توتر البحر الأحمر: مخاوف من سيطرة دولية على الممرات التجارية المائية

20 يناير 2024
احتدام المعارك يزيد القلق على الاقتصاد اليمني (محمد حمود/ الأناضول)
+ الخط -

لم يثن التدخل العسكري الأميركي والبريطاني والضربات التي يتعرض لها اليمن منذ أيام جماعة الحوثي، التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في اليمن، عن مواصلة تنفيذ عملياتها في البحر الأحمر وسط تأكيدات بالتركيز على استهداف السفن الإسرائيلية والمتعاونة معها والمتجهة إلى موانئها.

يأتي ذلك في الوقت الذي تنحدر فيه الأحداث المتصاعدة في ممرات اليمن المائية إلى منعطفات خطيرة في ظل تهديدات متبادلة، يتوقع أن تضاعف عسكرة البحر الأحمر وسط تفاقم أزمة الشحن التجاري الدولي، في حين يرجح خبراء اقتصاد أن تكون لهذه الأحداث تبعات جسيمة قد تطاول الموانئ اليمنية وتضاعف انكماش الاقتصاد الوطني المهدد بفقدان جزء كبير من المساعدات والتمويلات الدولية.

وفي الوقت الذي تتجه فيه الأحداث إلى التوسع لتشمل مناطق أخرى بوتيرة أكبر، مثل البحر العربي وخليج عدن، إلى جانب البحر الأحمر وباب المندب.

جددت جماعة الحوثي، في بيان صادر في 15 يناير/ كانون الثاني عن قواتها البحرية، استمرارها في منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة حتى يتوقف العدوان والحصار على غزة، مؤكدةً أن الملاحة آمنة في البحرين العربي والأحمر وباب المندب عدا السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة.

كما أعلنت جماعة الحوثي عن استهداف السفينة "زوغرافيا" التي كانت متجهةً إلى موانئ فلسطين المحتلة، وإصابتها بشكل مباشر.

وأوضحت، في بيان صادر الثلاثاء الماضي، أن قواتها البحرية نفذت عمليةَ الاستهداف بعددٍ من الصواريخ البحرية المناسبة، وذلك انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للعدوان والحصار في قطاعِ غزة، لافتة إلى أن عملية الاستهداف جاءت بعد رفض طاقم السفينة النداءات التحذيرية، ومنها الرسائل التحذيرية النارية.

وأكد البيان استمرار القوات المسلحة اليمنية في تنفيذ قرار منع الملاحة الإسرائيلية، أو المرتبطة بها، في البحرين الأحمر والعربي حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة.

في السياق، يعتبر الخبير في الملاحة البحرية علي هزاع، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تطورات الأحداث الأخيرة، أي استهداف وإصابة سفينة شحن أميركية في خليج عدن، مؤشر مهم على القدرات العالية التي تمتلكها جماعة الحوثي وقدرتها العسكرية في التحكم بممرات التجارة الدولية في اليمن، وقدرة الجماعة البحرية التي تمكنها من رصد وكشف هوية السفن، كما هو الحال مع سفينة الشحن الأميركية التي استُهدفت في خليج عدن وكانت ترفع هوية أخرى لإخفاء هويتها الأصلية.

‏ودعت إدارة الملاحة في وزارة المواصلات الأميركية جميع السفن الأميركية الى تجنب المياه المحيطة باليمن جنوبي البحر الأحمر وباب المندب والنصف الغربي من خليج عدن.

ويتوقع هزاع أن تتصاعد الأحداث خلال الفترة القادمة مع بروز أطماع أميركا وبريطانيا في هذه المنطقة الجغرافية المهمة التي تربط الشرق بالغرب وممرات التجارة الدولية بين آسيا وأوروبا.

واستبعد أن يكون التدخل بهذه الصورة التي يصفها بالهستيرية، وتجاوزهما القوانين والأعراف التي تطبقها هاتان الدولتان، وعدم عودتهما إلى مجلسيهما البرلمانية، هدفها فقط إيقاف تهديد الملاحة الدولية وتأمين مرور السفن الإسرائيلية، بل لها أبعاد أخرى، وفق حديث هزاع، في إطار الأقطاب الدولية الكبرى ومساعيها للهيمنة والتحكم بممرات التجارة الدولية.

ويستدل هذا الخبير في الملاحة البحرية على حديثه في هذا الجانب بموقف كل من الصين وروسيا في مجلس الأمن، الذي عقد جلسة خاصة مطلع يناير/ كانون الثاني لبحث الأزمة في البحر الأحمر. إذ رفضتا التدخل أو استخدام الفيتو، وذلك لتمرير القرار الذي سيؤدي إلى تدخل أميركا وتورطها بشكل أكبر في المنطقة بسبب مساندتها العدوان الإسرائيلي على غزة.

ويخشى الخبير الاقتصادي ياسين القاضي، في حديثة لـ"العربي الجديد"، من تبعات ما يجري على الموانئ اليمنية وإغلاقها أمام الشحن التجاري الدولي، إضافة إلى تبعات ذلك على الاقتصاد اليمني المتدهور والمنهار، إذ يتوقع استمراره في الانكماش مع تأثير الأزمة على الشأن المحلي وجهود التسوية التي كانت ستمهد لعدد من الإجراءات والترتيبات الاقتصادية، مثل إعادة تصدير النفط وصرف رواتب الموظفين وإعداد موازنة عامة للدولة.

وكان صندوق النقد الدولي قد أشار، في تقرير حديث، إلى ارتفاع عدم اليقين بشأن مسار الصراع وتأثير ذلك على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل، حيث توقع الصندوق أن يؤدي ارتفاع منسوب المخاطر إلى زيادة تكاليف الاقتراض، وهو ما قد يؤثر سريعا على الاقتصادات المثقلة بالديون.

وعلاوة على ذلك، يمكن أن تشهد الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات في المنطقة، مثل اليمن، انخفاضاً في تدفقات المساعدات الضرورية إذا ما تحول تركيز الجهات المانحة عنها ولم يتسع نطاق المساعدات الدولية لتلبية الاحتياجات العالمية المتزايدة.

المساهمون