روسيا تتجه إلى توسيع شرائح الضريبة التصاعدية

26 مارس 2024
الضريبة التصاعدية تهدف إلى زيادة عوائد الخزانة لتقليص عجز الموازنة (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في أعقاب فوز بوتين بالانتخابات، تبرز خطط لإصلاحات مالية تشمل تعديل نظام الضريبة ليصبح تصاعديًا، مستهدفًا توزيع الأعباء الضريبية بعدالة أكبر بين شرائح المجتمع.
- الضريبة التصاعدية تفرض 15% على الدخول فوق 5 ملايين روبل، محاولة لتقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء وزيادة عوائد الخزانة، رغم التحديات المتوقعة كالتهرب الضريبي.
- بوتين يؤكد على أهمية نظام ضريبي مستقر ودقيق لست سنوات، مع التركيز على تحقيق توزيع عادل للأعباء الضريبية وتحديث المنظومة المالية لدعم الأهداف الوطنية والإقليمية.

بعد فوز الرئيس الروسي الحالي والمنتخب، فلاديمير بوتين، بالانتخابات الرئاسية التي جرت في نهاية الأسبوع قبل الماضي، وبقاء أسابيع معدودة على تنصيبه الجديد في بداية مايو/أيار المقبل، تتجلى شيئاً فشيئاً ملامح الإصلاحات المالية خلال ولايته الرئاسية المقبلة، بما في ذلك توسيع نطاق العمل بضريبة الدخل التصاعدية بدلاً من النسبية الثابتة.

وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي في نهاية عام 1991، اعتمدت روسيا الضريبة التصاعدية على دخول الأفراد خلال الفترة من عام 1992 إلى عام 2001، وكانت تتراوح بين 12% و35%. ثم اعتمدت السلطات العمل بالضريبة النسبية الثابتة بنسبة 13% لمدة عقدين تقريباً.

وبموازاة توسع رقعة انتشار جائحة كورونا في عام 2020، أعلن بوتين عن العودة الجزئية إلى العمل بالضريبة التصاعدية اعتباراً من عام 2021، لجهة رفع ضريبة الدخل إلى 15% في حال فاق دخل الفرد السنوي 5 ملايين روبل (أكثر من 50 ألف دولار وفقا لسعر الصرف الحالي).

وحالياً، يقتصر تطبيق الضريبة التصاعدية على ذلك الجزء من الدخل الذي يفوق الـ5 ملايين روبل، مع الإبقاء على الضريبة بنسبة 13% على المبلغ دون هذه العتبة.

وفي الوقت الذي لم يتم فيه الكشف عن المقاييس الجديدة للضريبة التصاعدية بعد، سبق لرئيس لجنة سوق المال بمجلس الدوما (النواب) الروسي، أناتولي أكساكوف، أن أعرب عن اعتقاده بأن النسبة المرتفعة لضريبة الدخل البالغة 15%، يمكن تحديدها لمن تفوق دخولهم السنوية مليون روبل (ما يقارب 11 ألف دولار)، على أن تكون 20% لمن يتقاضون أكثر من 5 ملايين روبل سنوياً.

ويعتبر المحلل المالي، مارك غويخمان وعضو لجنة الخبراء بمنصة "أونلاين فوز" التعليمية، أن الضريبة التصاعدية قد تساعد في تقليص الفجوة بين مختلف شرائح سكان روسيا من جهة التفاوت في مستوى الدخول، محذراً في الوقت نفسه من أن اعتماد الضريبة التصاعدية قد يوسع نطاق التهرب من دفعها.

ويقول غويخمان الذي يحمل درجة الدكتوراه في الاقتصاد، في حديث لـ"العربي الجديد": "تهدف الضريبة التصاعدية إلى تحقيق هدفين رئيسيين هما الحد من تفاوت دخول المواطنين وزيادة عوائد الخزانة لتقليص عجز الموازنة، وهما هدفان يكمل أحدهما الآخر".

ويستشهد بأرقام هيئة الإحصاء الروسية "روس ستات" التي تشير إلى أن حصة الـ10% من أصحاب أعلى الدخول في إجمالي المدخولات في البلاد، تبلغ نحو 30%، بينما تبلغ حصة الـ10% من السكان الأقل دخلا، 2% فقط من مجموع المداخيل، مما يعكس حالة من التفاوت الحاد في المجتمع الروسي.

ومع ذلك، يقر غويخمان بأن اعتماد الضريبة التصاعدية لن يخلو من سلبيات، مضيفا: "عندما طبقت الضريبة التصاعدية في تسعينيات القرن الماضي، تمكن كثيرون من التهرب من دفع الضرائب بطرق مختلفة. أضف إلى ذلك النقطة السلبية الرئيسية، وهي أن اعتماد الضريبة التصاعدية يزيد من صعوبة إدارة المنظومة الضريبية، مما يزيد من حصة العمالة غير الرسمية بسوق العمل".

ومن مؤشرات إدراج الإصلاح الضريبي المرتقب ضمن أولويات الولاية الرئاسية الجديدة، حديث بوتين بعيد إعادة انتخابه حول ضرورة تدقيق القرارات المتعلقة بتعديل المنظومة الضريبية في روسيا.

وقال بوتين خلال لقاء جمعه مع المرشحين الخاسرين للرئاسة: "يجب أن نكون دقيقين للغاية هنا وننشئ منظومة لن نغيرها وتكون مستقرة على مدى ست سنوات على الأقل. سيكون ذلك واحداً من النقاشات الهامة في البرلمان. ستقترح الحكومة حلولها من جهة كيف وممن وكم، ويجب أن نكون دقيقين للغاية هنا".

وتطرق بوتين إلى ذلك في سياق مسألة تقليص التفاوت في الأجور التي طرحها مرشحا الحزبين الشيوعي، نيقولاي خاريتونوف، والليبرالي الديمقراطي، ليونيد سلوتسكي، اللذين حلا في المرتبتين الثانية والرابعة على التوالي ضمن نتائج الانتخابات.

مع ذلك، لم تشكل خطة إجراء إصلاح للمنظومة الضريبية مفاجأة كبيرة، إذ دعا بوتين في رسالته إلى الجمعية الفدرالية بمجلسي الدوما (النواب) والاتحاد (الشيوخ) في نهاية فبراير/شباط الماضي، إلى توزيع أكثر عدالة للأعباء الضريبية بين الأفراد والشركات، مقترحا تحديث المنظومة المالية بما يوفر الموارد اللازمة للوفاء بالمهام الوطنية والبرامج الإقليمية، وتقليص حالة اللامساواة في المجتمع والفجوة في تنمية مختلف الأقاليم.

وقال الرئيس الروسي حينها: "أقترح النظر في المقاربات حيال تحديث منظومتنا المالية والتوزيع الأكثر عدالة للأعباء الضريبية على حساب الأفراد والشركات من أصحاب الدخول المرتفعة". وكلف بوتين الحكومة والبرلمان بإعداد مقترحات محددة في أقرب وقت.

المساهمون