يتخوف مدخرون عراقيون على أموالهم في البنوك، خاصة مع عدم كفاية التشريعات التي تضمن ودائعهم، بل إن مسؤولين ومختصين بالشأن الاقتصادي، دعموا هذه المخاوف عبر التأكيد أن القوانين التي يتم تطبيقها على القطاع المصرفي "غير رصينة"، سيما في حماية الودائع المالية في المصارف، وحذروا من تداعيات الفساد على هذا القطاع.
وقال مقرر اللجنة المالية في البرلمان العراقي، النائب أحمد الصفار، لـ"العربي الجديد"، إن "تشريعات البنك المركزي والمصارف التي يتم التعامل بها حاليا تنص على أن أي مصرف بالعراق يحصل على إجازة تأسيس يجب عليه أن يضع مبلغا احتياطيا لدى البنك المركزي، وأن هذا الاحتياطي يؤمن ودائع الزبائن في المصارف التي تتعرض إلى هزات وأزمات".
وأوضح أنه "عندما يتعرض المصرف الى أزمة مالية أو إفلاس أو أي مشكلة أخرى، فالمبلغ الموجود لدى البنك المركزي يتم من خلاله تعويض المتضررين، وهذا الشيء معمول به بكل دول العالم، وليس بالعراق فقط".
وقال: "لكن في العراق لا توجد شفافية ولا وضوح بتطبيق القوانين، فهناك مصارف تعرضت الى إفلاس من فترات، ولم يحصل المودعون على تعويضاتهم، لأن تلك التعويضات تتجاوز الاحتياطي القانوني للمصارف داخل البنك المركزي".
وأوضح أن "هذا الضعف بالإجراءات تسبب بمشاكل كبيرة للقطاع المصرفي في البلاد". وأشار الى أنه "في بعض الأزمات في البلاد أوقفت المصارف عمليات السحب بالكامل أو بشكل جزئي".
وبحسب مقرر اللجنة المالية في البرلمان العراقي، فإنّ "الفساد المالي والإداري بالعراق يمنع أي عملية إصلاح مالي واقتصادي في البلد، وإن المتضررين من ذلك هم غالبا الذين يمتلكون القدرة والقوة في منع هذه المحاولات، وهذا شيء موجود ومؤثر في العراق".
من جهته، رأى مدير أحد المصارف الأهلية في العراق، أن المصارف العراقية ملتزمة بقانون البنك المركزي لحفظ الودائع، وأن الجهات المسؤولة هي التي يجب عليها العمل على تطوير القوانين بما يتناسب مع عمل القطاع المصرفي.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه كونه غير مخول بالتصريح: "القطاع المصرفي يحتاج اليوم الى إعادة هيكلة وتنظيم بدءا من القوانين، ونزولا الى تطوير القدرات وتحديثها"، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، أن "الأحداث التي تعرض لها العراق من حروب وأزمات أفقدت الثقة بين المواطن والبنوك، لأن العمل المصرفي قائم على هذه الثقة، وأن فقدان الثقة حرمت الزبائن لفترات كبيرة من تعويض أموالهم".
رأى مدير أحد المصارف الأهلية في العراق، أن المصارف ملتزمة بقانون البنك المركزي لحفظ الودائع، وأن الجهات المسؤولة هي التي يجب عليها العمل على تطوير القوانين بما يتناسب مع أنشطة البنوك
وأضاف المسؤول أن "التضخم الذي حصل في البلد أضعف القوة الشرائية للعملة بشكل عام، وأبعد الكثير من المواطنين عن المصارف لا سيما المتضررين من عدم حصولهم على الودائع بشكل كامل، وزاد نسبة الاكتناز الذاتي، فالآن أغلب العراقيين يفضلون الاحتفاظ بأرصدتهم في البيوت، وهذا شيء خطير بالسياسة المالية، ويعد تسرب بالعملة وأبعد تلك العملة الكبيرة عن تيار التداول النقدي".
الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن المشهداني، أكد من جهته، أن "البنك المركزي أسس قبل نحو 3 سنوات شركة ضمان الودائع، وأسهمت بها المصارف التجارية، وهي ليست شركة حكومية، بل تشبه منظمات المجتمع المدني كرابطة المصارف"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "الشركة تقوم بسداد سقف معين للودائع في حال تعرض المصرف إلى أزمة مالية، فهي تحمي الأموال لغاية 100 مليون دينار عراقي لكل مودع".
وأشار إلى "أهمية إعادة الثقة بالقوانين والعمل المصرفي في البلاد، لأن النظام المصرفي سمعة، وأي مصرف يتعرض إلى إفلاس سيضر ذلك بثقة المواطن المصارف جميعا"، مشددا على أن "النظام المصرفي في العراق غير راسخ كالمصارف الدولية الأخرى، وإداراته ضعيفة، ما تسبب بضعف الثقة مع الزبائن".