استمع إلى الملخص
- تراجع أسعار النفط العالمية يعكس قلق المستثمرين من زيادة الإمدادات وضعف الطلب العالمي، متأثراً بالتوترات الجيوسياسية والحرب الروسية الأوكرانية.
- "أوبك+" تستهدف تحقيق سعر عادل للنفط بين 95 و100 دولار للبرميل في ظل تراجع الاستثمارات في الطاقة التقليدية والخلافات مع وكالة الطاقة الدولية حول مستقبل صناعة النفط.
لم يجد تحالف "أوبك+" خيارا سوى تمديد اتفاقية خفض إنتاج النفط بمقدار 3.8 ملايين برميل يوميا حتى نهاية العام المقبل 2025 بدلا من نهاية ديسمبر/كانون الأول 2024. الاتفاقية الحالية التي بدأها التحالف في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إلزامية لكافة الأعضاء (عددهم 22 دولة)، وتهدف إلى الحفاظ على توازن سوق النفط العالمية.
تضاف للاتفاقية الإلزامية أخرى طوعية بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا، بدأت في مطلع يوليو/تموز 2023 وتستمر حتى سبتمبر/أيلول المقبل، بمشاركة ثماني دول بصدارة السعودية وروسيا. والأحد، أعلن تحالف "أوبك+" في بيان له تمديد اتفاقية خفض إنتاج النفط إلى ديسمبر/كانون الأول 2025، بدلاً من الموعد الذي كان مقررا بنهاية العام الجاري.
وقال التحالف في بيانه: "قررنا تمديد مستوى إنتاج النفط الخام الإجمالي للدول المشاركة في أوبك (منظمة الدول المصدرة للنفط) وخارج أوبك حتى 31 ديسمبر 2025". وتراجعت أسعار النفط في التعاملات المبكرة اليوم، لتواصل خسائر الجلسة السابقة عندما تراجعت الأسعار إلى أدنى مستوياتها في أربعة أشهر، مع قلق المستثمرين إزاء زيادة الإمدادات في وقت لاحق من العام. وهبطت العقود الآجلة لخام برنت 20 سنتاً، بما يعادل 0.3 بالمائة، إلى 78.16 دولاراً للبرميل. وأغلق خام برنت دون 80 دولارا للمرة الأولى منذ السابع من فبراير/الماضي، بعدما انخفض أكثر من ثلاثة بالمائة أمس الاثنين.
وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 17 سنتاً، أو 0.2 بالمائة، إلى 74.05 دولاراً، وأغلق بالقرب من أدنى مستوى في أربعة أشهر أمس بعد تراجعه 3.6 بالمائة.
أسباب خفض إنتاج النفط
ورغم اتفاقيتي خفض الإنتاج الإلزامية والاختيارية إلا أن الطلب على النفط الخام يشهد ضعفا في النمو مقارنة مع أرقام 2023، ويُعزى ذلك إلى مخاوف جيوسياسية. فتوترات الشرق الأوسط، واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية، ومؤشرات حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة، جميعها أحدثت مزاجا اقتصاديا سلبيا وأضعفت نمو الطلب على الخام.
تشير بيانات "أوبك" إلى أن متوسط الطلب العالمي على النفط الخام يبلغ 103 ملايين برميل يوميا، مقارنة مع قرابة 102.6 مليون برميل في 2023. هذه العوامل ساهمت في إضعاف أسعار النفط عالميا إلى متوسط 81 دولارا للبرميل من متوسط 88 دولاراً في 2023، و98 دولاراً كمتوسط في 2022، وهو العام الذي اندلعت فيه الحرب في شرق أوروبا.
لذلك، وجد التحالف أن تمديد اتفاقية خفض الإنتاج عاما إضافيا قد يساهم في الوصول إلى سعر عادل من وجهة نظرهم، أي عند قرابة 95 دولاراً للبرميل. وحتى قبل التمديد الأخير، كان التحالف في 2023 قد أقر تمديد اتفاقية الخفض حتى نهاية 2024 بدلا من نهاية العام الماضي، بسبب ظهور مؤشرات في السوق تدلل على ضعف الطلب.
سعر عادل
وفي أكثر من مناسبة، ردد التحالف أنه يطمح إلى سعر عادل لبرميل النفط الخام، وهو ما يراوح بين 95 - 100 دولار للبرميل، مقارنة مع متوسط 81 دولاراً حالياً. ومرد هذا السعر العادل، بحسب التحالف، عدة عوامل، منها: تراجع هوامش أرباح النفط الخام، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل والتكرير.
أيضاً، تشهد الاستثمارات في صناعة الطاقة التقليدية تراجعا في ضخ الأموال لصالح مصادر الطاقة المتجددة، وهو ما يعني مزيدا من المخاطر التي يتحملها منتجو الوقود الأحفوري. سبب ثالث، يتمثل في الإبقاء على مصادر آمنة وموثوقة في الطاقة التقليدية قادرة على مواجهة أي صدمات صعودية في الطلب على النفط، كما حصل في الشهر الأول للحرب الروسية الأوكرانية، عندما ارتفع الطلب من خارج روسيا، الأمر الذي قفز بالأسعار إلى 140 دولارا للبرميل. كذلك، كرر التحالف في أكثر من مناسبة أن اتفاقية خفض الإنتاج من شأنها القضاء على أي فوائض في معروض النفط العالمي وإبقاء السوق في حالة توازن.
ويخوض تحالف "أوبك+" حربا باردة مع وكالة الطاقة الدولية، التي تضم كبار مستهلكي الطاقة حول العالم، إذ ترى الأخيرة أن عصر النفط قد انتهى. ومنتصف الشهر الماضي، قالت وكالة الطاقة الدولية إن توقعات نمو الطلب العالمي على النفط هذا العام تواصل التراجع وسط تباطؤ اقتصادي وطقس معتدل في أوروبا.
وذكرت الوكالة في تقريرها الشهري حينها، أن الاستهلاك العالمي للوقود سيزيد بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا هذا العام مقارنة مع 2023 إلى 103.2 ملايين برميل نفط يوميا، أي أقل بـ140 ألف برميل عما كان متوقعا قبل شهر. هذا التقليص في الطلب على النفط يأتي للشهر الثاني على التوالي ضمن إصدارات التقرير الشهري لوكالة الطاقة الدولية، التي تتوقع استمرار الطلب الضعيف في الربع الثاني من 2024.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتهم الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وكالة الطاقة الدولية بتشويه سمعة صناعة النفط والغاز، حيث يستمر الاختلاف بشأن سياسات المناخ والطاقة. وقال هيثم الغيص، في بيان: "هذا يمثل إطارا ضيقا للغاية للتحديات التي نواجهها، وربما يقلل من قضايا مثل أمن الطاقة، والقدرة على تحمل تكاليفها أو الحصول عليها، كما أنه يشوه سمعة الصناعة ظلما باعتبارها وراء أزمة المناخ". وأضاف الغيص أنه من المؤسف أن تصف وكالة الطاقة الدولية تقنيات مثل التقاط الكربون وتخزينه بأنها "وهم"، حيث اعتبرتها التقارير الحكومية الدولية المعنية بقضايا المناخ التابعة للأمم المتحدة جزءًا من الحل، بحسب "رويترز".
يأتي هذا بعدما انتقدت وكالة الطاقة الدولية في مذكرة، العام الماضي، تقنيات احتجاز الكربون، وقالت إنه يتعين على المنتجين في صناعة الوقود الأحفوري الاختيار بين تعميق أزمة المناخ أو التحول إلى الطاقة النظيفة.
(الأناضول، رويترز)