تنافس إيراني أميركي لإمداد لبنان بالوقود

21 اغسطس 2021
الشارع في انتظار حل جذري لأزمة الوقود (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن أزمة الوقود المتصاعدة في لبنان لن تجد حلولاً، إلا عبر الدعم الخارجي، إذ انطلقت ناقلة إيرانية محمّلة بالمازوت إلى لبنان، وفي المقابل أبلغت السفيرة الأميركية، دوروثي شيا، السلطات اللبنانية رسمياً بأن واشنطن قررت مساعدة البلد في استجرار الكهرباء والغاز من مصر والأردن مروراً بسورية.
وحسب بيان صادر عن الرئاسة، أوضحت السفيرة الأميركية أن ذلك سيتم "عن طريق توفير كميات من الغاز المصري إلى الأردن، تمكنه من إنتاج كميات إضافية من الكهرباء لوضعها على الشبكة التي تربط الأردن بلبنان عبر سورية".

ولفتت شيا إلى أن "الجانب الأميركي يبذل جهداً كبيراً لإنجاز هذه الإجراءات، وأن المفاوضات جارية مع البنك الدولي لتأمين تمويل ثمن الغاز المصري وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز".

وعلى الجانب الآخر، انطلقت أول سفينة مُحمَّلة بالمحروقات من إيران إلى لبنان أول من أمس، بعدما أنجزت كل الترتيبات والمعاملات الإدارية المطلوبة وفق ما أكده الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في كلمته خلال ذكرى عاشوراء، مشدداً على أن "الأولوية ستكون للمازوت"، ومحذراً الأميركيين والاحتلال الإسرائيلي من المسّ بها، وملوحاً بالتصعيد العسكري بعد اعتبارها بمثابة أرضٍ لبنانية.

 

ونأت وزارة الطاقة اللبنانية بنفسها عن المسؤولية، معمّمةً عبر أوساطها أنه لم يصل إليها أي طلب إذنٍ رسميٍّ باستيراد النفط الإيراني أو تفريغه أو توزيعه لعلمها مدى خطورة منح هذه الخطوة غطاءً شرعياً رسمياً في ظلّ العقوبات الخارجية على إيران، وخصوصاً الأميركية التي تحظّر على أية دولة أو شركة شراء النفط الإيراني.

وتستبعد أوساط وزارة الطاقة أن يُصار إلى إرسال طلب بهذا الاتجاه، نظراً لمقصلة العقوبات التي لا يريد حزب الله توريط لبنان كدولة فيها.

وشدد الأمين العام لـ"حزب الله" على أن "أزمة الوقود في لبنان مفتعلة ومصطنعة وتهدف إلى إذلال اللبنانيين وكان يمكن معالجتها لو بادرت الدولة بالحزم"، مشيراً إلى المداهمات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية وعثورها على ملايين الليترات من البنزين والمازوت. وطالب الدولة بأن تزج المحتكرين في السجون.

يقول الخبير الاقتصادي، وليد أبو سليمان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تعامل لبنان مع إيران من شأنه أن يعرّضه للعقوبات وما تحمله من تداعيات خطيرة على الداخل اللبناني والاقتصاد المحلي، وأخطرها قد يكون الطلب من المصارف المراسلة، وهو مصرف واحد، وقف التعامل مع البنك المركزي والمصارف اللبنانية، وبهذه الحالة نكون أمام انقطاع تام مع العالم المالي، أي ينقطع عن لبنان الاستيراد الذي هو بمثابة الأوكسجين المالي للبلاد".

من ناحية ثانية، يلفت أبو سليمان إلى أن "المكان الذي سترسو فيه الباخرة وتفرّغ حمولتها مهمّ جداً وما يزال مجهولاً، ففي حال كان سورية، فهنا ستتجه الأنظار سريعاً إلى قانون قيصر الذي يحظر التعامل مع الدولة السورية ما يعرّض لبنان للعقوبات التي قد تكون مفتوحة على مختلف الاتجاهات".

ودخل "قانون قيصر" حيّز التنفيذ في 17 يونيو/ حزيران، بعدما كان الكونغرس الأميركي قد أقرّه ووقع عليه الرئيس دونالد ترامب في 20 ديسمبر/ كانون الأول عام 2019.

وينصّ القانون على فرض عقوبات هي الأقسى من نوعها على نظام الرئيس السورية بشار الأسد وداعميه ومموليه، الأمر الذي يضع عدداً من الدول تحت مجهر العقوبات الأميركية، من بينها لبنان الذي قد يتأثر كدولة وليس "حزب الله" فقط.

 

وكذلك "من شأن التعامل مع إيران من خلال نفطها، وتعريض لبنان للعقوبات، أن ينعكس على مستوردي النفط الذين قد يواجهون حظر التعامل مع الشركات في الخارج"، حسب أبو سليمان.

وحول تأثير إعلان نصر الله انطلاق سفينة النفط من إيران إلى لبنان ومن أحد تداعياتها فرض عقوبات قد تطاول شركات الاستيراد التي قد تمنع من استيراد النفط، يكتفي رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط، جورج فياض، بالقول لـ"العربي الجديد": "لا يمكن التنبؤ الآن بذلك، ولكن في حال فرضت عقوبات من هذا النوع فإننا كشركات لا نضع القوانين التي تجيز أو تمنع وما باليد حيلة بالتالي".

وهناك سيناريوهات كثيرة تبقى في دائرة التحليلات، منها أن السفينة قد لا تصل إلى لبنان بسبب تهديدات بعدم السماح لها بالمرور، خصوصاً من جانب الاحتلال الإسرائيلي، كما أن الباخرة قد لا ترسو في مرفأ بانياس السوري لإبعاد مخاطر قانون قيصر عن الدولة اللبنانية، وكذلك الأمر لن ترسو في مرفأ بيروت للأسباب ذاتها وتفادياً للعقوبات الأميركية.

وأكد "حزب الله" أن الدفع لإيران سيكون بالليرة اللبنانية وفق سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة، على أن يتم بيعه في السوق وفق سعر 3900 ليرة الذي حدّدته السلطات في لبنان حديثاً لاستيراد المحروقات.

في المقابل، يؤكد عددٌ من المحللين السياسيين أن تداعيات إعلان نصر الله سياسية أكثر منها اقتصادية، باعتبارها تضرب السيادة اللبنانية، وتجعل من لبنان ساحة للصراع الإقليمي. ويشدّدون على أن الحلّ لن يأتي عبر النفط الإيراني بل بمكافحة التهريب من لبنان إلى الداخل السوري عبر معابر وحدود يسيطر عليها حزب الله.

المساهمون