تهديدات بإغلاق حقول النفط الليبية وسط تصعيد الصراع على المصرف المركزي

26 اغسطس 2024
مصفاة نفط في منطقة البريقة شمالي ليبيا (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تصاعد الصراعات السياسية والاقتصادية في ليبيا**: تشهد ليبيا صراعات للسيطرة على المؤسسات المالية والنفطية، مع تهديد "مجلس أعيان منطقة الواحات" بإيقاف إنتاج النفط احتجاجاً على تغيير إدارة مصرف ليبيا المركزي، مما أدى إلى تحشيدات عسكرية في طرابلس.

- **تداعيات اقتصادية خطيرة**: حذر خبراء الاقتصاد من أن إغلاق حقول النفط سيؤدي إلى نقص في إمدادات الوقود، وارتفاع الأسعار، وتدهور العملة الوطنية، مما يعقد الوضع الاقتصادي ويزيد الأزمات المعيشية.

- **أزمة الوقود وتراجع الإنتاج النفطي**: تشهد ليبيا أزمة وقود حادة، مع انخفاض إنتاج النفط إلى 900 ألف برميل يومياً بسبب توقف حقل الشرارة وأعمال الصيانة، مما يزيد من تعقيد الوضع السياسي والاقتصادي.

تتصاعد الصراعات في ليبيا للسيطرة على المؤسسات المالية والنفطية، إذ هدد ما يعرف بـ"مجلس أعيان منطقة الواحات" في حوض النفط والغاز في الجنوب الشرقي للبلاد بإيقاف إنتاج النفط في المنطقة، احتجاجاً على تغيير محافظ ومجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي.

وتتنازع الأطراف السياسية في ليبيا حول تعيين إدارة جديدة للمصرف المركزي برئاسة محمد عبد السلام الشكري، إذ رفض مجلسا النواب والأعلى للدولة الليبيان، قرار المجلس الرئاسي تكليف الشكري إدارة المصرف، وتطور الأمر أخيراً إلى تحشيدات عسكرية في طرابلس بين أطراف تسعى لتمكين الشكري من منصبه، وبين مجموعات أخرى تعارض ذلك وتناصر بقاء المحافظ الحالي الصديق الكبير، وسط مخاوف من توقف أنشطة المصرف الذي يشهد أيضاً انقساماً بين موظفيه.

جاء تهديد "مجلس أعيان الواحات" رداً على ما وصفه بأنه "محاولة للسيطرة على المصرف المركزي بالقوة، والاستفراد بالأموال وتعطيل عملية التنمية في البلاد". كما تزامن مع تلويح رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بإمكانية إغلاق حقول النفط إذا تم تسليم المصرف المركزي إلى "أياد غير أمينة" على حد وصفه، متحدياً المجلس الرئاسي المعترف به دولياً بطرابلس الذي يتمسك بقرار تعيين الشكري بدلاً من الصديق الكبير.

وتنذر الصراعات المتصاعدة بتداعيات اقتصادية عميقة. وقال خبير الاقتصاد عادل المقرحي لـ"العربي الجديد" إن إغلاق الحقول النفطية سيؤدي إلى نقص كبير في إمدادات الوقود، ما سيرفع الأسعار ويزيد الضغوط الاقتصادية على المواطنين.

وأضاف أن توقف إنتاج النفط سيؤدي كذلك إلى تدهور العملة الوطنية وزيادة سعر الدولار في السوق الموازية، مما سيعرقل التنمية الاقتصادية ويزيد من تعقيد الوضع في البلاد.

في السياق، حذر المحلل المالي عبد الناصر الميلودي من أن الصراع قد يتطور إلى استخدام ورقة النفط أداةَ ضغطٍ، نظراً إلى اعتماد ليبيا على سلعة واحدة مصدراً رئيسياً للإيرادات. وقال الميلودي لـ"العربي الجديد" إن المواطن في الوقت الحاضر يعاني أزمات معيشية تشمل نقص السيولة وارتفاع الأسعار، وإيقاف إنتاج النفط سيؤدي إلى ارتفاع التضخم ويعرقل الحياة اليومية. وأكد أن الوضع الاقتصادي يواجه صعوبات في الأساس، والإغلاقات غير القانونية سيكون لها تأثيرات سلبية أعمق على الاستقرار المالي.

