دول عربية تستبعد تأثر وارداتها من القمح بالاجتياح الروسي لأوكرانيا

26 فبراير 2022
مصر تعتمد على واردات القمح لتغطية احتياجاتها من الخبز (Getty)
+ الخط -

استبعدت عدة دول عربية تأثر وارداتها من القمح بالاجتياح الروسي لأوكرانيا، بينما تشير بيانات الاستيراد إلى اعتماد معظم البلدان العربية في وارداتها من هذه السلعة الرئيسية على موسكو وكييف اللتين تستحوذان على نحو ثلث صادرات القمح إلى العالم.

وقال مصدر مسؤول في الديوان الجزائري المهني للحبوب، إن الأزمة بين روسيا وأوكرانيا لن تؤثر على عمليات استيراد الجزائر للقمح، مشيرا إلى أن الجزائر تعتمد سياسة تنويع الشركاء التجاريين أثناء استيراد القمح.

ونقلت قناة النهار الجزائرية، عن المسؤول قوله، اليوم السبت، إن "الجزائر لا تستورد القمح اللين من روسيا وأوكرانيا"، مضيفا أن "دفتر الشروط الجديد يفتح باب المنافسة أمام عدة موردين أجانب".

كما قال وزير الزراعة السعودي عبد الرحمن الفضلي، إن إمدادات ومخزونات السلع الغذائية في المملكة مستقرة ولا يوجد أي مخاوف بشأن وفرتها في الأسواق المحلية على خلفية الأزمة الروسية الأوكرانية الحالية.

وأضاف الفضلي، في بيان اليوم، وفق وكالة رويترز، أن المخزونات المحلية من السلع الغذائية الأساسية، التي تشمل القمح، والأرز، والسكر، وزيوت الطعام، والشعير "عند المستويات الآمنة ولا توجد أي مخاوف من حدوث أي نقص في الكميات المعروضة".

وفي مصر، قال إبراهيم عشماوي، المساعد الأول لوزير التموين المصري، ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية في تصريحات لوكالة رويترز، نُشرت في وقت متأخر من مساء الجمعة، إن مصر تملك احتياطياً من القمح يكفي حالياً لنحو أربعة أشهر ونصف شهر.

وأضاف عشماوي أن مصر ستشتري من المزارعين المحليين في العام الحالي أربعة ملايين طن من القمح، ما سيغطي احتياجات البلاد حتى نهاية العام الجاري 2022.

وفي لبنان، أشار وزير الاقتصاد أمين سلام، إلى بحث بلاده عن بدائل للقمح الروسي والأوكراني، لافتا إلى الولايات المتحدة والهند وكندا وبعض الدول الأوروبية المنتجة للقمح الطري (اللين) الذي يصلح لصناعة الخبز العربي.

وقال سلام "حصل تجاوب في هذا الإطار من خلال منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، وشكلنا خلية أزمة لمواكبة الموضوع والتعاطي مع سفارات الدول المعنية في لبنان وحصلنا على تطمينات بالمساعدات"، مشددا على أنه لا داعي حالياً لـ"الهلع" ما قد يرتد سلباً على السوق وتهافت الناس على الأفران.

وفي وقت يستعر النزاع في أوكرانيا بعد الغزو الروسي، قد يجد المصريون واللبنانيون واليمنيون ومواطنون من دول عربية أخرى، صعوبة في توفير الخبز على طاولة الطعام كون روسيا وأوكرانيا أول موردي القمح بالنسبة لهم، وفق تقارير دولية.

وحذّر معهد الشرق الأوسط للأبحاث من أنه "إذا عطّلت الحرب إمدادات القمح" للعالم العربي الذي يعتمد بشدة على الواردات لتوفير غذائه، "قد تؤدي الأزمة إلى تظاهرات جديدة وعدم استقرار في دول عدة".

ويبدو أن السودان الذي يعاني من تراجع في احتياطاته النقدية منذ توقف المساعدات الدولية رداً على الانقلاب العسكري في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، سيكون أول المتضررين.

فعندما اندلعت الحرب، كان الرجل الثاني في السودان في زيارة لموسكو من أجل البحث في المبادلات التجارية مع روسيا، أكبر مصدّر للقمح في العالم.

ولم ينسَ الجنرالات الذين يسيطرون على الحكم في السودان أن واحدا منهم، الرئيس السابق عمر البشير، سقط في 2019 بعد احتجاجات أشعلها ارتفاع سعر الخبز ثلاثة أضعاف.

