استمع إلى الملخص
- **توقعات نمو متراجعة**: خفضت بنوك الاستثمار العالمية توقعاتها لنمو الاقتصاد الإسرائيلي لعام 2024، حيث توقع جيه بي مورغان 1.4% وغولدمان ساكس 0.8%، مشيرة إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي واعتماده على الإنفاق الحكومي.
- **مخاطر العجز والتضخم**: يعاني الاقتصاد من عجز في الميزانية بنسبة 8.1%، متوقع أن يصل إلى 9%، وتضخم بنسبة 3.2%. انخفضت الاستثمارات في التكنولوجيا الفائقة بنسبة 17%، مما يثير مخاوف من أزمة ديون مشابهة للأرجنتين أو اليونان.
لم يمر الاقتصاد الإسرائيلي بمرحلة كالتي يواجهها منذ بدء الحرب على غزة. وعلى الرغم من أنه مسنود بمليارات الدولارات من المساعدات الخارجية خاصة الأميركية منها، إلا أن الخلل الذي أصاب بنية الاقتصاد يزداد عمقاً، ويمتد قلقاً واسعاً مدعوماً بمؤشرات تنحو بغالبيتها نحو السلبية.
والأزمة السائدة حالياً هي مزيج من تداعيات الحرب على القطاعات من جهة و"سياسات تدميرية اتبعها كل من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير ماليته بتسلئيل سموتريش" بحسب تعبير موقع "كالكاليست" الإسرائيلي، حيث يسود عجز ضخم، وهروب المستثمرين، وعدم وجود محركات نمو لجلب الأموال، وارتفاع الأسعار، وصولاً إلى عدم القدرة على السفر إلى الخارج.
وفي تأكيد الأزمة، عانى الاقتصاد الإسرائيلي أكبر تباطؤ في الفترة من إبريل/ نيسان إلى يونيو/ حزيران بين 38 دولةً أعضاءً في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). حيث قالت المنظمة إن إسرائيل "شهدت أكبر تباطؤ مع انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي على أساس ربع سنوي من 4.1% في الربع الأول إلى 0.3% في الربع الثاني".
وفي الوقت نفسه، قالت المنظمة إن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ظل من دون تغيير في الربع الثاني من عام 2024، عند 0.5%.
كذا، عبرت بنوك الاستثمار العالمية الكبرى عن قلقها أخيراً، مثيرة الشكوك حول قدرة الحكومة الإسرائيلية على تصحيح وضعها المالي، إذ خفض أكبر بنك استثماري في العالم، جيه بي مورغان، توقعات نمو الاقتصاد الإسرائيلي إلى 1.4% مرتين خلال أسبوعين، لتبين أن بنكي الاستثمار غولدمان ساكس ومورغان ستانلي يتفقان أيضاً مع هذا التوجه، حيث قرر العملاقان الماليان خفض توقعات النمو لعام 2024 بصورة أكثر حدة من جي بي مورغان.
وأوضح مورغان ستانلي، الذي خفض توقعات النمو للعام من 1.7 إلى 1.3% فقط أن "النشاط الاقتصادي تباطأ بقوة أكبر من المتوقع في الربع الثاني من العام حيث يظل الإنفاق الحكومي هو المحرك الرئيسي للنمو ويظل التغير في الاستثمارات سلبياً".
أما غولدمان ساكس فقد خفض توقعات النمو من 1 إلى 0.8% فقط لعام 2024 بعد أن أوضح أنه "فوجىء للغاية بضعف بيانات الربع الثاني من عام 2024"، في حين تبلغ توقعات بنك إسرائيل 1.5%.
