تقرير أممي: عواقب اقتصادية واجتماعية قد يواجهها لبنان بسبب حرب غزة

20 ديسمبر 2023
قصف إسرائيلي على جنوب لبنان (فرانس برس)
+ الخط -

 

كشف تقرير أممي عن عواقب وخيمة قد يواجهها لبنان اقتصادياً وبيئياً واجتماعياً، بسبب الحرب في غزة والمناوشات النارية الدائرة في الجنوب بين "حزب الله" والاحتلال الإسرائيلي، والمستمرّة منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول، غداة عملية "طوفان الأقصى".

وتحدّث التقرير عن آثار عميقة للصراع على حياة وسبل عيش سكان الجنوب اللبناني وخارجه، منبّهاً إلى أن احتمال انكماش الاقتصاد بات مرتفعاً، ومشدداً على ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لبناء القدرة الاجتماعية والاقتصادية على الصمود في لبنان.

وأطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليوم الثلاثاء تقريراً بعنوان "حرب غزة: نتائج أولية حول الأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي على لبنان"، والذي يقدّم تحليلاً أولياً للآثار والعواقب المحتملة لحرب غزة المستمرة على الاقتصاد اللبناني والقطاعات الرئيسية فيه.

وقال الأمين العام المساعد للأمم المتحدة، ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عبد الله الدردري، "إننا بحاجة إلى اتخاذ تدابير عاجلة لبناء القدرة الاجتماعية والاقتصادية على الصمود في لبنان والبلدان الأخرى المتضرّرة من الصراع في غزة وأرض فلسطين المحتلة"، مشيراً إلى أن الاستجابة الإنمائية للأزمة في لبنان يجب أن تكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتنفيذ الإصلاحات الضرورية لإعادة نهوض الاقتصاد من جديد.

وبحسب بيان صادر عن مركز الأمم المتحدة للإعلام، فإنّ "القطاعات الاقتصادية الرئيسية، السياحة والخدمات والزراعة، تضرّرت أكثر من غيرها، وهي التي توفّر فرص العمل والدخل لنسبة كبيرة من سكان لبنان، كما أن احتمال انكماش الاقتصاد بات مرتفعاً".

وشهد قطاعا السياحة والخدمات، اللذان يساهمان بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص العمل، تراجعاً ملحوظاً منذ بداية الصراع، كما يتضح من تضاؤل أعداد المسافرين والطلب على خدمات الضيافة مثل الفنادق والمطاعم.

وذكر التقرير أيضاً أن الهيئة العامة للطيران المدني اللبناني سجّلت عدد الرحلات المغادرة أكبر من الرحلات القادمة إلى لبنان خلال أكتوبر 2023، وانخفاضاً بنسبة 15% في تدفق الركاب، مقارنة بأكتوبر 2022، وفي الفترة ذاتها، انخفضت معدلات إشغال الفنادق في لبنان إلى أقلّ من 10% بسبب المغادرة المبكرة للزوار وإلغاء الرحلات.

وأوضح أنّه "بالمقارنة مع الأسبوع الأول من أكتوبر 2023، شهد نشاط المطاعم على مستوى البلاد انخفاضاً يصل إلى 80% في الأعمال خلال أيام الأسبوع، وانخفاضاً بنسبة 30% إلى 50% في عطلات نهاية الأسبوع بعد بدء الصراع".

وكشف كذلك أنّ "هناك خطراً إضافياً يتمثل في توقف التدفقات المالية والتحويلات المالية، مما يضاعف التحديات في بيئة مصرفية معطلة أساساً".

وذكر التقرير في السياق، أنه "في عام 2022، سجل لبنان أعلى نسبة تحويلات مالية نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث بلغت 37.8% من الناتج المحلي الإجمالي أو ما يصل إلى 7 مليارات دولار أميركي سنوياً. ويصل حالياً أكثر من 70% من رأس المال هذا إلى البلاد من خلال قنوات غير رسمية، مثل الأفراد الذين يحملون الأموال النقدية عبر الحدود".

وأشار إلى أن "انخفاض تدفق الركاب سيؤثر سلباً على تدفق التحويلات المالية، والتي توفّر شبكة أمان اجتماعي مهمة لفئة كبيرة من السكان".

ولفت من جهة أخرى الى أن "الرسوم المفروضة على التجارة الدولية، بما في ذلك الجمارك وضريبة القيمة المضافة، تشكل أكثر من 60% من إجمالي الإيرادات الضريبية"، مشيراً إلى أن "تعطل الواردات سيعرض جهود الحكومة لاستعادة التوازن المالي للخطر، وسيشكل مزيداً من المخاطر على الانتعاش الاقتصادي في لبنان".

من جهتها، قالت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان ميلاني هاونشتاين، "إننا نشهد كل يوم الآثار العميقة للصراع على حياة وسبل عيش سكان جنوب لبنان وخارجه".

وأضافت "يقدم هذا التحليل الأولي لمحة سريعة عن المأساة الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية بينما هي تتكشف في وقتها الفعلي، الأمر الذي يساعد على توفير المعلومات اللازمة لتقديم الدعم الاجتماعي والاقتصادي والمعيشي الفوري، مع وضع رؤية أطول أمداً للاحتياجات الإنمائية لهذه المجتمعات، وتوفير قاعدة لتحقيق انتعاش أكثر استدامة".

وتوقف البيان عند خسائر كبيرة في قطاع الزراعة تم الإبلاغ عنها في المنطقة المتضررة من الصراع، وهو مصدر رزق أساسي في المناطق الحدودية جنوبي لبنان مع تلف الأراضي، والتلوث الكيميائي، والتلوث من بقايا المتفجرات، مما أدى إلى فقدان خصوبة الأرض.

وأوضح التقرير أيضاً أن "القصف بقذائف الفوسفور أدى إلى زيادة تلوث المحاصيل ومصادر المياه، مما يشكل تهديداً للماشية وصحة الإنسان"، لافتاً إلى أن "المحاصيل الرئيسية مثل الزيتون والخروب والحبوب والمحاصيل الشتوية قد تكون عانت بشكل كبير، حيث أوضحت التقارير احتراق 47 ألف شجرة زيتون".

وتسبّب الصراع بحسب البيان بـ"خسائر كبيرة في الماشية والدواجن وتربية الأحياء المائية. ومن بين حيوانات المزارع التي ورد أنها قُتلت، نحو 200 ألف طائر و700 رأس من الماشية، فضلا عن تدمير 250 خلية نحل و60 دفيئة. كما أدى العنف إلى تقييد وصول الصيادين المحليين إلى مناطق الصيد".

وذكر أن هناك مؤشرات أولية على أن استخدام الفوسفور الأبيض قد تسبب في أضرار بيئية واسعة النطاق.

وأشار إلى أنه "على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، تعرضت 91 قرية في النبطية وجنوب لبنان لـ 1,768 هجوماً، ممّا تسبب في وقوع إصابات ونزوح داخلي لـ64 ألف شخص، وإلحاق أضرار جسيمة بالمساكن والشركات".

المساهمون