سورية... تكدس الشاحنات بسبب إغلاق معبر نصيب

08 ديسمبر 2024
معبر جابر الحدودي (نصيب) في 7 ديسمبر 2024(فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أدى إغلاق معبر نصيب الحدودي بين سورية والأردن إلى توقف حركة الشاحنات والبضائع، مما أثر سلباً على قطاع النقل والتجارة، حيث توقفت 120 مركبة سورية و300 شاحنة بانتظار التخليص.
- سمح القرار للأردنيين بالعودة، مع توقعات بإعادة فتح المعبر قريباً بعد التواصل بين الفعاليات التجارية والمسؤولين، وتم الاتفاق على دخول الشاحنات غير الأردنية بعد تفتيش أمني.
- يعتبر معبر نصيب حيوياً، حيث أدى إغلاقه إلى خسائر اقتصادية كبيرة، تقدر بنحو 13 مليون ليرة سورية يومياً، و2.5 مليون دولار للبنان، و800 مليون دولار سنوياً للأردن.

أدى إغلاق معبر نصيب الحدودي بين سورية والأردن، إلى توقف أرتال من شاحنات نقل الخضر والفواكه والبضائع على طرفي الحدود بين البلدين، وجاء ذلك بعد إعلان عمّان، الجمعة الماضية، إغلاق المعبر "بسبب الظروف الأمنية". وكانت فصائل المعارضة السورية قد سيطرت يوم الجمعة الماضي، على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، بعد مواجهات مع قوات جيش بشار الأسد، ما دفع السلطات الأردنية إلى إصدار قرار بإغلاقه، وفق إعلان وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية.

وسمح القرار للأردنيين والشاحنات الأردنية بالعودة إلى أراضي المملكة، مع منع حركة المرور للمغادرين إلى الأراضي السورية. وحول مصير الشاحنات، وحركة التجارة والعبور، يؤكد العامل في القطاع التجاري من محافظة درعا، جنوبي سورية، علي الفاعوري، أن "الأمر بحاجة لبعض الوقت وقد لا يطول"، خاصة بعد أن كلف القائد العام لإدارة العمليات للمعارضة المسلحة، أحمد الشرع، رئيس حكومة النظام المخلوع، محمد غازي الجلالي، بتسيير الحكومة، ما يعني إعادة العمل للمعبر والتفاهم مع الجانب الأردني لفتح المعبر. 

ويضيف الفاعوري خلال اتصال مع "العربي الجديد" أن بعض الفعاليات التجارية وأصحاب الشاحنات بدأت التواصل أمس الأحد مع المسؤولين من أجل إعادة فتح المعبر، وربما يحل الموضوع قريباً. في السياق، يقول نقيب شركات التخليص والنقل في الأردن، ضيف الله أبو عاقولة، إن إمكانية عودة الشاحنات من سورية إلى الأردن، متوقفة إلى حين صدور تعليمات جديدة بهذا الشأن. 

وأضاف خلال تصريحات صحافية، أمس، أنه اتفق مع الجهات المعنية على السماح للشاحنات غير الأردنية والبضائع السورية العالقة بالدخول إلى الأراضي الأردنية بعد خضوعها لإجراءات تفتيش لدواع أمنية، وإنجاز أي بيانات جمركية عالقة لها، مع ترك الخيار لها إما عودتها إلى المصدر وإما التخزين في المنطقة الحرة. 

وبحسب أبو عاقولة، يبلغ عدد المركبات السورية المحملة بالبضائع في المنطقة الحرة السورية المشتركة، قرابة 120 مركبة، فضلاً عن حمولة مفرغة لنحو 300 شاحنة بانتظار تخليصها وإنجاز بياناتها الجمركية خلال اليومين المقبلين لإجراء تنظيم إلى مقصدها أو إدخالها في المنطقة الحرة، إلى حين انتهاء التطورات الراهنة. وأكد وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، خلال تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) يوم الجمعة الماضي، أن "الأردن يتابع التطورات الجارية في سورية، بينما تستمر القوات المسلحة بتأمين الحدود" البالغة نحو 375 كيلومتراً. 

ومعبر نصيب (معبر جابر بحسب تسمية الجانب الأردني)، افتتح عام 1997، بثلاثة مسارات منفصلة "الأول للمسافرين القادمين، والثاني للمغادرين بمركباتهم الخاصة أو وسائط النقل العمومية، وثالث مخصص للشاحنات القادمة والمغادرة" والذي تحاذيه منطقة حرة سورية أردنية مشتركة، ويعد نصيب أحد أهم المعابر الحدودية في الشرق الأوسط بفضل ربطه الأسواق العربية بالقارة الأوروبية ووصول السلع براً إلى الخليج العربي، ما جعل من سورية منفذاً استراتيجياً مهماً على صعيد خطوط التجارة. 

