جديد قرض صندوق النقد لمصر

07 ديسمبر 2022
معاناة الأسرة المصرية تتزايد مع قرض صندوق النقد الجديد (Getty)
+ الخط -

منذ شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 اقترضت الحكومة المصرية نحو 20.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، منها 12 مليار دولار تم الحصول عليها بموجب اتفاق تضمن تعويم الجنيه مقابل الدولار، وخفض الدعم تمهيداً لإلغائه، وإجراء زيادات في أسعار سلع وخدمات أساسية الوقود والكهرباء والسلع الأساسية والضرائب، وفرض القيمة المضافة على السلع والخدمات، وسداد مستحقات شركات البترول الأجنبية العاملة في مصر.

وخلال الفترة الماضية سددت الحكومة نحو 3 مليارات دولار من دين الصندوق ليصبح إجمالي باقي الديون المستحقة نحو 17.2 مليار دولار من المقرر سدادها خلال السنوات المقبلة.

الآن اتفقت الحكومة مع الصندوق على قرض جديد قيمته 3 مليارات دولار، أي ما يعادل ما تم سُدّادِه من الديون المستحقة.

شروط الصندوق متعسفة مع معاناة المواطن الشديدة، بل وتمثل اعتداء على سيادة الدولة وتفرض إملاءات وتوجه مخصصات الدولة بما يخدم الدائنين، لا المواطن

واللافت في الأمر، أن القرض سيُمنَح على 46 شهراً، وأن الشريحة الأولى ستبلغ قيمتها 750 مليون دولار، ومن المقرر أن تصل عقب موافقة المجلس التنفيذي للصندوق، كما توقع محمد معيط وزير المالية.

وهذه الشريحة قد لا تصل إلى الموازنة المصرية بالمعنى الحرفي، حيث قد توجه لسداد دين مستحق للصندوق أو غيره من الدائنين، أو قد تصل وبعدها مباشرة تخرج لسداد أعباء دين مستحق في يناير/ كانون الثاني المقبل.

وفي الوقت الذي تشهد سوق الصرف المصرية اضطرابات شديدة بسبب زيادة سعر الدولار المتواصلة وفقدان الجنيه أكثر من 55% من قيمته منذ شهر مارس/ آذار الماضي، أدرج صندوق النقد أخيراً طلب مصر الحصول على قرض جديد على جدول أعماله، حيث يعقد المجلس التنفيذي للصندوق اجتماعاً يوم 16 ديسمبر/ كانون الأول الحالي لمناقشة ما يطلق عليه بـ "إطار تسهيل الصندوق الممدد لمصر"، وفقاً لجدول الأعمال العام.

موقف
التحديثات الحية

ولا نعرف حتى الآن هل الاجتماع المرتقب سيقر الطلب المصري مباشرة، وبالتالي يُفرَج عن الشريحة الأولى بعدها، أم لا تزال هناك مناقشات لأمور قيل إنها عالقة بين الطرفين؟

فالصندوق يطالب بعدة شروط إضافية قبل صرف القسط الأول، من أبرزها الوصول إلى سعر صرف مرن وحقيقي، أي ترك سعر الجنيه للعرض والطلب دون تدخل إداري من البنك المركزي وتوجيه السعر أو الدفاع عن الجنيه كما كان يحدث في السابق، وكذا توحيد أسعار الصرف، وهذا يتطلب القضاء على السوق السوداء للعملة وعدم وجود أكثر من سعر للدولار داخل السوق.

الصندوق يطالب مصر برفع الدعم وبيع السلع والخدمات الحكومية بسعر التكلفة، وتخارج المؤسسات السيادية من الأنشطة الاقتصادية

ومن بين الشروط كذلك سهولة حصول الأشخاص على النقد الأجنبي من البنوك، وحل أزمة تكدس البضائع في الموانئ المصرية، البالغة قيمتها 6 مليارات دولار، وإلغاء جميع القيود على التحويلات الرأسمالية والجارية، إضافة إلى إلغاء القيود على الإيداعات الدولارية واستخدامها في عمليات الاستيراد.

سبق هذه الشروط شروط أخرى منها مطالبة الحكومة المصرية برفع الدعم بشكل نهائي وبيع السلع والخدمات الحكومية بسعر التكلفة بما فيها الكهرباء والمياه والبنزين والسولار وغيرها، وتخارج المؤسسات السيادية من الأنشطة الاقتصادية والبدء في طرح الشركات التابعة لها للبيع سواء بشكل مباشر أو عبر البورصة، ورفع الدعم عن رغيف الخبز واستبداله بدعم نقدي.

بالطبع، بعض الشروط التي يطالب بها الصندوق فيها نوع من التعسف خاصة مع المعاناة الشديدة التي يمر بها المواطن، بل والاعتداء على السيادة الوطنية وفرض الإملاءات وتوجيه مخصصات الدولة بما يخدم الصندوق والدائنين، لا بما يخدم المواطن.

موقف
التحديثات الحية

فالبنوك المركزية في العالم تتدخل عندما تلحظ وجود مضاربات على عملتها الوطنية، ومن الصعب توحيد سعر الصرف والقضاء بسرعة على السوق السوداء في ظل ندرة النقد الأجنبي والمضاربات وزيادة أعباء الدين الخارجي، ومن الصعوبة أيضا تلبية البنوك احتياجات المضاربين وتجار العملة الساعين لتحقيق أرباح سريعة، ولو على حساب الاقتصاد والأسعار واستقرار الأسواق.

وبغض النظر عن هذه النقطة، فإن السؤال يبقى: هل ستحدّ الحكومة من الاقتراض الخارجي في ظل زيادة المخاوف على الاقتصاد واستقرار العملة ومستقبل الجنيه؟

هل ستحدّ الحكومة من الاقتراض الخارجي في ظل زيادة المخاوف على الاقتصاد واستقرار العملة ومستقبل الجنيه؟

الجواب جاء سريعاً من وزير المالية اليوم الأربعاء، حيث أعلن سعي الحكومة لاقتراض 2.5 مليار دولار عن طريق طرح صكوك سيادية، وقبلها مباشرة كشف نائبه أحمد كوجك عن مفاوضات لاقتراض نصف مليار دولار من الصين عبر طرح سندات الباندا، وهناك مفاوضات لاقتراض 6 مليارات دولار أخرى من شركاء إقليميين ودوليين.

النتيجة النهائية، قرض وراء قرض، واتفاق مع الصندوق يعقبه اتفاق وشروط تعسفية بحق المواطن وسيادة الدولة، ودخول البلاد ومعها الأجيال الحالية والمقبلة في نفق القروض المظلم الذي لا يعرف أي جيل سيخرج منه ويتغلب عليه.

المساهمون