رفع الرسوم الجمركية يزيد الضغوط على اللبنانيين المأزومة معيشتهم

18 ديسمبر 2022
يواجه اللبنانيون أزمة انهيار الليرة (Getty)
+ الخط -

في كل مرة يُتلَف فيها جزء من سيارته المرسيدس الرمادية القديمة، يواجه عابد عميرات، سائق الأجرة البالغ من العمر 62 عاماً في بيروت، خياراً صعباً، فإما يقترض لاستيراد قطعة غيار باهظة الثمن، أو يرفع الأجرة على زبائنه الذين استنزفت أزمة اقتصادية طاحنة مواردهم المالية بالفعل.

يقول عميرات إن الأمر يشكل له معضلة، وباتت المشكلة أكثر حدّة في الأشهر القليلة الماضية، مع تحرك الحكومة اللبنانية لزيادة التعريفات الجمركية على السلع المستوردة بنحو عشرة أمثال في دولة تستورد أكثر من 80% مما تستهلكه، بما يشمل قطع الغيار التي يحتاجها.

وشهد الانهيار الاقتصادي في لبنان، الذي دخل عامه الرابع، خسارة العملة لأكثر من 95% من قيمتها ودفع ثمانية من كل عشرة لبنانيين إلى براثن الفقر، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة. ومع تآكل احتياطات النقد الأجنبي أكثر فأكثر، رفعت الدولة بالفعل الدعم عن الوقود وأغلب الأدوية.

ويقول مسؤولون إن رفع المعدل الذي على أساسه تُحتسَب الرسوم الجمركية سيعزز إيرادات الدولة، وهو خطوة للأمام صوب توحيد أسعار الصرف المتباينة.

وهذا الأمر من بين الشروط المسبقة التي حددها صندوق النقد الدولي في إبريل/ نيسان للبنان، ليتمكن من الحصول على حزمة إنقاذ بقيمة ثلاثة مليارات دولار، لكن الصندوق يقول إن تنفيذ الإصلاحات يسير ببطء شديد.

ودخل رفع الرسوم الجمركية حيّز التنفيذ في الأول من ديسمبر/ كانون الأول، إذ بدأ احتساب الضريبة على الواردات وفقاً لسعر صرف يبلغ 15 ألف ليرة لبنانية للدولار، بدلاً من 1507 كما كان في السابق، ما يعني أن التجار أصبح يتعين عليهم فجأة دفع مبالغ أكثر بكثير مقابل استيراد منتجات مثل الأجهزة المنزلية والهواتف وقطع غيار السيارات.

ومن شأن ذلك أن يزيد من الضغوط المالية على المواطنين الذين يكافحون بالفعل لتحمّل نفقات المعيشة اليومية.

وأشار عميرات إلى أن الكثير من زبائنه يطلبون بالفعل تخفيضاً على أجرة الركوب المعتادة، البالغة 40 ألف ليرة.

ويقول رابح فارس، وهو مهندس من شمال لبنان بدأ باستيراد السيارات المستعملة عندما تباطأت الأعمال، إن المعدل الجديد يجبر تجار قطع الغيار والسيارات على رفع الأسعار، وإلا فسيغلقون أعمالهم.

وأضاف: "تحتاج للعمل أربع أو خمس سنوات لتتحمل الجمارك على سيارة حالياً". وقدر رسوم استيراد سيارة مستعملة في المتوسط بنحو 94 مليون ليرة لبنانية، وهو ما يفوق الحد الأدنى للأجور شهرياً بنحو 156 مرة.

وقالت وزارة المالية إن الإيرادات التي جُمعَت في الأيام الخمسة عشر التالية لدخول القرار حيّز التنفيذ أظهرت ما وصفته بأنه فارق ضخم، لكن الأرقام النهائية ستكون جاهزة للنشر في نهاية الشهر.

ووافق البرلمان على المعدل الجديد في سبتمبر/ أيلول، لكنه لم يُطبق إلا في بداية هذا الشهر، وهو تأخير قال عنه وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام إنه سمح للتجار بتخزين واردات قبل الرفع مع زيادة أسعار البيع.

(رويترز)

المساهمون