مخاطر عميقة في الاقتصاد الإسرائيلي
هذه الشكوك والمخاطر تعصف في الأروقة الاقتصادية في إسرائيل بحدة. ففي تقرير موسع وقاس نشره موقع "كالكاليست" الإسرائيلي، يقول البروفيسور آفي بن بيست الذي كان مديراً عاماً لوزارة المالية ومديراً لقسم الأبحاث في بنك إسرائيل إن "رئيس الوزراء ووزير المالية يمارسان سياسة مدمرة على الاقتصاد الإسرائيلي والإضرار به بشكل خطير، ونحن نرى النتائج بالفعل".
إذ إن العجز المحدد في الميزانية عند 6.6%، هو كبير جداً، لكن حتى هذا العجز الحكومي الكبير لا يعكس كل البيانات، لأنه لا يشمل في الحساب تعويضات الأسر والشركات من صندوق التعويضات (بسبب الحرب)، ولا العجز في التأمين الوطني. وإضافة هذه الأرقام، تزيد كثيراً من حجم العجز.
وعملياً ارتفع العجز في يوليو/ تموز إلى 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي، ويقدر بن بيست أنه "سيصل إلى 9%". أما التضخم فهو يبلغ الآن 3.2%، وهو أعلى من السقف البالغ 3%. فيما نمو الاقتصاد في الربع الثاني من عام 2024 كان 1.2% فقط، ومعدل النمو السكاني 2%، مما يعني أن المستوى المعيشي للإسرائيليين يتقلص أيضاً".
أما حول وضعية الاقتصاد ما بعد الحرب فإن الاستثمارات هي أهم أساس للنمو الاقتصادي، وقد انخفضت في الربع الثاني بنسبة 17% مقارنة بالربع المقابل من العام الماضي، وهذا مؤشر يعتبره بن بيست أنه "أمر خطير للغاية"، علاوة على ذلك، انخفضت الاستثمارات في مجال التكنولوجيا الفائقة، ويضيف أن "المشكلة أن النمو، المنخفض أساساً، معظمه يأتي من الإنفاق الحكومي، الذي يزيد بسبب الحرب وبسبب الرغبة في تحسين وضع مجموعتين: المتدينين والمستوطنين".
وسيناريو الذعر في إسرائيل بدأ فعلياً في التكوّن، حيث إن "أزمة الديون، يمكن أن تسحقنا بطريقة سنشعر بها جميعاً" وفق ياني سبيتزر الأستاذ في الجامعة العبرية وهو خبير في التاريخ الاقتصادي والاقتصاد التجريبي والهجرة، إذ إن الدين الذي يخرج عن نطاق السيطرة سيقود إلى وضع مماثل للأرجنتين أو اليونان، في حال تفاقمت الحرب أو استمرت لفترة أطول بكثير مما هو مخطط له، وسط إنفاق مئات المليارات من الشواكل الإضافية.
وفي موازاة هذه المؤشرات، تتصاعد الخلافات بين السلطات المالية في إسرائيل، حيث وجه وزير المالية سموتريتش رسالة إلى مفوض الميزانيات يوغيف غرادوس، قال فيها: "ما دامت لا تتفق مع سياستي الاقتصادية وتعتقد أنك تواجه صعوبة في تنفيذها، فمرحباً بك في التنحي. وإن بقيت مستمراً في منصبك، فأنت تابع لي وستتبع سياساتي وتعليماتي".
يأتي هذا الصدام في أعقاب مطالبة سموتريتش لغرادوس بتنظيم "بند خارج الميزانية" لتمويل تعويضات النازحين من الشمال، في حين يصر غرادوس على أن ميزانية 2024 قد تم تحديدها بالفعل، ولإجراء تغييرات بأثر رجعي، يجب خفض بنود الميزانية الأخرى.
والصدام العلني بين سموتريتش وغرادوس "غير عادي إلى حد كبير"، وفقاً لموقع "غلوبس" الإسرائيلي، إذ إن التخبط المالي الكبير بدأ يترجم المؤشرات الاقتصادية الهابطة والسياسات الحكومية المتبعة بأزمات تطاول آليات اتخاذ القرار.