ويأسف الموظف في العاصمة اليمنية صنعاء وليد صلاح الذي يتأخر راتبه بانتظام، لتحوّل الخبز إلى سلعة فاخرة بالنسبة لملايين اليمنيين الذين يعانون من الجوع في بلد نخرته الحرب.

ويوضح صلاح لوكالة فرانس برس "الناس حالياً بالكاد يستطيعون توفير الغذاء الأساسي، وأعتقد أن الحرب الروسية الأوكرانية ستلقي بظلالها على الشعب اليمني وستزيد الطين بلّة".

ويقول المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي الموجود أيضا في اليمن ديفيد بيسلي "كنّا نظن أننا وصلنا إلى القاع، لكن لا، الحال أسوأ (...) نحن نحصل على نصف طلباتنا من الحبوب من روسيا وأوكرانيا، سيكون لهذه الحرب تأثير مأساوي".

ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، تتسبّب حرب أخرى في سورية في تجويع 12.4 مليون سوري. بينما كان هذا البلد مكتفيا ذاتيًا من القمح حتى عام 2011، تاريخ اندلاع النزاع فيه، اضطر، بعد سنوات من الحرب التي ساعدت فيها روسيا النظام عسكرياً، "إلى شراء 1.5 مليون طن من القمح في عام 2021، معظمها من موسكو"، وفقًا للموقع المتخصص "ذي سيريا ريبورت".

وتقول دمشق إنها تعمل الآن على توزيع المخزونات لاستخدامها على مدى شهرين. أما في لبنان المجاور حيث أدى انهيار النظام المصرفي إلى إفقار 80% من السكان وانفجار مرفأ بيروت إلى تدمير إهراءات القمح، فالمخزون أقل.

وقال ممثل مستوردي القمح في لبنان أحمد حطيط لوكالة فرانس برس "لدينا خمس بواخر في البحر حالياً محملة بالقمح، جميعها من أوكرانيا. المخزون الحالي بالإضافة إلى البواخر الخمس يكفي لشهر ونصف".

وأضاف "لبنان يستورد بين 600 و650 ألف طن سنوياً، ثمانون في المئة منها من أوكرانيا"، عبر بواخر تصل لبنان خلال سبعة أيام. أما "البديل عن أوكرانيا فهو الولايات المتحدة، إلا أن الفرق يكمن في أن الشحنة تحتاج إلى 25 يوماً من الولايات المتحدة (...) لبنان قد يدخل في أزمة".

وفي المغرب العربي حيث يعتبر القمح أساسيا لصناعة الخبز أو الكسكس، قررت الحكومة المغربية زيادة مخصصات دعم الطحين إلى 350 مليون يورو، وعلّقت الرسوم الجمركية على استيراد القمح.

لكن تونس غير قادرة على فعل ذلك. ففي ديسمبر/ كانون الأول، رفضت البواخر تفريغ حمولتها من القمح لعدم دفع ثمنها، وفق ما ذكر الإعلام في تونس حيث يتزايد الدين مع ذوبان احتياطات العملات الأجنبية.

وتستورد تونس 60% من القمح من أوكرانيا وروسيا، ولديها مخزون يكفي حتى يونيو/ حزيران، كما أكد عبد الحليم قاسمي من وزارة الزراعة.

وفي الجزائر، ثاني مستهلك للقمح في أفريقيا وخامس مستورد للحبوب في العالم، يكفي المخزون ستة أشهر على الأقل. وتعتبر مصر أكبر مستورد للقمح في العالم وثاني أكبر مستورد من روسيا، واشترت 3.5 ملايين طن من القمح حتى منتصف يناير/ كانون الثاني، وفقًا لشركة "أس اند أس غلوبال".

وحتى بعد أن بدأت القاهرة في السنوات الأخيرة، بشراء القمح من موردين آخرين، لا سيما من رومانيا، فقد استوردت في عام 2021 حوالي 50% من القمح من روسيا و30% من أوكرانيا.

وتعتمد مصر على الاستيراد لتغذية 103 ملايين نسمة يتلقى 70% منهم خمسة أرغفة خبز مدعومة. لكنها أشارت إلى أنها "لن نستطيع شراء القمح بالسعر الذي كانت تحصل عليه قبل الأزمة الروسية الأوكرانية"، خصوصا أن أسعار القمح بلغت أعلى مستوى في شيكاغو منذ 14 عاماً، إذ وصلت إلى 344 يورو (388.7 دولارا) للطن.

وبعد خفض وزن الرغيف المدعوم، تفكر الحكومة الآن في زيادة سعره. في عام 1977، فعل الرئيس أنور السادات ذلك، وعلى الفور اندلعت "انتفاضة الخبز"، ولم تتوقف حتى عاد السعر القديم.

المساهمون