوط على الفلسطيني نُهيل زيارة، من حي الزيتون جنوبي مدينة غزة، ويعمل في جمع البلاستيك، بعد تدهور أوضاعه الاقتصادية، بفعل التأثيرات السلبية لجائحة كورونا، والتي عصفت بالقطاع منذ قرابة العام.
وساهم عدم حصول "زيارة" وغيره من مُتضرري جائحة كورونا على أي مساعدات مالية أو إغاثية أو غذائية، في زيادة معاناتهم، والتي تضاعفت بفعل زيادة حجم الخسائر نتيجة حظر التجول والإغلاق، للحد من تفشي فيروس كورونا بين المواطنين، والذي انتهى مؤخراً.
ولم يساهم تخفيف إجراءات الحظر، الذي أعلنت عنه مؤخرًا وزارة الداخلية في قطاع غزة، في الحد من مضاعفات التأثيرات السلبية والخسائر التي لحقت بعدد من القطاعات، وعلى وجه التحديد الذين تضرروا ولم تدرج أسماؤهم على أي من قوائم المساعدات.
وبداية فبراير/شباط الجاري، تم تخفيف إجراءات الإغلاق، في ظل انخفاض أعداد الإصابات، حسب البيانات الرسمية.
وأثرت جائحة كورونا على كافة مفاصل الحياة في قطاع غزة بشكل عام، فيما تضاعف تأثيرها على عدة قطاعات، ومن بينها الإنشاءات، الصيد، رياض الأطفال، المؤسسات الخاصة، المشاريع الخاصة، وأصحاب المهن الحرة كالسائقين والباعة المتجولين والباعة في الأسواق الأسبوعية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويقول زيارة، لـ "العربي الجديد"، إن الحالة العامة التي فرضها فيروس كورونا، أثرت على قدرته على توفير الاحتياجات اليومية لأسرته، متعددة الطلبات، إذ تضم أطفالًا صغارا وفتية، تختلف متطلباتهم، مضيفًا: "بتُ غير قادر على توفير الـ 20 شيكل، التي كنت بالكاد أستطيع توفيرها قبل الأزمة". (الدولار يساوي 3.3 شيكلات تقريبا).
ويبين المواطن الفلسطيني أنه على الرغم من صعوبة الأحوال الاقتصادية، وبيته المُتهالك، والذي لا يصلح "للعيش الآدمي"، إلا أنه لا يحصل على أي مساعدات نقدية، أو إغاثية، أو أي من المواد الغذائية، داعيًا الجهات المعنية إلى إغاثته وأسرته، التي لم يعد قادرًا على توفير أدنى احتياجاتها.
إلى الغرب من مدينة غزة، وفي مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين تحديدًا، أغلق الفلسطيني محمد تاية، بوابة بقالته الصغيرة، نتيجة تراكم الديون عليه، وعدم قدرته على مواصلة العمل، بفعل الظروف العامة التي ازدادت سوءًا مع حلول أزمة كورونا، فيما لم يحصل سوى على مائة دولار صرفت لمرة واحدة للعُمال والمتضررين، منذ بداية الجائحة.
ويوضح تاية، أنه لم يحصل على أي قرض من المشاريع التي تعنى بالمشاريع الصغيرة، إلى جانب أنه لا يحصل على شيك الشؤون الاجتماعية، أو أي من المساعدات الأخرى، على الرغم من سوء أحواله الاقتصادية، والتي بدأت بالتفاقم منذ ما يزيد عن عشرة أعوام، إلى أن وصلت لأسوأ حالاتها منذ عام.
ولم تكن الأوضاع الاقتصادية عند السائق جمال الخور، والذي يجوب بسيارته شوارع مدينة غزة من شرقها حتى غربها، أفضل حالًا، إذ تراكمت عليه أقساط السيارة، بفعل حالة الحظر ومنع التجول، ضمن إجراءات منع تفشي فيروس كورونا في القطاع.
ويوضح الخور، وهو من حي الزيتون، أنه لم يحصل على أي تعويض نتيجة الخسائر التي لحقت به خلال الأشهر الماضية، فيما بات مُلاحقا لسداد ديونه، إلى جانب الإيفاء بالمستلزمات اليومية لأسرته الصغيرة، والتي تضم طفلًا رضيعًا.
من ناحيته؛ يؤكد رئيس اتحاد العمال في قطاع غزة، سامي العمصي، أن جائحة كورونا ومنذ بدايتها في القطاع في 5 مارس/آذار 2020، وبدء الحظر في نهاية أغسطس/آب، 2020، وما تلاه من إجراءات وقائية، أفرزت ما يزيد عن 140 ألف متضرر، لم يحصلوا سوى على نحو 5% إلى 10% من المُساعدات المطلوبة.

ويبين العمصي لـ "العربي الجديد" أن من يطلب تنفيذ الإجراءات، عليه تحمّل تبعاتها والتي وصلت إلى "خسائر بالملايين"، إلى جانب تفاقم نسب البطالة إلى 70%، ونسب الفقر إلى 80%.

فيما تعطل نحو 20 ألف سائق، وخمسة آلاف من عُمال الفنادق والمطاعم، كذلك 21 ألفاً من عُمال الصناعات الفلسطينية، و4 آلاف عاملة في رياض الأطفال، إلى جانب تعطل 35 ألفاً من عمال الإنشاءات، و15 ألفاً من عمال الزراعة، وغيرهم من العاملين في قطاع الصيد والأعمال الحُرة.
ويوضح العمصي أن ما تم تقديمه للعُمال، بدأ بمائة دولار من وزارة العمل لـ 10 آلاف عامل، تلتها 100 دولار أخرى ضمن المنحة القطرية ولمرة واحدة. فيما قدم صندوق وقفة عز 40 ألف مساعدة، كان من بينها 5 آلاف مساعدة لعُمال قطاع غزة، إلى جانب منحة البنك الدولي لـ 66 ألف عامل، خُصص منها 6 آلاف لعُمال غزة، تم تقسيمها على 6 مراحل، يستلم خلالها 1000 مستفيد شهريًا، وقد بدأ الصرف في شهر ديسمبر/كانون الأول 2020.
وينوه رئيس اتحاد العمال في قطاع غزة إلى أنّ المُساعدات المقدمة لا ترقى إلى مستوى الأزمة، خاصة أن الضرر وصل إلى عشرات آلاف الأسر، التي تعيش على عملها اليومي. مبيناً أن نحو 95% من عُمال قطاع غزة يعملون بعقود يومية، بمعنى أنهم لا يحصلون على أي قرش، في حال تعطلهم عن العمل، تحت أي ظرف من الظروف.
ويعيش في قطاع غزة ما يزيد عن مليوني فلسطيني، يعانون أوضاعا اقتصادية ومعيشية متردية، جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ عام 2006. وخلال عام 2020، ارتفعت نسبة البطالة في غزة إلى 49 في المائة، فيما قفزت معدلات الفقر في ذات العام إلى 56 في المائة، وسط استمرار الحصار، بحسب "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" (مقره جنيف).

المساهمون