دقت البيانات الرسمية الأخيرة ناقوس الخطر لدى الحكومة المغربية حول سوق العمل في الفترة المقبلة، وهو سوق تقلّ فيه فرص العمل المحدثة وانتشار تلك التي يوفرها القطاع غير الرسمي وتكريس الهشاشة.
لم تخيب الحكومة المغربية توقعات المراقبين حول أبرز تحدّ يواجهها، إذ وعدت بالتركيز في ما تبقى من ولايتها على قضية التشغيل، علماً أن الحكومة كانت وعدت بتوفير حوالي 200 ألف فرصة عمل في العام الواحد على مدى خمسة أعوام.
وكانت الحكومة وعدت في برنامجها عند تشكيلها في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بخلق مليون فرصة عمل على مدى خمسة أعوام، وهو تحدّ صعب في ظل ضعف النمو الاقتصادي وتوسع دائرة البطالة والفوارق الاجتماعية.
ولم يكن النمو الاقتصادي في العامين ونصف العام من عمر الحكومة في مستوى التوقعات بما يساعد على إتاحة فرص عمل كافية، علماً أن تقرير النموذج التنموي، الذي وعدت الحكومة بالاسترشاد به، راهن على نقله إلى 6 في المائة بدل 3 في المائة بالمتوسط.
ولاحظ البنك الدولي في تقريره الأخير حول الاقتصاد المغربي، أن النمو لم يتجاوز 3 في المائة في الأعوام الأخيرة، وهو ما تأكد في العام الأخير، إذ لم يتعد 2.4 في المائة في سياق متسم بالجفاف الذي أثّر على مساهمة القطاع الزراعي في الناتج الداخلي الإجمالي، ما يعزز ارتهان الاقتصاد الوطني للتساقطات المطرية.
وأفضى ذلك إلى اتساع دائرة العاطلين، حين وصل معدل البطالة إلى 13 في المائة في العام الماضي، بعدما كان في حدود 11.8 في المائة في العام الذي قبله، وهو معدل ينتقل في الأرياف من 5.2 في المائة إلى 6.3 في المائة، ومن 15.8 إلى 16.8 في المائة في المدن.
ويذهب الاقتصادي المغربي رضوان الطويل في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن نمو الناتج الداخلي الإجمالي يبقى في المغرب مرتبطاً بأداء القطاع الزراعي، علماً أنه قطاع يرتهن للتساقطات المطرية، كما أن فرص العمل التي يتيحها ضعيفة وتكرس الهشاشة.
ويشدد الاقتصادي المغربي على مساهمة القطاع غير الزراعي التي تبقى متواضعة في توفير فرص العمل في المغرب، ما يطرح تساؤلات حول جودة النمو، خاصة في ظل اتساع دائرة البطالة وسط خريجي الجامعات والشباب والنساء.
واستنفرت البيانات الرسمية الأخيرة حول الشغل والبطالة الحكومة التي عقد رئيسها عزيز أخنوش اجتماعاً للجنة الوزارية حول التشغيل، بهدف الإحاطة بالعوامل التي أفضت إلى تفشي البطالة التي طاولت 1.58 مليون شخص في العام الماضي.
وتضم تلك اللجنة التي يراد لها تشخيص وضعية التشغيل والبحث عن حلول، وزارات الصناعة والسياحة والفلاحة والصحة والتعليم والاستثمار والتشغيل والداخلية، حيث ينتظر أن تنتهي إلى خطة استراتيجية لإنعاش التشغيل في ما تبقى من عمر الحكومة الحالية.
ويتعاظم قلق الأسر من انتشار السياق الاقتصادي المتسم بعدم اليقين الناجم عن الجفاف الذي تعرفه المملكة للعام الرابع على التوالي، فقد توقعت 86.3 في المائة من الأسر، ارتفاع مستوى البطالة في العام الحالي، مقابل 6 في المائة تراهن على انخفاضه، بحسب بحث الظرفية لدى الأسر الذي نشرته المندوبية السامية للتخطيط الحكومية مؤخراً.