كشف مسؤول في البنك المركزي التونسي أن بلاده تجري محادثات متقدمة للغاية مع كل من السعودية والإمارات للحصول على تمويل لدعم الميزانية العامة للدولة، التي تواجه صعوبات مالية حادة.
وقال رئيس الإدارة العامة للتمويل والمدفوعات الخارجية في البنك المركزي، عبد الكريم لسود، في مقابلة عبر الهاتف مع وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، إنه قد يتم التوصل قريباً إلى اتفاق مع الدولتين الخليجيتين، لكنه لم يذكر تفاصيل عن حجم المساعدة التي تجرى المناقشات بشأنها.
وتعاني تونس من مشاكل اقتصادية طويلة الأمد وغرقت في اضطرابات سياسية جديدة منذ أواخر يوليو/ تموز الماضي، عندما علق الرئيس قيس سعيد البرلمان وانفرد بالسلطة التنفيذية، الأمر الذي تسبب في قلق واسع في أوساط المستثمرين وحتى الطبقات العاملة وارتباك في الأسواق.
من جانبه، أعرب البنك المركزي مؤخراً عن قلقه بشأن النقص "الحاد" في موارد البلاد من العملات الأجنبية وتفاقم الدين العام. وقال لسود إن البنك المركزي ووزارة المالية أجريا مؤخراً مناقشات مع صندوق النقد الدولي بشأن الإصلاحات الاقتصادية المحتملة.
وأضاف أنه يتعين على الحكومة التوصل إلى توافق مع النقابات العمالية وكبار رجال الأعمال حول الخطوات حتى يمكن تفعيلها في أسرع وقت ممكن.
وحذّرت مؤسسات مالية عالمية مؤخراً من تأزم الوضع المالي ليصل إلى حد عدم القدرة على سداد مستحقات الدائنين وتصاعد موجات الغلاء والبطالة والتعثر في دفع رواتب الموظفين من موارد مالية حقيقية.
وأمام غموض الوضع السياسي والاقتصادي، توقفت المفاوضات التي انطلقت مع صندوق النقد الدولي منتصف مايو/ أيار الماضي، بهدف التوصّل إلى اتفاق جديد للحصول على قرض قيمته 4 مليارات دولار.
ويشترط صندوق النقد الدولي توفر الاستقرار السياسي وتوافقاً بين جميع الأطراف السياسية والمنظمات الوطنية، إلى جانب الالتزام بتنفيذ جملة من الإصلاحات المتأخرة.
وكانت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني قد أشارت في تقرير لها عقب قرارات الرئيس التونسي "الاستثنائية" في يوليو/ تموز، إلى أنه من الصعب التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد في ظل الظروف الأخيرة، محذرة من خفض تصنيف تونس مجدداً بعد الخفض الأخير لتصنيفها السيادي إلى "B-"، والذي يعني أن هناك احتمالية لعدم سداد الالتزامات ومخاطر عالية.
وحسب "فيتش"، فإن قرارات سعيد ستقلل من استعداد الشركاء الغربيين لدعم بلاده، كما أن فشل التفاوض مع صندوق النقد سيؤدي إلى استمرار الاعتماد الشديد على التمويل المحلي، وسيزيد من الضغوط على السيولة.
والخميس الماضي، خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف تونس، إلى Caa1، مشيرة إلى "وجود مخاطر تتعلق بإحتمال عجز تونس عن تأمين تمويلات مهمة، ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط السيولة والتخلف عن سداد الديون".
وتفاقمت الضغوط المالية الداخلية والخارجية مع تسديد الدولة ديوناً بأكثر من مليار دولار في يوليو/ تموز، وسط توقعات باحتمالية طبع نقد محلي لسداد ديون للدائنين داخل البلاد.
في المقابل، قال الرئيس التونسي في أكثر من مناسبة إن المرحلة القادمة ستكون أحسن وإنه سيحرص على حماية قوت التونسيين. بينما يتوقع محللون أن تشهد الدولة صعوبات أكبر، خاصة على صعيد تضخم أسعار المستهلكين مع القفزات التي تسجلها أسواق الطاقة العالمية وأزمة سلاسل توريد السلع.
ويمثل كبح التضخم المعركة الأساسية التي يقودها محافظ البنك المركزي، مروان العباسي، منذ توليه السلطة النقدية عام 2018، معتبراً أن انفلات التضخم هو الخطر الأكبر الذي يمكن أن يهدد معيشة المواطنين.
وانكمش الناتج المحلي الإجمالي لتونس، خلال الربع الثاني من 2021، بنسبة 2% على أساس فصلي، مقارنة مع انكماش بنسبة 1.7% في الربع الأول لنفس العام. كما ارتفعت المديونية العامة خلال العام الجاري إلى نحو 35 مليار دولار، وهي تشكل أكثر من 85% من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2021
وتونس بحاجة إلى تعبئة قروض إضافية بقيمة 18.7 مليار دينار (6.85 مليارات دولار)، وقد بلغت مستحقات الدين العمومي 16.3 مليار دينار (6 مليارات دولار) خلال 2021 وحده، لتمويل عجز ميزانيتها وسداد المزيد من الديون المستحقة.