حملة لإحصاء الماشية في الجزائر وسط رفض المربين

18 ديسمبر 2022
مربّو الماشية يعزون ارتفاع الأسعار إلى مضاربات الوسطاء (Getty)
+ الخط -

أطلقت الحكومة الجزائرية حملة واسعة لإحصاء الماشية في مختلف الولايات، وبالأخص على طول الشريط الحدودي، الشرقي والغربي، في محاولة منها لضبط الأسواق، ومحاربة التهريب وغلاء أسعار اللحوم التي لم تعد في متناول الكثير من الأسر.

وأغلقت وزارة الفلاحة بالتعاون مع وزارة التجارة كل أسواق الماشية مع منع نقلها براً، إلى غاية انتهاء عمليات الإحصاء نهاية العام الجاري، مع إلزام المربين وتجار الماشية بالتعامل بالفواتير، لكبح المضاربة والتهريب، بينما يرفض المزارعون ومربو الماشية استخدام الفواتير في تعاملاتهم التجارية، معربين عن مخاوفهم من توسيع الوعاء الضريبي بحقهم.

وليست هذه المرة الأولى التي تقر فيها الحكومة قرارات مماثلة، ففي كل سنة تحاول فرض التعامل بالفواتير على المزارعين ومربي الماشية. وبداية عام 2011 ألزمت جميع الحرفيين والتجار، بمن فيهم المزارعون، بالتعامل بالفواتير، وسرعان ما أدى هذا القرار إلى نشوب ما يُعرف بـ"احتجاجات الزيت والسكر"، بعدما قرر تجار الجملة رفع الأسعار، لتعيد الحكومة نفس المحاولة تحت غطاءٍ آخر وهو "سندات المعاملات التجارية" صيف عام 2017، وهو الإجراء الذي بقي حبراً على ورق، وفق خبراء اقتصاد.

وأمام التجارب السابقة يتساءل رئيس الاتحاد الجزائر لمربي الماشية منور عبد القادر حول الآليات التي سيُطبق بها الإجراء، قائلاً لـ"العربي الجديد" إن "القرار يبقى غامضاً، هل سيطبق على مربي الماشية أم يُحدد على الوسيط لأنه هو من يتحكم في الأسعار ويضارب عادة في الأسواق". يضيف أنّ "المزارعين عموماً، ومربّي الماشية خصوصاً، لم يبلَّغوا حول نوع الفواتير التي ستستخدم، ولا نوع الرسم على القيمة المضافة".

من جانبه، يعتبر جمال غوماري، وهو مزارع من محافظة البويرة (شمال)، أنّ "إلزام المزارعين بالتعامل بالفواتير يعد ضرباً من الخيال، لأنّ أغلبية المزارعين لا يجيدون القراءة والكتابة، والأولى كان إلزام الوسطاء بالتعامل بالفواتير". يضيف غوماري في حديثٍ مع "العربي الجديد" أنّ "مربّي الماشية معتادون على التعامل بالنقود مباشرة من دون تحرير أي ورقة، ولا يمكن أن تغير نظاماً استمر لعقود من الزمن بين ليلة وأخرى".

وتخضع الأسواق في الجزائر إلى إرادة الوسطاء، الذين يحتكرون أسواق الماشية قبيل المناسبات، إذ يقول الخبير الزراعي مروان دحماني إنّ "60% من التعاملات التجارية في قطاع الزراعة يستحوذ عليها المضاربون، وبالتالي فإنّ هذا القرار وإن كان باطنه توسيع الوعاء الضريبي فإنّ ظاهره يهدف إلى تقويض المضاربة التي أصبحت تتحكم في السوق".

يضيف دحماني أنّ هذا القرار "سيصطدم بعدة عقبات منها المتعلقة بطبيعة تعاملات المزارعين ومربّي الماشية الذين لم يعتادوا على دفع الضرائب، كما أنّ الجزائري عموماً لا يثق بالإدارة ولا يمكنه التعامل معها فجأة هكذا".

وفي نفس السياق، رحّبت جمعية حماية وإرشاد المستهلك بهذا الخطوة. وطالبت الجمعية على لسان رئيسها مصطفى زبدي "بإشراك مصالح الأمن على غرار الدرك الوطني والشرطة لفرض المراقبة على المنتجات الزراعية والماشية التي تُنقل عبر الطرقات، حتى يكون القرار ناجعاً". وأشار زبدي في حديث مع "العربي الجديد" إلى ضرورة توسيع هذا الإجراء ليشمل قطاعات أخرى ، حتى تستقر الأسعار.

المساهمون