خيبة إيرانية سياحية رغم تحرير تأشيرات 33 بلداً

29 ديسمبر 2023
لا تزال المبادرة من طرف واحد بانتظار معاملة بالمثل من دول تتصدرها السعودية (فرانس برس)
+ الخط -

حتى اللحظة لم تحصد إيران ثمار القرار التي أعلنته في 13 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، والقاضي بإعفاء مواطني 33 دولة بينها السعودية والإمارات وقطر والبحرين من تأشيرة دخولها.

ذلك أن الضبابية لا تزال تكتنف موقف دول الخليج العربية التي لم تقرر بعد منح الإيرانيين معاملة بالمثل، رغم ما سعت إليه طهران بقرارها هذا لإذابة جليد العلاقات بعد سنوات من التوتر بين الخصمين المنتجين للنفط، علماً أن طهران والرياض اتفقتا بوساطة صينية في مارس/ آذار الماضي، على استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة المقطوعة منذ عام 2016.

وأحدث دليل على أن الخطوة الإيرانية لا تزال مبادرة من جانب واحد بلا مقابل، هو ما صرّح به المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني يوم الاثنين الماضي، حول تأخر بعض دول المنطقة في إصدار تأشيرات لا للإيرانيين العاديين فقط، بل حتى لأعضاء الفرق الرياضية الإيرانية، وهو ما يضطر الخارجية إلى التدخل في كثير من الأحيان لتسهيل التأشيرات بعد التواصل مع سلطات الدول المعنية، وفقاً لما أوردت وكالة "فارس".

ولفت إلى أنه "للأسف، في بعض الأحيان، تدخل الاعتبارات السياسية في إصدار تأشيرات الدخول، أو تحدث بعض السلوكيات الأخلاقية السيئة في إطار إرباك الأجواء الذهنية والنفسية للرياضيين".

ويؤشر القرار الإيراني بإلغاء التأشيرات لدول بعينها إلى استهداف طهران تسريع عملية "التطبيع الاقتصادي والسياحي" مع دول مجلس التعاون الخليجي، حيث شمل الإعفاء أيضاً، الإمارات وقطر والبحرين، رغم أن طهران لم تستعد علاقاتها كاملة معها بعد، فيما يتمتع المواطنون العُمانيون بإمكانية السفر إلى إيران من دون تأشيرة حتى قبل قرار طهران الأخير.

ووفق تقدير وزارة السياحة الإيرانية، فإن سياسة "الباب المفتوح" مفيدة لاقتصاديات دول المنطقة، وهي التي أعلنت أن عدد الدول التي يمكن لمواطنيها زيارة إيران من دون الحاجة إلى استصدار تأشيرة مرشح للزيادة إلى 45، حسبما أوردت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية.

وفي السياق، أعلنت هيئة الحج استئناف سفر "الإيرانيين للمرة الأولى منذ 8 سنوات لتأدية العمرة في السعودية عبر رحلات منتظمة اعتباراً من 19 الجاري".

وتعليقا على الخطوة الإيرانية يشير الخبير الاقتصادي حسام عايش في تصريحات لـ "العربي الجديد" إلى أن السياحة واحدة من أدوات النمو الاقتصادي وتوليد النقد الأجنبي المهمة، وبالذات بالنسبة لإيران التي تعاني من "مراوحة" تصل إلى حد "الركود السياحي" في مقابل نمو خليجي وشرق أوسطي واسع النطاق في صناعة السياحية، على ما تكشف أعداد المسافرين الدوليين لأعوام 2021 و2022 و2023.

ويوضح أن السياحة كان لها حصة مهمة في الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية عام 2022، بما يتراوح بين 47 و50% وبقيمة تصل إلى 112 مليار دولار، مشيراً إلى أن استضافة عدد من دول الخليج أحداثاً عالمية مهمة ساهمت في ذلك، لا سيما دولة قطر التي استضافت كأس العالم لكرة القدم 2022.

كما أن حجم عوائد النشاط السياحي المتوقع في الإمارات حتى نهاية العام الجاري يقارب 50 مليار دولار، بحسب عايش الذي أكد أن زيادة كهذه في عوائد السياحة سمحت للإمارات باستحداث 90 ألف فرصة عمل عام 2022، وسط توقعات بزيادة في خلق الوظائف بالقطاع السياحي في نهاية العام الجاري.

وينوه في الإطار ذاته إلى أن رؤية السعودية لتحديث اقتصادها تقوم على تعزيز السياحة، سواء من منظار تقني أو من ناحية تطوير المشروعات السياحية في منطقة البحر الأحمر أو في داخل المملكة.

وبحسب الخبير الاقتصادي فإن إيرادات السياحة السعودية بلغت في الربع الأول من العام الجاري حوالي 10 مليارات دولار، ما يعني أن حصيلة القطاع بنهاية العام الجاري ربما تزيد على 40 مليار دولار، فيما تحاول إيران مواكبة النشاط الخليجي عبر إلغاء التأشيرة لفتح آفاق الاستفادة من الزخم السياحي القائم بدول المنطقة.

كما يوضح أن إيران تحاول زيادة إيراداتها السياحية عبر محاولة استقطاب عدد من السائحين بدول الخليج إلى زيارتها، مشيرا إلى أن عائدات القطاع بلغت 5 مليارات دولار عام 2019، وزادت إلى 6.5 مليارات عام 2022، ما مثل زيادة معتبرة، لكن معظمها محصورة في "السياحة الدينية".

ولذا، يرى عايش أن إيران تحتاج إلى تنويع قطاع السياحة على غرار ما حققته السعودية، وذلك عبر تبني سياسة "المشاركة السياحية" مع دول المنطقة، باعتبار أن الزيارات البيئية والدينية والتاريخية للأماكن السياحية المختلفة في إيران "تكمل زيارة السائح لدول الخليج العربية".

المساهمون