ويأتي التهديد بإغلاق حقول النفط من قبل أطراف محسوبة على مجلس النواب وخليفة حفتر، في وقت تشهد فيه المدن الليبية منذ أيام أزمة وقود، إذ تمتد الطوابير الطويلة أمام محطات الوقود، ما يضطر المواطنين إلى الانتظار ساعات طويلة للحصول على كميات قليلة من البنزين.

وأفادت مصادر مسؤولة في المؤسسة الوطنية للنفط في وقت سابق من أغسطس/ آب الجاري بأن إنتاج النفط الليبي انخفض إلى 900 ألف برميل يومياً، بسبب توقف حقل الشرارة النفطي بالكامل، وأعمال الصيانة في خط الأنابيب الذي يضخ النفط من حقل الواحة إلى ميناء السدرة شرق البلاد. وكان الإنتاج النفطي قد استقر عند مستوى 1.2 مليون برميل يومياً حتى يوليو/ تموز الماضي. وسبق أن أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط بداية العام خططاً لتعزيز الإنتاج إلى 1.5 مليون برميل يومياً بحلول عام 2025، وإلى مليوني برميل بحلول عام 2027.

وفي الخامس من أغسطس/ آب الجاري، توقف حقل الشرارة عن الإنتاج بالكامل، ويعد الحقل من أكبر مناطق إنتاج النفط في ليبيا، بقدرة إنتاجية تبلغ نحو 300 ألف برميل يومياً. وقد تم استهدافه بشكل متكرر لأسباب سياسية متنوعة ومطالب من محتجين محليين. وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط حالة القوة القاهرة على الحقل، مشيرة إلى أن هذه الظروف خارجة عن سيطرتها.

ويُعتبر حقل الشرارة، بحسب تقرير لنشرة "أويل برايس" الأميركية المتخصصة في الطاقة، هدفاً منتظماً للفصائل السياسية والعسكرية المتنافسة في ليبيا، التي تواجه صعوبات في استغلال كامل ثروتها النفطية بسبب الوضع السياسي المعقد.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويدار حقل الشرارة من قبل شركة أكاكوس، التي تتوزع أسهمها بين المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، وشركات "ريبسول" الإسبانية، و"توتال" الفرنسية، و"أو إم في" النمساوية.

وقالت حكومة الوحدة الوطنية، إن إغلاق حقل الشرارة "ابتزاز سياسي" مرتبط باعتقال صدام نجل خليفة حفتر في أوروبا بتهم تتعلق بتهريب الأسلحة. ومند مارس/آذار 2022، تعاني ليبيا انقساماً سياسياً، حيث توجد حكومتان متنافستان، الأولى تحظى باعتراف دولي وأممي، هي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها العاصمة طرابلس، وتدير غرب البلاد بالكامل، والثانية برئاسة أسامة حماد، التي كلفها مجلس النواب وتدير شرق البلاد وبعض المدن في الجنوب من مقرها في بنغازي وتدعمها مليشيا خليفة حفتر.

وذكرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية أن خطر نشوب صراع عام في ليبيا أصبح واضحاً، خصوصاً في ظل الأزمات المتصاعدة التي تعصف بالبلاد، حيث تكافح ليبيا للوفاء بالاحتياجات اليومية لمواطنيها وسط حالة من عدم الاستقرار المتزايد.

وتحولت صناعة النفط في ليبيا من محرك للازدهار إلى ساحة للنزاع السياسي منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011. وتمتلك ليبيا أكبر احتياطيات نفطية في أفريقيا، لكن إنتاجها لم يعد يصل إلى مستويات ما قبل 2011. وفي عام 2023، صدّرت ليبيا 432 مليون برميل من النفط، وهو أقل بكثير من ذروة الإنتاج التي بلغت 3.4 ملايين برميل يومياً في عام 1970.

المساهمون