برزت أزمة التزود بالمحروقات مجددا في تونس بعد تسجيل نقص في مواد بترولية على مستوى الخدمات، وتعليق بعضها نشاط بيع البنزين بمختلف أصنافه إلى حين توفر الكميات المطلوبة.
واصطفت السيارات اليوم الثلاثاء، أمام محطات الوقود في طوابير الانتظار بحثا عن البنزين، بينما أكد عاملون في المحطات أن بوادر النقص ظهرت منذ أمس الاثنين نتيجة عدم توزيع الشركات للكميات المطلوبة.
وقال عمال في محطات خدمات بالعاصمة تونس في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن "الكميات التي حصلت عليها المحطات منذ يوم أمس الاثنين لم تكن كافية لتلبية طلب سيارات البنزين بينما تواصل بيع السولار بصفة عادية".
من جانبه أكد كاتب عام الجامعة العامة للنفط والمواد الكيميائية سلوان السميري في تصريح لإذاعة موزاييك المحلية أن "الاضطراب المسجل في تزويد البنزين يعود سببه لمشكل لوجستي يتعلق بنقل المواد البترولية من الميناء التجاري في بنزرت نحو محطات توزيع المحروقات حيث تتم العملية حاليا عبر الشاحنات".
وقال إن "الكميات المتوفرة من مادة البنزين الخالي من الرصاص تكفي السوق لمدة تتراوح بين 4 أو 5 أيام في انتظار وصول باخرة تبعد عن تونس حاليا مسافة يومين".
وأفاد السميري أن باخرة محمّلة بـ"الغازوال" قامت أمس الاثنين، بإفراغ نصف حمولتها في ميناء الصخيرة ومن المنتظر أن تفرغ بقية الكمية في ميناء بنزرت. وأشار إلى أن الاضطرابات تعود أيضا إلى نقص العملة الصعبة ومشاكل المالية العامة.
وتتواتر في تونس مشاكل إضراب التزود بالمحروقات ولا سيما البنزين بسبب تداعيات أزمة المالية العامة على برامج التوريد وقدرة السلطة على الإيفاء بالتزاماتها إزاء المزودين.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي عاشت البلاد أياما على وقع نقص البنزين قبل أن تنفرج الأزمة بعد التوصل إلى حلول لسداد فواتير الطاقة والسماح للبواخر بإفراغ حمولاتها في الموانئ.
وتعاني السوق التونسية من نقص في مواد حيوية ومنها الحبوب والدواء والسكر إلى جانب تواتر اضطراب توزيع المحروقات.
وتواصل حكومة نجلاء بودن التي تفاوض صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار تجميد آلية الزيادة في سعر المحروقات منذ بداية العام الحالي، خوفا من تأثيرات ذلك على الوضع الاجتماعي.
وبداية مايو /أيار الحالي أقال الرئيس قيس سعيد وزيرة الطاقة نائلة القنجي وذلك عقب تصريح إعلامي أكدت فيه اقتراب الحكومة من وضع اللمسات الأخيرة على خطة توجيه الدعم نحو مستحقيه، بما في ذلك الدعم الطاقي.
وأكدت الوزيرة المقالة، حينها أن السلطات منكبة على دراسة فرضيات توجيه الدعم بصفة محكمة، وهي في مراحلها الأخيرة، وقالت إن "روزنامة التعديل في أسعار المحروقات ستتوضح مع انتهاء الحكومة من إعداد برنامج إصلاح منظومة الدعم".
ويفترض أن تبدأ تونس هذا العام في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي يشمل خفض دعم سلع غذائية ودعم الطاقة، غير أنها لم تطبّق بعد أي زيادة جديدة في أسعار المحروقات منذ بداية السنة الجارية.
ووفقاً لميزانية 2023، تعتزم تونس خفض نفقات الدعم بنسبة 26.4% إلى 8.8 مليارات دينار (2.89 مليار دولار).
لكن حتى الآن لم ترفع الحكومة أسعار الوقود هذا العام على عكس ما خطط سابقاً، في ما يبدو أنه سعي لتجنب الغضب الشعبي مع وصول التضخم إلى 10.3%، وهو أعلى مستوى منذ أربعة عقود.