استمع إلى الملخص
- التكهنات حول أسباب الحرائق تتراوح بين الإهمال والتعمد، مع اتهامات لجهات "معتدية" بإفتعالها لأغراض تضر بالاقتصاد المحلي، ما يعكس حالة من القلق والتوتر.
- رئيس فوج الإطفاء في السويداء أكد أن الحرائق نجمت عن عدة أسباب منها حرق الأعشاب اليابسة، مشددًا على ضرورة اتخاذ تدابير احترازية للحد منها، في سياق يعكس تأثير الحرائق على الأمن الغذائي والاقتصاد في سوريا.
شهدت مناطق متفرقة من محافظة السويداء نشوب حرائق أمس الثلاثاء، كان أغلبها في الأراضي الزراعية من قمح وشعير، حيث تم توثيق 5 حرائق بداية من الظهر حتى ساعات الليل المتأخرة. ورصد "العربي الجديد" أماكن اندلاعها بدءاً من حريق طاول آلاف الدونمات المشجرة والمزروعة بالقمح في بلدة القريا جنوب غربيّ المحافظة، تلته حرائق أخرى في 50 دونماً من القمح في قرية ولغا، وغيرها في أراضٍ بين بلدتي الكفر وسهوة بلاطة وأرض زراعية في تعارة وبين قريتي الثعلة والمزرعة.
واختلفت التكهنات بشأن أسباب الحرائق بين رأي يقول بأنها ناتجة من الإهمال، مرجحاً أنها نشبت بفعل أعقاب سجائر قد تكون رُميت من دون إطفائها من المارة أو السيارات على الطرق، فيما شكك آخرون في أنها قد تكون مفتعلة لا مصادفة، خصوصاً أنها حصلت في أراضٍ مزروعة بالحبوب، في حوادث باتت تتكرر سنوياً.
في هذا الصدد، حمّل أحد المزارعين من بلدة القريا جهات وصفها بأنها "معتدية" افتعلت الحرائق، موجهاً أصابع الاتهام لمجموعات تابعة للجهات الأمنية بهدف قهر الأهالي. وقال لـ"العربي الجديد" إنه لا يمكن أن يكون ذلك صدفة، بل إنه عمل ممنهج لغاية الإضرار باقتصاد المحافظة المتلخص بالمحاصيل الزراعية.
وقد سجلت المحافظة الجنوبية في الآونة الأخيرة ما يزيد على 350 حريقاً في مناطق متفرقة من المحافظة، خلال الفترة الممتدة من أول إبريل/ نيسان حتى ليل أمس، وتوزعت في قرى ومدن المحافظة، وأتى نحو 90 منها على أراضٍ زراعية وحرجية وأعشاب يابسة.
وقال رئيس فوج الإطفاء في محافظة السويداء فادي الداوود في تصريحات رسمية إن أكثر من 50 حريقاً نشبت في أراضٍ زراعية وحرجية خلال الأسبوع الأخير، حيث أدت إلى احتراق أكثر من 2500 دونم مزروع بالقمح والشعير والأشجار الحرجية والمثمرة، كان أكبرها حريق حدث في بلدة قنوات جنوب شرقيّ المحافظة نهاية الأسبوع الماضي.
وقال الداوود إن "الأسباب الرئيسة الكامنة وراء نشوب هذه الحرائق أبرزها إقدام الأهالي على حرق الأعشاب اليابسة، ثم عجزهم عن السيطرة عليها، ما يؤدي إلى امتدادها لمساحات واسعة، مشيراً إلى أنه للحد منها يجب اتخاذ العديد من التدابير الاحترازية، كعدم إشعال النيران في الأعشاب اليابسة، ورمي بقايا السجائر والزجاجات الفارغة في المناطق الزراعية والبساتين، وعدم إحراق القمامة والأعشاب القريبة من الأراضي الزراعية عشوائياً، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة، والعمل على مراقبة الأراضي الزراعية لتفادي أي حريق قد يحدث، مؤكداً عدم حرق بقايا الحصاد والاستفادة منها كعلف للمواشي.
وخلال العامين السابقين، التهمت النيران مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بالقمح، وتداول حينها بعض الناشطين من محافظة السويداء على حساباتهم الشخصية صوراً لأجهزة إلكترونية بحجم الإصبع تعمل على مبدأ الولاعة وجدت في المساحات المحترقة، رجحوا حينها أنها من صنيعة الأجهزة الأمنية التابعة للنظام.
وقد يكون الأمر اتهاماً أو حقيقة، لكن مهما يكن، فالسؤال الذي يطرح في مثل هذه الحالات: "من المستفيد من احتراق المحاصيل؟". يجيب سليم حرب من الريف الشرقي للمحافظة والحائز ماجستير في الاقتصاد لـ"العربي الجديد": "فعلتها الأنظمة الفاسدة في العديد من دول العالم، كحرب على مزارعيها، إضافة إلى أن المستفيد الأول من تضاؤل الإنتاج المحلي هو المستورد، فكيف إذا كان المستوردون من فاسدي السلطة؟".
ويعتبر سليم أن حرارة الطقس قد تسبب أيضاً الحرائق، إلا أن ذلك لا يمكن أن يحصل إلا نهاراً، متسائلاً: "ماذا عن الحرائق التي تحصل في الليل؟"، ويضيف: "أما عن الحرائق بفعل أعقاب السجائر، فممكن أن تطاول المساحات القريبة من الطرقات، لكن كيف يمكن أن تبدأ من مساحات بعيدة عن مراكز الحركة؟".
ويؤكد حرب أن معظم الحرائق مفتعلة، متسائلاً: "إذا كان غير ذلك، فلماذا لم نسمع بحرائق طاولت مزارع التبغ أو الحشيش التي يديرها حزب الله اللبناني، علماً أنها من المحاصيل سريعة الاشتعال؟".
وكجنوبها، تعرضت مناطق شمال غربي سورية منذ بداية العام الحالي حتى اليوم لأكثر من 520 حريقاً أخمدتها فرق الإطفاء في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، والتهم أحدها مساحة تجاوزت 3 آلاف دونم من الشعير، وأوقع ضحايا من المدنيين.
كذلك التهمت النيران العام الماضي، شمال غربي سورية نحو 970 دونماً من الأراضي الزراعية والحرجية، وفقاً للتقديرات المحلية من سكان عزوا سبب الحرائق إلى استهداف النظام السوري وروسيا محاصيلهم لحرقها عن سبق إصرار وترصد.
وشهدت حمص في أواخر مايو/ أيار المنصرم، احتراق أربعة آلاف دونم من محصول الشعير في قرى أبو جريص، عنق الهوى، والشنداخية شرقي حمص.
أما في طرطوس الساحلية، فقد صرّح مصدر في زراعة طرطوس لـ"العربي الجديد" عن تعرض أكثر من 10 دونمات أخيراً لحرائق أحدها في منطقة الصفصافة أدى إلى احتراق دونم ونصف من الزيتون، فيما التهمت النيران عشباً يابساً في مناطق متفرقة بمساحة ثمانية دونمات ونصف تقريباً.
وكانت سورية قد شهدت خلال الأعوام الأخيرة موجة حرائق في محافظات عدة، أبرزها اللاذقية وطرطوس والسويداء وحمص وإدلب وحلب وحماة، وكان أكبرها في تاريخ سورية حريق أحراج اللاذقية وطرطوس عام 2020.