استمع إلى الملخص
- الجفاف والإجراءات الصارمة للبنك المركزي التونسي، بما في ذلك تعديل سعر الفائدة، لم يمنعا التضخم من الوصول إلى أعلى مستوياته في ثلاثة عقود بـ10.4% في فبراير.
- يعزو مراد الحطاب استمرار ارتفاع أسعار الغذاء إلى نقص العرض وسيطرة المضاربين، مشيرًا إلى أن تأخر إصلاح ورقمنة مسالك التوزيع يؤدي إلى غلاء معيشي يؤثر على الأسر التونسية.
أعلن معهد الإحصاء التونسي استقرار التضخم في تونس عند مستوى 2.7% في شهر مايو/ أيار الماضي، مقابل تواصل ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 9.7% باحتساب الانزلاق السنوي. وقالت النشرة التي أصدرها المعهد، يوم الخميس، أنّ مجموعة المواد الغذائية الحرة (غير المدعّمة) ساهمت بأعلى نسبة في التضخم، وقدرت بنسبة 2.6%، فيما ساهمت مجموعة المواد الغذائية المدعّمة بأدنى نسبة، وقدرت بنحو 0.1%.
وكشفت البيانات ذاتها أنّ ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 9.7% يعود بالأساس إلى ارتفاع أسعار القهوة بنسبة 35%، وأسعار لحم الضأن بنسبة 27.8%، وأسعار الزيوت الغذائية بنسبة 21.9%، وأسعار التوابل بنسبة 16.6%، وأسعار لحم البقر بنسبة 15.7%. وفي ذات السياق شهدت أسعار الخدمات ارتفاعاً بنسبة 5.5%، ويعزى ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار خدمات المطاعم والمقاهي والنزل بنسبة 1.2%.
وتواصل أسعار الغذاء في تونس ارتفاعها تحت تأثير أزمة الجفاف، ما يكبح محاولات خفض التضخم رغم تسجيل تراجع خلال الفترة الفاصلة بين فبراير/شباط 2023 ومايو/ أيار 2024. وفي فبراير من العام الماضي، ارتفع التضخم في تونس إلى أعلى مستوى منذ ثلاثة عقود، ليصل إلى 10.4%، قبل أن يأخذ مساراً تنازلياً مدفوعاً بإجراءات صارمة اتخدها البنك المركزي التونسي، ومن أهمها تعديل سعر الفائدة.
ويفسر الخبير المالي مراد الحطاب استمرار أسعار المواد الغذائية في مستويات مرتفعة بتزامن الفترة الحالية مع تقاطع الفصول التي يتراجع فيها عرض مواد أساسية في موائد التونسيين على نحو الخضر والفواكه ما يدفع بالأسعار إلى الصعود. وأكد الحطاب في تصريح لـ"العربي الجديد" وقوع منظومة الغذاء تحت تأثير عوامل مختلفة، من بينها الطبيعي الذي يتعلّق بأزمة المناخ، وأخرى تهم مسالك التوزيع التي يسيطر عليها المضاربون.
وأوضح أنّ تأخر إصلاح مسالك توزيع الغذاء ورقمنتها يبقيان بورصة أسعار السلع المحررة في قبضة التجار والمضاربين الذين يتحكمون في السوق، مضيفاً أنّ "الغلاء في تونس، بالتزامن مع تراجع مؤشر التضخم، يثبت أن أسباب التضخم في البلاد ليست نقدية، بل مرتبطة أساساً بالاستهلاك ومسالك التوزيع المنفلتة عن أجهزة الرقابة الحكومية".
وبحسب بيانات معهد الإحصاء، فإنّ أسعار المواد الحرة شهدت خلال شهر مايو/أيار 2024 ارتفاعا بنسبة 8% مقابل 6.4% بالنسبة للمواد المدعّمة، مع العلم أنّ نسبة الانزلاق السنوي للمواد الغذائية الحرة بلغت 10.6% مقابل 3.6% بالنسبة للمواد الغذائية المدعّمة. وباتت أسعار المواد الغذائية في تونس عبئاً على طيف واسع من الأسر التي تعاني من نقص الموارد المالية وارتفاع نسب الديون، ما يدفع العديد منها إلى الاستغناء عن مواد مهمة في سلة الغذاء التقليدية، من أبرزها اللحوم الحمراء.
وخلال السنوات الماضية التهم التضخم والغلاء كل محاولات تحسين موارد الأسر، لا سيما طبقة الموظفين الذين حصلوا على زيادات في الدخول لا تزيد عن 471 ديناراً (حوالي 150 دولاراً) خلال الفترة بين 2015 و2022، وفق بيانات لمعهد الإحصاء الحكومي.
وعلى نحو متصل، كشفت بيانات رسمية لمعهد الإحصاء الحكومي أنّ متوسط الرواتب الشهرية لنحو 670 ألف تونسي يعملون في القطاع الحكومي لا يتجاوز 1387 ديناراً (نحو 450 دولاراً) شهرياً، بينما يحتاج تحقيق العيش الكريم لأسرة تتكون من 4 أفراد، وفق دراسة أجرتها منظمة إنترناسيونال ألارت تونس في مارس/ آذار 2021 إلى ما لا يقل عن 2400 دينار.
وتشهد أسواق تونس زيادة متسارعة منذ العام الماضي، إذ تأثرت بتبعات الحرب الروسية الأوكرانية كما بقية اقتصادات العالم، فضلا عن تداعيات الجفاف، ما تسبب في تضخم قياسي عالجه البنك المركزي التونسي بزيادة أسعار الفائدة في 5 مناسبات.