زيادات جديدة لفواتير الكهرباء في باكستان استجابة لصندوق النقد

28 يوليو 2023
من احتجاج في لاهور على انقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار (فرانس برس)
+ الخط -

تندفع الحكومة الباكستانية نحو تطبيق قرارات متتالية لزيادة أسعار الطاقة وتحصيل المزيد من الموارد المالية في سباق مع الزمن لتطبيق اشتراطات صندوق النقد الدولي للموافقة على إنقاذ مالي زهيد، بينما تتصاعد موجات الغلاء الأمر، الذي دفع أصحاب الأعمال إلى التحذير من تداعيات تلك القرارات المتسارعة على القطاعات الإنتاجية وتسببها في إغلاقها وزيادة أعباء المواطنين.

وسمح منظم الطاقة لشركات التوزيع، الأربعاء، بفرض زيادات بأثر رجعي على فواتير الكهرباء عن استهلاك شهر يونيو/حزيران الماضي، وتحصيلها اعتباراً من فاتورة أغسطس/آب المقبل، لجمع نحو 29 مليار روبية (101.2 مليون دولار) من المستهلكين، مبررا ذلك بمواجهة تكاليف الوقود المستخدم في إنتاج الكهرباء.

تأتي الزيادة الجديدة بعد أيام من إقرار زيادة أخرى على تعرفة استهلاك الكهرباء لتحصيل 3.28 تريليونات روبية خلال العام المالي الحالي الذي بدأ في الأول من يوليو/تموز الجاري. وفي وقت سابق من يوليو/تموز الجاري، رفعت هيئة تنظيم الطاقة متوسط تعرفة الكهرباء بحوالي 7.5 روبيات لكل وحدة (ما يعادل كيلوواطاً في الساعة).

وحذر مستثمرون قادة منظمات تجارية وصناعية من أن زيادة أسعار الطاقة بشكل متسارع ستؤدي إلى توقف الأنشطة الصناعية والتصديرية. وقال رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة الباكستانية عرفان إقبال شيخ، إن منتجات بلاده أصبحت بالفعل غير قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية بسبب التكلفة المرتفعة لممارسة الأعمال التجارية.

وأضاف إقبال، وفق ما نقلته صحيفة داون الباكستانية، أمس، أنه بدلاً من تحميل مستهلكي الطاقة الذين يدفعون الفواتير بانتظام أعباء إضافية، تحتاج الحكومة إلى الحد من سرقة الكهرباء وخسائر خطوط الكهرباء التي من شأنها سد التسربات من النظام وتحقيق إيرادات.

وتابع: "بصفتي رئيساً لاتحاد غرف التجارة والصناعة، أتعرض لضغط هائل من جميع الهيئات التجارية والجمعيات والغرف والقطاعات البالغ عددها 250 للتفاوض مع الحكومة نيابة عنها وإقناعها بالتراجع عن الزيادة الأخيرة".

وقال إقبال إن صندوق النقد الدولي نفسه اعترف أخيراً بأن باكستان لم تتلق مساعدة كافية في أعقاب الفيضانات الأكثر تدميراً في تاريخها، فلماذا لا تزال الحكومة غير قادرة على عرض قضيتها؟

وحذر من أن رفع أسعار الطاقة يمكن أن يؤدي إلى زيادة الفساد والسرقة إلى جانب دفع العديد من الناس إلى ما دون خط الفقر، مضيفا أن مجتمع الأعمال يواجه بالفعل تحديات متعددة، بما في ذلك التقلبات في سعر صرف الدولار، وتناقص الغاز والطاقة، وندرة المياه.

لكن رئيس الوزراء شهباز شريف، قال خلال مراسم توقيع اتفاقية بين شركة النفط الحكومية لجمهورية أذربيجان (سوكار) وشركة الغاز الطبيعي المسال الباكستانية، الاثنين الماضي، إن الحكومة رفعت تعرفة الكهرباء بسبب شروط صندوق النقد الدولي الصعبة، معتبرا أن الزيادة لن تؤثر على 63% من المستهلكين المحليين.

