رهان غاز الجزائر... رفع الأسعار دون خسارة الشركاء

06 يوليو 2022
الحكومة الجزائرية تسعى إلى زيادة إيرادات الغاز لتخفيف الأزمة المالية(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تبدو الجزائر مصرة على تطبيق تهديداتها بمراجعة أسعار الغاز، بحجة أن هذه الخطوة فرضها تطور الأسواق العالمية.

وترفض الجزائر ربط هذا التوجه بالخلافات الحالية مع إسبانيا على خلفية تغيير موقفها من قضية الصحراء، وكانت الجزائر قد أوقفت تدفق غازها من خلال الأنبوب الذي يمر عبر المغرب لتوصيله إلى مدريد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.
وبعدما ظل الحديث عن مراجعة الجزائر لأسعار الغاز حبيس التسريبات الإعلامية، كما سبق أن كشفت عنه "العربي الجديد"، رسّم الرئيس المدير العام لسوناطراك الجزائرية توفيق حكار مراجعة أسعار الغاز التفضيلية التي منحتها الشركة لزبائنها التاريخيين في إيطاليا، فرنسا، إسبانيا، وحتى البرتغال، كاشفا، يوم الأحد الماضي، أن "بلاده ستتفاوض مع جميع عملائها لمراجعة أسعار الغاز، مشدداً على أنّ مراجعة الأسعار لا تستهدف شركة أو دولة بعينها".

وعانت الجزائر سنتي 2018 و2019 من ضغط زبائنها الكبار، في مقدمتهم "ناتورجي" الإسبانية، من أجل تخفيض الأسعار آنذاك تماشيا مع أسعار الأسواق العالمية، مستغلين وصول العقود طويلة الأمد إلى نهايتها، في ختام 2019، ما دفع الجزائر إلى مراجعة بنود العقود.

وفي هذا السياق، أكد المدير المركزي في شركة "سوناطراك" النفطية عز الدين روابح لـ"العربي الجديد"، أن "بنود مراجعة الأسعار تم إدخالها في العقود طويلة الأمد الموقعة بين 2019 و2020 بيننا وبين شركائنا الأوروبيين، وبطلب منهم، وبالتالي من الطبيعي اليوم أن نطالب بمراجعة الأسعار التي كانت تفضيلية كثيرا، وقد راسلنا جميع زبائننا سواء الدائمين أو المتعودين على الصفقات السريعة (SPOT)".

وأضاف المتحدث نفسه في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "قرار مراجعة الأسعار ورفعها يرجع لأسباب تقنية ومادية فرضها ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة الطلب عالميا، ما أثر على الأسعار، ولا يمكن لنا أن نبيع الغاز بأسعار تعود إلى سنوات للوراء، والعملية ستمس كل الزبائن ولا علاقة لها بأي دولة"، في تلميح للخلاف القائم بين الجزائر ومدريد على خلفية تغيير هذه الأخيرة موقفها من قضية الصحراء.

ودخلت الجزائر في مطلع 2019 مرحلة تجديد عقود الغاز مع شركائها التقليديين، بعد وصول أغلب العقود إلى نهاية آجالها مع انتهاء السنة. وكانت البداية في 16 مايو/ أيار 2019، مع شركة "إيني" الإيطالية، الشريك التاريخي للجزائر و"سوناطراك"، حين وقّع الطرفان على تجديد عقود توريد الغاز لإيطاليا لعشر سنوات اعتبارا من 2020، وبكميات تراوح بين 9 مليارات و10 مليارات متر مكعب سنويا، رغم أنها كمية أقل مما كانت عليه سابقا بالنظر إلى تراجع نمو الاقتصاد الإيطالي.
ثم اتفق الطرف الجزائري مع نظيره البرتغالي "غالب" في 11 يونيو/ حزيران 2019، على تجديد عقد تصدير الغاز لعشر سنوات أخرى اعتبارا من 2020، بكميات تصل إلى 2.5 مليار متر مكعب سنويا. وجاء الدور في نهاية يونيو/ حزيران 2019، على شركة "إيني" الإيطالية التي ستزودها "سوناطراك" بـ3 مليارات متر مكعب سنويا لمدة 8 سنوات، اعتبارا من 2020، كما توصلت "سوناطراك" في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 إلى اتفاق مع نظيرتها "إديسون"، لمدة ثماني سنوات.

وتضاف إلى هذه العقود، تلك التي جددت العام الماضي مع كل من "بوتاش" التركية، التي ستزودها "سوناطراك" بكميات من الغاز تقدر بـ5 مليارات متر مكعب سنويا لمدة 5 أعوام.
كما جددت "سوناطراك" في شهر أغسطس/ آب 2018 عقد توريد الغاز إلى إسبانيا من خلال شريكها "ناتيرجي" و"إيناغاز"، ولمدة ثماني سنوات، بكميات سنوية تقدر بـ8 مليارات متر مكعب على امتداد 9 سنوات، ما يرفع صادرات الجزائر إلى قرابة 30 مليار متر مكعب سنويا لجنوب القارة الأوروبية.

وكشف الرئيس المدير العام السابق لـ"سوناطراك" ووزير الطاقة الأسبق عبد المجيد عطار أن "إمكانية رفع أسعار الغاز الجزائري المصدّر نحو أوروبا يمكن أن تتم بطريقتين: الأولى بشكل آلي بعد أي زيادة في سعر النفط، حيث إن كل ارتفاع في سعر البترول يؤدي بالضرورة إلى زيادة سعر الغاز، وهو أمر متعارف عليه عالميا في مجال صفقات توريد الغاز".

وأضاف: "أما الطريقة الثانية لزيادة أسعار الغاز الجزائري، فتخضع لمضمون العقود الموقعة خلال السنوات الأخيرة، والممتدة إلى سنة 2030، أي عقود طويلة المدى، إذ تتيح هذه الأخيرة الجلوس مع الطرف الآخر مرة أخرى لإعادة التفاوض حول السعر كل فترة معينة، فمثلا مع إسبانيا المدة حددت بسنتين، و18 شهرا مع إيطاليا".

وأضاف الوزير الجزائري السابق أن "طريقة زيادة سعر الغاز أو مراجعته موقع عليها في بنود خاصة وفق مواد سرية غير قابلة للتسريب، وأتوقع أن تراوح الزيادة بين 5 و9 دولارات حاليا للمليون وحدة حرارية".

المساهمون