شغل رائد الأعمال الأميركي سام ألتمان الكثيرين حول العالم بتصريحاته الأخيرة حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وإمكانية أن يلعب دوراً رئيسياً في ما وصفه بإعادة تشكيل العالم، معتقداً أن ذلك الذكاء سيمحو الثورات الزراعية والصناعية والإنترنت، إذ يطمح مؤسس شركة أوبن إيه آي" OpenAI إلى تعميم الذكاء الاصطناعي في كل شيء.
تسلطت الأضواء كثيراً على ألتمان البالغ من العمر 37 عاماً، مطور روبوت المحادثة ChatGPT، الذي أثار ضجة كبيرة في الآونة الأخيرة بسبب الإمكانيات الهائلة التي يتمتع بها وقدرته على إجراء محادثة مع البشر والرد على جميع الاستفسارات والأسئلة في مجالات مختلفة، حتى وإن كانت في مجالات معقدة مثل البرمجة وكتابة الأكواد، بالإضافة إلى أمور أخرى منها تأليف قصص قصيرة أو حتى الأغاني والموسيقى.
قبل ثلاثة أعوام، قال ألتمان: "نحاول بناء ذكاء اصطناعي أكثر كفاءة من الإنسان. نبحث عن استعماله بهدف معالجة المشاكل التي يواجهها العالم"، مضيفاً: "إذا نجحنا في هذا البحث، أعتقد أنّه سيكون التحول التكنولوجي الأكثر أهمية في تاريح البشرية. أعتقد أنه سيمحو الثورة الزراعية والثورة الصناعية وثورة الإنترنت".
يرغب ألتمان في تعميم الذكاء الاصطناعي في مختلف الشركات من أجل خلق منتجات وخدمات. ويبدو قريباً في شخصيته من الملياردير الأميركي المثير للجدل إيلون ماسك، إذ يبدي قدرة كبيرة على الاشتغال على العديد من المشاريع وتقديم الوعود التي تبدو خارجة عن المألوف. قبل طرح روبوت المحادثة، عبر عن اعتقاده بأنه يمكن الوصول إلى ذكاء اصطناعي بقدرات تتفوق على الإنسان، معتبراً أنّ هذا الذكاء يمكن أن يقود البشرية نحو عالم أفضل، إذا كان بين أيدٍ أمينة.
التحق ألتمان بجامعة ستانفورد التي درس فيها علوم الكومبيوتر، لكنّه في عام 2005 غادر الجامعة قبل إتمام مساره الدراسي. وقبل أن يتجاوز عمره 19 عاماً، عمل على ابتكار تطبيق "لوبت" Loopt لتحديد المواقع الجغرافية، إذ جذب خمسة ملايين مستخدم، غير أنه عمد إلى بيعه في 2011 والتحق بحاضنة الشركات الناشئة الشهيرة في سيليكون فالي Y Combinato.
وصفته مجلة نيويوركر، في 2015، بأنه متحمس ويكره انعدام الفاعلية، ويبدي شغفاً كبيراً بالتكنولوجيا "الثورية" والمشاريع التي تنطوي على مخاطر. انخرط في العديد من الاستثمارات، من بينها شركات ناجحة في سيليكون فالي مثل Stripe. وقد سعى عبر شركة Helion Energy إلى إنتاج الطاقة النظيفة. وهو المشروع الذي يقول إنه يخصص له الكثير من الوقت بالموازاة مع OpenAI.
وساهم في تأسيس شركة Worldcoin الناشئة، التي يقول إنه يريد من ورائها "دمقرطة" تبني العملات الرقمية، حيث ترمي إلى توزيع عملات افتراضية على المئات من الآلاف من الناس عبر العالم، عبر استهداف البلدان السائرة في طريق النمو، مؤكداً أن هدفه عبر تلك العملة يتمثل في إعادة توزيع الثروة.
في عام 2015، أسس بمعية إيلون ماسك ومستثمرين آخرين OpenAI، وهي شركة لتطوير الذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها بنحو 29 مليار دولار. وما زالت الشركة لا تدر إيرادات وأرباحاً، غير أنها تتطلع إلى بلوغ رقم أعمال بقيمة 200 مليون دولار في العام الحالي، قبل رفعه إلى حوالي مليار دولار العام المقبل 2024.
كما صنفته مجلة فوربس الأميركية في 2015 أنه أهم مستثمر تحت عمر الثلاثين، كما صنفته مجلة "بيزنس ويك" في 2008 بأنه أفضل رائد أعمال شاب في مجال التقنية. ويعتبر ستيفان ناشي، الإعلامي المتخصص في الذكاء الاصطناعي، أنّ ما يميز ألتمان هو تمكنه من تقديم توليفة من التكنولوجيا القائمة على شكل منتج جاهز قابل للاستعمال من قبل الجمهور، الذي يقف على فوائد الذكاء الاصطناعي الذي سيتطور في الأعوام المقبلة.
لم تسلم شركته من الانتقاد. فقد توصلت مجلة تايم الأميركية إلى أنّ الشركة وظفت عمالاً كينيين حصلوا على أجر يقل عن دولارين في الساعة. وهو ما يخدش صورة رجل أعمال يدافع عن تحقيق نوع من الإنصاف عبر الذكاء الاصطناعي.