ريشي سوناك يرث اقتصاداً مأزوماً في بريطانيا

24 أكتوبر 2022
المستثمرون يأملون بأن يؤمّن سوناك استقراراً للاقتصاد (Getty)
+ الخط -

يرث رئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك اقتصادًا بريطانيًا كان في طريقه إلى الركود حتى قبل الاضطرابات الأخيرة التي أثارتها مقترحات رئيسة الوزراء المستقيلة ليز تراس.

واستقالت تراس بعدما أثارت ميزانية قدمتها حول تخفيضات ضريبية ممولة من ديون اضطرابات في الأسواق ساهمت في تراجع قيمة الجنيه الإسترليني، وتسبب ذلك في تعديل الحكومة لمعظم أجزاء ميزانيتها، بما في ذلك تقليص سقف فواتير الطاقة المرتفعة التي ساهمت بشكل كبير في أزمة تكاليف المعيشة لعشرات الملايين من البريطانيين.

وأظهرت بيانات، نُشرت الاثنين، تفاقمًا في التباطؤ الاقتصادي في تشرين الأول/أكتوبر، مع انخفاض إنتاج القطاع الخاص إلى أدنى مستوياته منذ 21 شهرًا.

وقال كبير الاقتصاديين التجاريين في "ستاندرد أند بورز غلوبال S&P Global Market Intelligence" كريس وليامسون، إن "بيانات مؤشر مديري المشتريات لشهر تشرين الأول/أكتوبر أظهرت أن وتيرة التراجع الاقتصادي تزداد بعد الاضطرابات السياسية والمالية الأخيرة في الأسواق".

وأضاف وليامسون أن "ازدياد عدم اليقين السياسي والاقتصادي تسبب بتراجع النشاط الاقتصادي إلى مستوى غير مسبوق منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2009، مع استثناء أشهر جائحة كوفيد-19".

ولفت وليامسون إلى أن البيانات المقبلة قد تُظهر أن بريطانيا في حالة ركود بالفعل.

واستقر مؤشر مديري المشتريات المركب "S&P Global/CIPS" في المملكة المتحدة عند 47.2 في تشرين الأول/أكتوبر، أي أقل من مستوى 49.1 الذي سُجّل في أيلول/سبتمبر، ويشير كلّ مستوى أدنى من 50 إلى انكماش.

غير أن المملكة المتحدة لا تعاني وحدها ركودا، فهناك أرقام منفصلة صادرة عن ستاندرد اند بورز تشير إلى "ركود وشيك" في ألمانيا التي تُعدّ الاقتصاد الأول في أوروبا.

توقعات الاستقرار مع سوناك

استقالت ليز تراس، الخميس، من منصب رئاسة الوزراء بعد 44 يومًا فقط من توليها مهامها، وكانت قد خلفت بوريس جونسون في 6 أيلول/سبتمبر بعد حملة انتخابية لتسلم رئاسة حزب المحافظين استمرت أسابيع في مواجهة سوناك.

وسبق أن حذّر سوناك، في الفترة التي تلت استقالة جونسون، من أن التخفيضات الضريبية التي وعدت بها تراس مع ارتفاع الدين الحكومي حين تدخلت الحكومة ماليًا لكبح تفشي كوفيد-19، كانت سياسة خاطئة.

وثبت أنه كان على حق، اذ أدت الميزانية التي طرحتها تراس إلى انهيار قيمة الجنيه الإسترليني إلى مستوى قياسي منخفض قريب من التكافؤ مع الدولار وتسببت بارتفاع عائدات السندات الحكومية.

ارتفعت قيمة الجنيه الإسترليني وانخفضت عائدات السندات، الاثنين، مع اعتبار سوناك عنصرا يجلب الاستقرار إلى الأسواق.

وتقول المحللة المالية لدى شركة "إي جاي بل AJ Bell" البريطانية داني هيوسن إن "المستثمرين يأملون بشكل واضح بأن يؤمّن سوناك استقرارًا للاقتصاد وللوضع السياسي رغم أنه من الصعب حاليًا تحديد أيهما المهمة الأصعب".

وتضيف "سيسعد سوناك برؤية (تراجع) أسعار الغاز الأوروبي، بالإضافة إلى تعافي الجنيه الإسترليني وانخفاض كلفة الاقتراض الحكومي (مع انخفاض العائدات)".

رغم ذلك، مع ارتفاع التضخم في المملكة المتحدة إلى أعلى مستوى له في 40 عامًا، إلى أكثر من 10%، يتوقع أن يكشف بنك إنكلترا عن زيادة كبيرة أخرى في أسعار الفائدة في اجتماع الأسبوع المقبل.

وستؤدي هذه الزيادة إلى زيادة الضغط على المقترضين، بمن فيهم أصحاب المنازل الذين شهدوا ارتفاعًا في معدلات الرهن العقاري في أعقاب إعلان حكومة تراس ميزانيتها.

ودعت المديرة العامة لغرف التجارة البريطانية شيفون هافيلاند رئيس الوزراء البريطاني الجديد إلى تقديم مساعدة للشركات التي تعاني من فواتير الطاقة الضخمة، وقالت في بيان صدر بعد تأكيد تسلّم سوناك منصب رئاسة الوزراء، الاثنين: "أضرّ الغموض السياسي والاقتصادي في الأشهر القليلة الماضية بشكل كبير بثقة الأعمال البريطانية، ويجب أن ينتهي الآن".

وأضافت "يجب أن يحكم رئيس الوزراء الجديد السيطرة على الاقتصاد في الظروف الصعبة المقبلة"، موضحة "هذا يعني وضع خطط واضحة وكاملة التكاليف للتعامل مع القضايا الكبيرة التي تواجه الشركات مثل فواتير الطاقة المرتفعة ونقص اليد العاملة والتضخم المتصاعد وارتفاع أسعار الفائدة".

 

(فرانس برس)