رئيسي يعد بمكافحة الفساد المستشري في إيران

21 يونيو 2021
محاربة الرشي والفاسدين من بين الأجندة التي فاز بها رئيسي (العربي الجديد)
+ الخط -

استشراء الفساد في الهياكل الاقتصادية الإيرانية، يشكل أحد أهم أسباب ما آل إليه الاقتصاد، وهو ما جعل مكافحة الفساد شعارا ضمن الشعارات الانتخابية للمرشحين. لكن الشعار برز بشكل أكثر اهتماما في برامج الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي، إذ أكد مرات عدة أن حكومته ستضع على رأس أجندتها مكافحة الفساد.

رئيسي، خلال العامين الأخيرين، خلال توليه السلطة القضائية، يُقال إنه حقق نجاحات في الملف من خلال محاكمة فاسدين كبار، بينهم شخصيات بتهمة الفساد، أبرزهم كان نائب الرئيس السابق للسلطة القضائية، أكبر طبري، الذي حكم عليه بالسجن 31 عاما خلال مارس/آذار الماضي، بتهمة الفساد المالي وتلقي رشاوي كبيرة، فضلا عن محاكمة آخرين.

وعلى الرغم من إشادة حظي بها رئيسي لهذا الأداء، لكن مراقبين يرون أنه لم يصل إلى المستوى المطلوب.

معارضو ترشح رئيسي اعتبروا أن محاربة الفساد تستدعي بقاءه في السلطة القضائية وليس الانتقال إلى الرئاسة. لكن رئيسي أكد أن ما كان بإمكانه فعله في السلطة القضائية هو إجراء محاكمات وملاحقة للفاسدين، وأن مكافحة الفساد يجب أن تتجاوز مظاهرها إلى مواجهتها جذريا من خلال إغلاق منافذه وأبوابه في أركان السلطة التنفيذية.

المقصود بالفساد المستشري، ليس فقط مظاهر اختلاس مبالغ مالية، إنما بمفهومه الأشمل الذي يشمل أيضا وجود ثغرات كبيرة في مفاصل الاقتصاد، وقرارات خاطئة تسهل الفساد وإهدار المال العام، ما أدى إلى وجود حالة من الفساد المقنن واقتصاد ريعي، وما شابه ذلك.
استشراء الفساد في البلاد كان حديثاً ساخناً خلال العقد الأخير، وهو من أسباب انزعاج الشارع من ظهور ما بات يعرف بـ"السلاطين" في القطاعات الاقتصادية، مثل "سلطان السكر" و"سلطان الزفت" و"سلطان المسكوك الذهبي"، و"سلطان الموز" وسلاطين آخرين.

Image
هذه التحديات الاقتصادية التي تواجه الرئيس الإيراني الجديد

وقامت السلطة القضائية بمحاكمة بعض هؤلاء، وإعدامهم، لكن ثمة انتقادات تؤكد أن هذه المحاكمات على الرغم من أهميتها، لن تحل مشكلة الفساد، وأن الأمر بحاجة إلى إرادة كبيرة وملامسة جذورها وسد الثغرات التي سهلت ظهور هؤلاء السلاطين.

ومن ملامح الفساد المستشري، وجود مافيات الواردات. وأكد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، قبل أسبوعين، في أجواء الانتخابات، أن قضية الشعب الأساسية هي مكافحة هذه المافيا وحل المشاكل المعيشية والاقتصادية.

ومن ملفات الفساد أيضا، حسب الخبراء، الإدارة غير الصحيحة لموارد البلاد المالية، خاصة في رسم الموازنات، ووجود مؤسسات ومنظمات تحصل على موازنات لا تستحقها، ومن خلال المحسوبية. فضلا عن ملف خصخصة الشركات الحكومية التي لا تتم وفق معاييرها السلمية.

بالإضافة إلى التوزيع غير العادل للثروة والموارد في القطاعات الاقتصادية والمناطق، ذلك أن الثروة تتركز في وسط إيران من دون أطرافها التي تعاني من مشاكل اقتصادية أكبر بالمقارنة مع بقية المناطق.

كما أن العقوبات أيضا شكلت أرضية للفساد، وفق مراقبين، لكون الالتفاف عليها يستدعي طرقا غير معروفة، تقلص مساحة الشفافية، حيث إنها تحمل الاقتصاد تكاليف إضافية في التصدير والاستيراد بقيمة 16 مليار دولار، حسب رئيس البنك المركزي السابق، عبد الناصر همتي، الذي قال إن هذا المبلغ الكبير يدفع جهات إلى معارضة رفع العقوبات.

وأواخر إبريل/نيسان الماضي، كشف وزير السكن السابق، عباس آخوندي، وفقا لوكالة "إيلنا"، أن تكاليف الالتفاف على العقوبات خلال 16 عاما ماضيا، تتراوح بين 300 و400 مليار دولار، قائلا إن "هذا تسبب في فساد كبير"، متهما البعض بالسعي للحفاظ على الوضع القائم.