ذبح المواطن ومبررات الحكومات الجاهزة

20 ديسمبر 2016
الحكومات تذبح المواطن بسكين بارد
+ الخط -




إذا كانت الحكومات العربية قد رفعت أسعار الوقود بمعدلات قياسية، وقت أن كانت أسعار النفط شبه منهارة في الأسواق العالمية، فماذا سيكون عليه الحال مع اتجاه أسعار النفط للارتفاع في الفترة المقبلة، خاصة مع اتفاق الدول النفطية على خفض الإنتاج بهدف زيادة الأسعار ووقف تهاوي الأسعار المستمر منذ منتصف العام 2014؟

وإذا كان سعر الدولار قد فعل ما فعل بالعملات العربية، وكان سعر الفائدة عليه في الأسواق العالمية لا يتجاوز ربعاً في المائة، فماذا سيكون عليه الحال مع زيادة الفائدة عليه لنحو 3% مقابل 0.25% حاليا؟

وإذا كانت معظم الحكومات العربية تلوح حالياَ بالاستمرار في سياسة زيادة الأسعار بما فيها الوقود، فهل نأمل خيراَ من هذه الحكومات مع إعداد موازنات العام القادم 2017 التي تعتمد على سياسة التقشف الشديدة ورفع أسعار السلع الرئيسية وتحميل المواطن سياسة العجز المالي للدول؟

وإذا كانت معظم الحكومات قد رفعت الأسعار في العام الجاري 2016 بحجة تراجع الإيرادات العامة وتهاوي أسعار النفط، فهل سترفع نفس الحجج والمبررات في العام الجديد 2017؟

بالطبع، ستبحث الحكومات العربية عن مبررات جديدة لزيادة الأسعار وفرض مزيد من الضرائب، وتقليص الإنفاق على الخدمات الضرورة من مياه وكهرباء وصرف صحي وطرق وتعليم وصحة.

ومبرراتها هذه المرة هي الزيادات المتوقعة في أسعار النفط بعد اتفاق منظمة أوبك الأخير، والزيادة المرتقبة في سعر الفائدة على الدولار، وبالتالي زيادة تكلفة الاقتراض الخارجي، وهناك حجة التوترات والمخاطر التي تبعد الاستثمارات عن القدوم لدول المنطقة وتؤثر سلبا على إيرادات الدول العربية من النقد الأجنبي، والأخطر من ذلك الارتفاعات المتوقعة في أسعار الأغذية عالميا كما لمحت بذلك منظمة الأغذية والزراعة "الفاو".

الحكومات العربية تعكف حاليا على إعداد موازنة العام الجديد، والمؤشرات تقول إن معظم، إن لم يكن كل، هذه الموازنات ستشهد عجزا أيضا خلال 2017 كما شهدت عجزا في 2016، وهنا ستختار الحكومات العربية الحلول السهلة وهي ذبح المواطن بسكين باردة عن طريق زيادة الضرائب والجمارك والرسوم ورفع أسعار الوقود والدواء والتوسع في الاقتراض الخارجي.

خذ مثلاً موازنة السعودية لعام 2017 فقد تسربت أنباء عن اتجاه الحكومة لزيادة أسعار الوقود 30% عقب اقرار الموازنة مباشرة، ويتكرر السيناريو في دول خليجية مثل الكويت .

وكذا في مصر، حيث أعلنت الحكومة ولأكثر من مرة عن اتجاهها لرفع الدعم عن الوقود والكهرباء، وفي المغرب تراجع دعم السكر وغاز الطهو 13%، وتواصل المملكة خفض الدعم المقدم لسلع أساسية، وكذا الحال في الأردن التي أقرت حكومتها وبرلمانها فرض ضرائب جديدة على المواطنين في العام القادم

واختارت الجزائر السهل، فبدلا من البحث عن الأموال المنهوبة وتكافح التهرب الضريبي والجمركي والبذخ الحكومي والتوسع في شراء السلاح، مدت يدها في جيب المواطنين عبر زيادات مستمرة في الضرائب. 

كل الحكومات العربية تختار الحلول السهلة القادمة من أروقة صندوق النقد الدولي، والتي من أبرز ملامحها خفض قيمة العملات المحلية وزيادة الضرائب والجمارك وخفض دعم السلع الأساسية، ومع تطبيقه هذه الحلول فإنها تذبح المواطن بسكين بارد لا تعرف الرحمة.