جونسون يتفاوض مع مودي حول اتفاقية للتجارة الحرة بين بريطانيا والهند

22 ابريل 2022
بوريس جونسون بالزي الهندي في بدء زيارته لإقليم كجرات الهندي (Getty)
+ الخط -

بينما بدأ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أمس الخميس، زيارة للهند لمدة يومين، ذكرت تصريحات صادرة عن مقر رئاسة الوزراء البريطانية في "10 داوننغ ستريت" بلندن، أن محادثات جونسون مع نظيره الهندي ناريندرا مودي ستركز على العلاقات التجارية والدفاعية بين البلدين وبناء شراكات تعاون في "المشاريع الخضراء".

وكشفت رئاسة الحكومة عن نيّتها إبرام اتفاقات استثمار ثنائية بقيمة مليار جنيه إسترليني من شأنها أن تولد 11 ألف فرصة عمل في بريطانيا. ومن شأن الزيارة أن تسمح بـ"توطيد العلاقات الاستراتيجية بين بلدينا في مجال التجارة والدفاع والتبادلات الفردية"، بحسب ما قال جونسون للبرلمان قبل مغادرة لندن.

وحسب تعليقات نقلتها صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، فإن جونسون سيتفادى خلال الزيارة مناقشة الحرب الروسية في أوكرانيا مع مودي بسبب تناقض المواقف السياسية بين البلدين، إذ بينما تدعم بريطانيا بشدة حكومة كييف ضد الغزو الروسي، تتخذ الهند موقف الحياد من الحرب الأوكرانية وترفض إدانة الرئيس فلاديمير بوتين وقواته الغازية.

وحسب التعليقات الرسمية الصادرة عن الحكومة البريطانية، من المتوقع أن تهيمن مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين بريطانيا والهند على الزيارة، حيث تأمل بريطانيا بتوقيع هذه الاتفاقية المهمة بنهاية العام الجاري وأن تساهم في بناء الفضاء التجاري البريطاني الجديد بعد بريكست.

وستتيح الزيارة بناء شراكات جديدة في مجالات الدفاع والذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء، فضلا عن إبرام اتفاقات استثمار في ميادين مثل تكنولوجيا الروبوتات والمركبات الكهربائية والأقمار الاصطناعية، وفق فرانس برس.

وتقرّ لندن بأن الطريق ما زال طويلا قبل إبرام اتفاق تجاري ما بعد بريكست مع حكومة مودي، التي تصرّ على منح مزيد من تأشيرات السفر للهنود كي يتسنّى لهم أن يدرسوا أو يعملوا في بريطانيا.

وأشاد جونسون بفوائد نقلة أسرع إلى الطاقة المتجدّدة في الهند، وفق الناطق باسمه، لكن من دون تحديد كيف يمكن لبريطانيا أن تساعد في تحقيق هذا الهدف على المدى القصير.

ونظرا لانعكاسات الحرب في أوكرانيا على إمدادات الطاقة، تستبعد داونينغ ستريت تليين موقفها بخصوص "صفر انبعاثات"، بعدما انضمّت الهند إلى الصين برفضها التخلي عن الفحم خلال القمّة المناخية في غلاسكو العام الماضي.

من جانبها، قالت صحيفة "تايمز أوف إنديا" الصادرة بالإنكليزية، الخميس، في تغطية حية للزيارة، إن رئيس الوزراء البريطاني سيعلن خلال الزيارة عن اتفاقات شراكة تجارية مع الهند.

ونسبت إلى جونسون قوله إنه يأمل في توقيع اتفاقية للتجارة الحرة مع الهند بنهاية العام الجاري. وذكرت "تايمز أوف إنديا" أن هذه الزيارة ستدشن شراكة تجارية واستثمارية وتقنية بين البلدين.

وتعكف بريطانيا منذ مغادرتها كتلة الاتحاد الأوروبي في بداية العام 2020، على بناء فضاء تجاري جديد خاص بها. وتضع لندن أمالاً كبيرة على توقيع اتفاقات شراكة تجارية مع الاقتصادات الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين والهند.