ونظراً إلى دور المعبر وأهميته، اعتمدت سورية والأردن ولبنان على "نظام إقليم نقل موحد" لتسهيل الحركة التجارية بينها ومضاعفتها، حيث تم توقيع بروتوكولات تخدم هذا الغرض باعتماد حمولات محورية موحدة، إضافة إلى اعتماد وثيقة نقل مشتركة ودفتر المرور والمكث المؤقت للمركبات على اختلاف أنواعها، مما سهل كثيراً حركة وسائط النقل بينها. 

يرى العامل السابق في وزارة الاقتصاد السورية، خضر الشعراني، أن دور المعبر وأهميته، كشفهما إغلاقه في إبريل/ نيسان، عام 2015 وأدى إلى تراجع التجارة وشلل العبور، حتى إعادة فتحه في 7 يوليو/تموز 2018، ثم تم إغلاق المعبر خلال وباء كورونا قبل أن يعاد افتتاحه ثم إغلاقه مؤخراً. 

وحول الخسائر اليومية التي تمنى بها الدول الثلاث، يقدر الشعراني خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن خسائر الاقتصاد السوري، تجارة وتصديراً ورسوم عبور من الشاحنات اللبنانية، تقدر بنحو 13 مليون ليرة سورية يومياً، في حين تصل خسائر لبنان، لأن سورية المنفذ الوحيد البري لها، بنحو 2.5 مليون دولار يومياً، وخسائر الاقتصاد الأردني بنحو 800 مليون دولار سنوياً. 

وبيّن أن العائدات التي خسرتها سورية والأردن كانت جراء الضرائب والرسوم التي يتم تحصيلها على عبور الأشخاص والبضائع، والضرائب والرسوم غير مباشرة المتأتية من تجارة الترانزيت، وهو ما لا يتحقق في لبنان. يقول الاقتصادي السوري، المنحدر من مدينة درعا حيث معبر نصيب مع الأردن، عماد الدين المصبح، إن التجارة بين سورية والأردن تراجعت منذ مطلع الثورة، إذ تشير أرقام الصادرات السورية إلى تراجعها في عام 2012 عما كانت عليه عام 2010 من نحو 8 مليارات دولار إلى أقل من ملياري دولار. 

ولكن، يضيف المصبح لـ"العربي الجديد" أن الأثر الكبير والخسائر تجلت خلال إغلاق المعبر بشكل كامل عام 2015، وقت سيطر الثوار على المعبر وأغلقته المملكة الأردنية الهاشمية، لتتراجع الصادرات خلال عام 2015 إلى أقل من 800 مليون دولار. 

وحول أثر إغلاق معبر نصيب على وفرة المنتجات بالأسواق السورية التي ارتفعت وفق مصادر بأكثر من 60% خلال اليومين الأخيرين، يشير المصبح إلى أن الأثر سيكون كبيراً، خاصة في مدن جنوبي سورية (دمشق، درعا، السويداء)، ولكن المعابر مع تركيا "على الأرجح" ستسد حاجة السوق بالسلع والمنتجات، ريثما يتم ترتيب "البيت الداخلي السوري وفق المعطيات الجديدة ويعاد فتح المعابر". 

وكانت حركة التجارة وعبور الشاحنات، بين سورية والأردن، قد تراجعت خلال العام الجاري بسبب استمرار تهريب المخدرات ضمن الشحنات الغذائية القادمة من سورية ولبنان، إلى الخليج عبر الأردن، بعد تشدد الجمارك الأردنية بالتفتيش، الأمر الذي قد يحتاج أسبوعاً لتعبر الصادرات، ما يفسد الفواكه أو يضاعف سعرها بسبب نفقات إقامة الشاحنات وثمن المحروقات. 

وكان عضو لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه في سوق الهال (سورية)، محمد العقاد، قد اعترف الشهر الماضي، بما وصفه بـ"التضييق" خلال تفتيش السيارات والشاحنات على الحدود مع الأردن (معبر نصيب)، ما يؤدي إلى تلف الخضر والفواكه ويضعف قدرتها على المنافسة في الأسواق الخارجية خاصة الخليجية، كون طريق الشحن إلى الخليج يمر حصراً عبر الأردن، موضحاً أن السيارات التي تخرج من سوق الهال تتجه نحو دول الخليج والعراق فقط حالياً. 

وترتبط الأراضي السورية مع الأردنية عبر معبرين، الأول نصيب ويقع بين بلدة جابر الأردنية في محافظة المفرق وبلدة نصيب السورية في محافظة درعا، وبدأ العمل بإنشائه في 1991 وافتتاحه رسمياً عام 1997. والمعبر الثاني بين الحدود السورية الأردنية هو الرمثا، ويسمى مركز درعا الحدودي، ويعتبر من أقدم المراكز الحدودية في الأردن، وتمت سيطرة نظام بشار الأسد على كلا المعبرين، وفق اتفاق التسوية الذي فرضته روسيا مع الدول الضامنة والمعارضة عام 2018.

المساهمون