وحصلت باكستان على موافقة نهائية من المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، لتوفير تمويل بقيمة 3 مليارات دولار على مدى تسعة أشهر دعماً لبرنامج الاستقرار الاقتصادي الذي أعدته السلطات، وفقاً لبيان نُشر على موقع الصندوق الإلكتروني في 12 يوليو/تموز الجاري. وتسمح هذه الموافقة بالإفراج الفوري عن نحو 1.2 مليار دولار، بحسب البيان.

وجاء الاتفاق بعد شهور من التأجيل، بذلت خلالها الدولة الواقعة في جنوب آسيا جهوداً شاملة لتجنب تعثرها عن الوفاء بالتزاماتها المالية التي تفاقمت بسبب تردي اقتصادها وارتفاع أسعار الفائدة عالمياً.

وتحتاج باكستان إلى سداد ديون بقيمة 25 مليار دولار في العام المالي الجاري، وفق بيانات رسمية، وتزيد هذه القيمة عن خمسة أضعاف احتياطي النقد الأجنبي لديها، الذي بلغ 4.5 مليارات دولار في نهاية يونيو/حزيران.

ورغم الاتفاق على برنامج إنقاذ مالي مع صندوق النقد، تتوقع وكالتا "موديز" و"فيتش" للتصنيفات الائتمانية العالمية أن تواجه باكستان مخاطر تمويلية مستعصية.

قال كريسجانيس كروستينس، مدير قسم التصنيفات السيادية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى "فيتش": "ستطلب باكستان تمويلاً إضافياً كبيراً إلى جانب حصولها على دفعات من صندوق النقد الدولي للوفاء بآجال استحقاق ديونها وتمويل التعافي الاقتصادي".

أضاف: "في حين أن صندوق النقد الدولي سعى على الأرجح وتلقى تأكيدات بشأن تدبير التمويل، إلا أن هنالك خطراً من أن يكون غير كافٍ، لا سيما إذا اتسع عجز الحساب الجاري مرة أخرى".

كما اعتبرت جريس ليم المحللة لدى "موديز" في سنغافورة وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية، أنه"من غير المؤكد أن الحكومة الباكستانية ستكون قادرة على تأمين تمويل كامل من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار خلال تسعة أشهر من اتفاق الاستعداد الائتماني"، مشيرة إلى أن التزام الحكومة بالتنفيذ المستمر للإصلاحات سيخضع للاختبار مع اقتراب موعد الانتخابات المرتقبة في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

وحصلت باكستان سابقاً على قرض بقيمة 1.1 مليار دولار في أغسطس/آب 2022، وتوقف البرنامج بسبب إخفاق إسلام آباد في تلبية بعض الشروط. وتشمل مدفوعات سداد الديون البالغة 25 مليار دولار أصل القروض والفوائد، وهي تعادل خمسة أضعاف احتياطيات النقد الأجنبي لدى باكستان، وفق "موديز".

قالت ليم: "سيتضح إذا كانت باكستان تنخرط في برنامج آخر مع صندوق النقد الدولي بعد الانتخابات، حال الاتفاق بشأن برنامج جديد فإن قدرة باكستان ستكون محدودة للغاية للحصول على قروض من شركاء ثنائيين ومتعددي الأطراف الآخرين على أساس مستمرّ في المدى الطويل".

وأشار صندوق النقد الدولي في تقرير نُشر منتصف الشهر الجاري، إلى تضخم الدين الخارجي لباكستان، إذ بلغ 100 مليار دولار، محذراً من أن البلاد قد ستحتاج إلى هيكلة ديونها إذا لم تحقق أهداف برنامج الإنقاذ. وأفاد الصندوق، بأن المخاطر التي تهدّد القدرة على تحمُّل الديون أصبحت أكثر وضوحاً بسبب ندرة التمويل الدولي واحتياجات التمويل الكبيرة.

المساهمون