دول الخليج بين حدي "رفاهية" النفط والتغيّر المناخي القاسي

27 أكتوبر 2021
يشكل إنتاج النفط تحدياً بيئياً في الخليج (Gettu)
+ الخط -

ربما لا يكون التحول العالمي للطاقة أكثر تعقيدا في أي مكان آخر مثل شبه الجزيرة العربية، حيث تقع السعودية ودول الخليج الأخرى بين سيناريوهين مروعين لتغير المناخ يهددان سبل العيش.

الأول، توقف العالم عن استهلاك النفط والغاز لتقليل الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، الأمر الذي يهز أسس اقتصاداتهم. والآخر، هو الارتفاع التدريجي في درجة حرارة الكوكب، ما يجعل الكثير من مناطق الخليج شديدة الحرارة بالفعل غير صالحة للعيش.

يعود السبب الرئيسي في الاستقرار لدول الخليج الست، السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وعمان، إلى أرباح الوقود الأحفوري والغاز، التي تتضمن الصادرات التي تريدها الصين والهند المتعطشتان للطاقة بشكل أكبر خلال العقدين المقبلين.

وعبر التعهد بأهداف الانبعاثات "الصفرية" كما فعلت السعودية والإمارات والبحرين هذا الشهر، سيتم خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري داخل حدودها - مع الحفاظ على صادرات الوقود الأحفوري إلى الخارج. فقد أعلنت السعودية، التي تصدر نحو عشر الطلب العالمي على النفط، تلك الأهداف هذا الأسبوع أثناء استضافتها أول منتدى رئيسي لتغير المناخ. وحدد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان العام 2060 كهدف للسعودية.

وفي مارس/آذار الماضي، أعلنت المملكة عن مبادرة "السعودية الخضراء" لتحسين جودة الحياة من خلال زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة، وتحييد الآثار الناتجة عن النفط، وحماية البيئة.

 

كان ذلك إعلانا مهما، لبلد يمتلك ما يقدر بـ 265 مليار برميل من احتياطيات النفط بقيمة 22.5 تريليون دولار بالأسعار الحالية. أعربت المملكة العربية السعودية عن عزمها ضخ النفط حتى آخر قطرة، لكنها قد لا تجد فائدة تذكر لأكبر مواردها الطبيعية في عالم يعمل بالطاقة النظيفة المتجددة والشمسية.

وكانت المملكة العربية السعودية قد تعهدت في مارس/آذار بخفض انبعاثات الكربون بأكثر من 4% من المساهمات العالمية، من خلال مبادرات تشمل توليد 50% من احتياجاتها من الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 وزراعة مليارات الأشجار في الولاية الصحراوية.

استغلت دول الخليج عائدات النفط للحفاظ على الدعم المحلي، وتوسيع النفوذ الإقليمي. وساعدت هذه الأموال في بناء جيوش وطنية ووفرت لمواطنيها وظائف مريحة في القطاع العام، ورعاية صحية مجانية وتعليما عاليا، ووقودا مدعوما، وأراضي لبناء المنازل، ومهورا للزواج، ومعاشات تقاعدية سخية.

تعهد دول الخليج العربي بانبعاثات "صفرية" يعني أنها تهيئ نفسها لتشكل جزءا من صناعة الطاقة النظيفة التي تبلغ تكلفتها عدة تريليونات من الدولارات، في الوقت الذي تواصل فيه جنيها لأرباح النفط والغاز.

وتتوقع منظمة أوبك أن تقود المساعي نحو الطاقة البديلة والمتجددة إلى عصر يتراجع فيه الطلب على النفط في بعض أجزاء العالم، لكنه سيظل المصدر الأول للطاقة في العالم حتى العام 2045. وتتوقع أن تعمل 20 بالمائة من بين 2.6 مليار سيارة على الطرق بالكهرباء بحلول العام 2045.

(أسوشييتد برس، العربي الجديد)

المساهمون