وحسب تقديرات الحكومة البريطانية، فإن اتفاقية التجارة الحرة مع نيودلهي ستساهم في زيادة حجم الصادرات البريطانية إلى السوق الهندية بنحو 28 مليار جنيه إسترليني سنوياً بحلول العام 2035. كما تقدر الحكومة أيضاً أن تقود اتفاقية التجارة الحرة مع الهند إلى نمو الناتج المحلي البريطاني بما يراوح بين 3.3 و6.2 مليارات جنيه إسترليني سنوياً.

من جانبها، تأمل الهند بأن تؤدي اتفاقية التجارة الحرة إلى ربط الأعمال التجارية الهندية مع نظيراتها البريطانية. وتأمل شركات التقنية الهندية بالاستفادة من ماركة "صنع في بريطانيا" في تسويق منتجاتها بالولايات المتحدة وكندا.

وكانت قوانين الهجرة من بين العقبات التي واجهت التعاون التجاري بين الهند وبريطانيا قبل خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي، ولكن منذ خروجها من الكتلة الأوروبية أجرت تعديلات رئيسية على القوانين.

يذكر أن نظام الهجرة الجديد في بريطانيا ساهم في زيادة تأشيرات الدخول إلى بريطانيا بنحو 65 ألف عامل ماهر في العام الماضي، حسب بيانات نشرتها صحيفة "فاينانشيال تايمز"، واستفاد الهنود من هذا النظام بزيادة عدد المهاجرين إلى بريطانيا.

وتأمل الحكومة البريطانية بأن تؤدي اتفاقية التجارة الحرة مع الهند، التي أصبحت خامس أكبر الاقتصادات العالمية، إلى زيادة صادراتها للسوق الهندي من قطع غيار السيارات والخدمات، خاصة المالية. كما تستهدف بريطانيا أيضاً جذب الكفاءات الهندية في مجال تقنية المعلومات.

وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن الاقتصاد الهندي من الاقتصادات سريعة النمو. وحسب البيانات، فإن حجم الاقتصاد الهندي يقدر في نهاية العام 2021 بنحو 2.947 تريليون دولار، مقارنة بحجم الاقتصاد البريطاني المقدر بنحو 2.2 تريليون دولار في نهاية العام الماضي. وبينما تعد الخدمات المالية من أكبر مميزات السوق البريطاني، تشكل منتجات التقنية مركز قوة بالنسبة للاقتصاد الهندي.

وحسب دراسة سابقة نشرتها جامعة "لندن إسكول أوف إيكونومكس"، فإن بعض شركاء بريطانيا، خاصة الشركات الأميركية، تتخوف من إغراق الشركات الهندية للسوق البريطاني بمنتجات رخيصة يتم تصديرها لاحقاً لأسواقها، في حال توقيع اتفاق التجارة الحرة مع الهند.

ويتوقع خبراء أن تستفيد الشركات البريطانية من توتر العلاقات بين نيودلهي وبكين، الذي تطور إلى مواجهة عسكرية حدودية في العام 2020، واستغلاله لزيادة صادراتها إلى الهند وتغطية الثغرات التي تركها تشديد القوانين الهندية على التعامل التجاري مع الصين. وكانت حكومة مودي قد شددت قوانين الحظر على البضائع والاستثمارات الصينية في إبريل/ نيسان من العام 2020.

وشددت الحكومة الهندية إجراءات الاستثمار الأجنبي في شركاتها. وهي خطوة نظر إليها مراقبون على أنها موجهة تحديداً ضد الشركات الصينية، إذ إن قانون تشديد إجراءات الاستثمار الجديد نص على أن شركات الدول المجاورة للهند التي ترغب بالاستثمار في الشركات الهندية يجب عليها أولاً أن تحصل على موافقة حكومة نيودلهي.

وسمى القانون دولاً من بينها باكستان والصين وبنغلاديش وميانمار ونيبال وأفغانستان. ومن المعلوم أن هذه الدول المذكورة، عدا الصين، جميعها مرهقة مالياً وبحاجة إلى مساعدات مالية من المنظمات العالمية، وبالتالي ليست لدى شركاتها فوائض مالية أو قدرة على الاستثمار خارج حدودها، وبالتالي فإن الشركات الوحيدة القادرة على الاستثمار بالسوق الهندي هي الصينية.

المساهمون