نشبت أزمة بين مزودي الكهرباء من القطاع الخاص والمشتركين بعد صدور قرار من حكومة النظام السوري بتحديد أسعار مبيع الكيلو واط الساعي للأمبيرات في دمشق وريفها قبل أيام.
وأدت الأزمة التي تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية إلى إيقاف تزويد مناطق من المشتركين بكهرباء الأمبيرات أو التقنين عن مناطق أخرى لساعات طويلة.
وطاولت هذه الانقطاعات العديد من المشاريع الإنتاجية والفعاليات الحرفية، إضافة إلى قطاع كبير من الأهالي المشتركين في دمشق وريفها.
والأمبيرات هي الكهرباء التي يقوم القطاع الخاص بتوليدها وبيعها لمشتركين، في ظل انقطاع الكهرباء الحكومية شبه الدائم.
وكان قرار المحافظة الجديد قد رفع فعلياً سعر مبيع الكيلو واط الساعي من 5200 ليرة سورية إلى 7500 ليرة، وأردفه بشروط تسجيل الترخيص الإداري خلال أسبوع من تاريخ القرار، وعقوبات على مخالفات البيع بغير التسعيرة الجديدة.
وأغلقت محافظة ريف دمشق أكثر من مركز في ريف دمشق، كان آخرها في بلدة صحنايا جنوبيّ دمشق.
اعتراض أصحاب الأمبيرات
ورفض أصحاب الأمبيرات والمستثمرون القيود الجديدة والتسعيرة، معتبرين أنها "غير مدروسة ولا تحقق الحد الأدنى من التكاليف"، وأضافوا أن القرارات لم تدرس تكاليف صرف الزيت المستهلك شهرياً والارتفاعات المتلاحقة لسعر المازوت، بالإضافة إلى الاستهلاك المجاني للعديد من المراكز الحكومية والأمنية والمسؤولين والضباط في قطاعات التغذية.
وأشاروا إلى تقديمهم الكهرباء مجاناً إلى دوائر حكومية وخدمية عامة بنسبة 17%، وعائلات قتلى الحرب والجرحى بنسبة 3% من إنتاج كل مركز تغذية كهربائية، وأكدوا أن ذلك أدى إلى محافظة معظمهم على أسعار المبيع بالسعر الحر، التي تراوح بين 10 آلاف ليرة للكيلو واط الساعي كما في مناطق مثل أسواق دمشق وحرستا، و13 ألف ليرة كما في أحياء وبلدات القزاز وببيلا جنوب دمشق، أو أوقفوا تزويد المشتركين.
وكانت أزمة ملكية الأمبيرات وعائداتها قد بدأت قبل أشهر حين أصدر مجلس الوزراء تعميما في 20 يونيو/ حزيران 2023 بمنع الأمبيرات وإحالة المخالفين إلى القضاء لينالوا عقوبة بالحبس تراوح بين سنة وثلاث سنوات، أو بغرامة مالية تبدأ من مليونَي ليرة، وتصل إلى 4 ملايين، أو كلتا العقوبتين معاً.
وبعد ضغط أصحاب الأمبيرات، تراجع المجلس ليعدّل التعميم، على أن المقصود به مَن يبيع الطاقة الكهربائية المولدة من مجموعات الديزل والبيع للمواطنين "الأمبيرات" دون إذن من الوحدة الإدارية والمحافظ ودون أسس ومعايير معتمدة.
صراع على سوق بيع الكهرباء
وقال أحد أصحاب الأمبيرات في دمشق، رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، لـ"العربي الجديد"، إنها مشكلة بين طرفي نزاع على امتلاك أسواق بيع الطاقة الكهربائية الأمبيرات، طرفاها المستثمرون، ومعظمهم من ضباط الفرقة الرابعة، مقابل مسؤولين كبار في الدولة والواجهة لهم، الإدارة المحلية والمحافظ.
ويضيف: "أما هذا النزاع، فهو في أساسه على إرث أبو علي خضر، الذي يملك أسطولاً من المولدات للطاقة في دمشق وريفها، وذلك منذ أن استحوذ على عقد مع وزارة الإدارة المحلية في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، لتأجير الأمبيرات في دمشق وريفها".
فيما يقول أحد المواطنين من مدينة جرمانا بريف دمشق لـ"العربي الجديد": "يُخطئ من يعتقد أن خلافاً على هذه الملكية بين المحافظة ومَن خلفها وبين المستثمرين ومَن خلفهم، فهم في النتيجة طرف واحد". وأضاف أن "المشكلة الحالية لا تطاول إلا بعض رجال الأعمال المستثمرين في هذا المجال وأصحاب الأمبيرات من تجار وصناعيين غير مدعومين".
وأشار المواطن مدحت، الذي طلب الإشارة إلى اسمه الأول فقط، إلى أن الهدف من ذلك "إضافة إلى الربح، التحكم في مستقبل التغذية الكهربائية الخاصة وربطها لاحقاً مع شبكات مؤسسة الكهرباء العامة".
وأكد أن ذلك "واضح لدى العديد من أصحاب الأمبيرات المدعومين من الدولة، من خلال إمكانية استخدامهم لجزء محدود من شبكات الدولة في إيصال الأمبيرات للمشترك، وسرقة خطوط الكهرباء العامة المعفاة من التقنين". وقال إن "هذا الأمر بدا واضحاً من خلال عروض البيع لبعض هذه المنشآت أو عروض الشراكة مع أحد المدعومين".
فيما تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي أخبار الخلاف بين الفرقة الرابعة التي يتحكم العديد من ضباطها بمنشآت الطاقة المغذية، وبين أشخاص في القصر الجمهوري على خلفية تعميم أسعار بيع الأمبيرات.
ويرى المعلقون على هذه المنشورات أن هذا الخلاف يوحي بإطالة أمد الحل الجذري لمشكلة الكهرباء، وأن هذه المشاريع الخاصة بالتغذية ستوصل واقع الكهرباء في سورية عموماً إلى الخصخصة والعمل التنافسي بين قطاع الأمبيرات والمؤسسة العامة للكهرباء.