أضحت السلفادور أول دولة في العالم ترقي بيتكوين إلى عملة لها شرعية التداول في البلد، وذلك بفضل رئيسها نجيب بوكيله، الذي دافع عن ذلك المشروع بالكثير من الحماسة والإصرار، حيث وصف ذلك القرار بالتاريخي.
ستتداول تلك العملة التي أجازها كونغرس البلد الواقع في أميركا الوسطى، بجانب الدولار الأميركي، الذي يعتبر العملة الرئيسية في البلد، وسيكون سعر صرف العملة الافتراضية، كما الورقة الخضراء، حراً يحدده السوق، وسيتم تداولها في جميع معاملات الحياة اليومية والتجارية.
الرئيس الذي دافع عن إضفاء الطابع القانوني على بيتكوين، يؤكد أن العملة الافتراضية ستتيح جذب استثمارات خارجية وإنجاز الشمول المالي في بلد لا تتوفر لدى 70% من سكانه حسابات مصرفية، ويشتغل في القطاع غير الرسمي.
ويتصور الرئيس الأربعيني، الذي يصفه مراقبون بالشعبوي، أن العملة الافتراضية ستتيح تسهيل تحويلات أموال السلفادوريين، حيث سيتيح ذلك تفادي العمولات التي تصيب تحويلات المغتربين، والتي تمثل حوالي 25% من الناتج الداخلي الخام.
غير أن حكومة ذلك البلد الصغير في القارة الأميركية، تراهن عبر إضفاء الطابع القانوني على العملة الافتراضية، على تخفيف الارتهان للدولار الأميركي، الذي يعد العملة الرسمية في السلفادور.
ربع مواطني السلفادور يعيشون في الولايات المتحدة، وفي 2020 ورغم جائحة كورونا، أرسلوا إلى بلدهم أكثر من 6 مليارات دولار في شكل تحويلات
ويعيش حوالي ربع مواطني السلفادور في الولايات المتحدة، وفي العام الماضي، على الرغم من جائحة فيروس كورونا الجديد، أرسلوا إلى الوطن أكثر من 6 مليارات دولار في شكل تحويلات.
ولم يكتف الرئيس السلفادوري بإضفاء الطابع القانوني على العملة الافتراضية، بل عبر عن النية لتعدين البيتكوين أيضا، ما يعني صك العملة الافتراضية، وذلك يقتضي الكثير من الحسابات ويستدعي استهلاك الطاقة، علما أن الملياردير الأميركي إيلون ماسك أكد، في مايو/ أيار الماضي، أن تعدين العملة الافتراضية ملوث جدا، بل إن بلداً مثل الصين لا يتردد في استعمال الفحم من أجل ذلك.
غير أن نجيب بوكيله يرى أنه يمكن خلق عملة افتراضية نظيفة باستعمال البراكين التي يصل عددها إلى حوالي الثلاثين في بلده، حيث أكد أنه كلف شركة مملوكة للدولة متخصصة في الكهرباء الجيوحرارية بتصور تجهيزات تعدين على مستوى البراكين.
لقد تمكن رئيس البلد، البالغ تعداد سكانه 5.6 ملايين نسمة، من فرض تبني ذلك التوجه غير المسبوق في العالم، واستطاع على مدى عامين من الحكم تركيز جميع السلطات بيده بعد صراع مع البرلمان والمحكمة الدستورية.
ويتصدى بوكيله للدفاع عن رؤاه والرد على معارضيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فكما الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، يحكم الرئيس السلفادوري البالغ من العمر 39 عاماً، ويتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل إنه يستعمل موقع تويتر من أجل إصدار بعض المراسيم.
يتمتع بشعبية غير مسبوقة في بلده، حيث يعزو مراقبون ذلك إلى خوف الناس من اشتداد العنف الذي عاشوه على مدى سنوات. وتعود جذور الرئيس إلى أصول فلسطينية، حيث ولد في العاصمة سان سلفادور، من أب فلسطيني وأم سلفادورية.
وانضم إلى حزب يساري في السلفادور قبل عشرة أعوام، وتولى رئاسة بلدية "كوستلان" في عام 2012، وبلدية "سان سلفادور" بين 2015 و2018، حيث تمكن من لفت الأنظار إليه بطريقة لباسه الشبابي وطريقة تواصله.
يوصف بوكيله بأنه يمثل رئيس دولة بمقاييس القرن الواحد والعشرين. يرى مناصروه أنه قريب من الشعب، بينما يعتبر معارضوه أنه يشيع الكراهية عبر خطاباته، غير أن الجميع يعتبر أن هذا الرئيس المثير للجدل قلب السياسة في بلده في ظرف عامين من حكمه.
ولم تسلم حماسة الرئيس للبيتكوين من انتقادات، حيث أخذ عليه البعض الانشغال بتجهيزات التعدين عوض زيادة معاشات التقاعد، بل إن منتقدين له يؤكدون أنهم يراقبون كيف سيتصدى لمحاربة الفساد الذي جعله أبرز شعار في حملته منذ أن تولى أمر البلد، وهو الشعار الذي جلب له دعم الشباب.