تسهيلات تركية للباحثين عن الاستشفاء والجمال: استهداف 3 مليارات دولار من السياحة العلاجية

26 أكتوبر 2021
سياح في إسطنبول (الأناضول)
+ الخط -

"يبقى للسياحة العلاجية نقاط قوة، لم يتمكن وباء كورونا من قهرها، وستظل تركيا المكان المفضل لكل ساع للعلاج أو الجمال في العالم بأسره".. هكذا يرى طبيب الجلدية والتجميل، محمد الجزاز، المشهد، متوقعاً خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن تضع البنى التحتية والكوادر الطبية والأسعار المنافسة، تركيا في مصاف الدول الأولى جذباً للسياحة العلاجية.

ويشير الجزاز إلى أن تركيا تخطط لتحقيق عائدات بقيمة 3 مليارات دولار من هذا النشاط خلال عام 2023. ومن أشهر مجالات السياحة العلاجية في تركيا زراعة الشعر ونقل الأعضاء والجراحة التجميلية.

ويقول إن التسهيلات التي اتخذتها تركيا مؤخراً، وخاصة تسهيل منح التأشيرات للمرضى الأجانب، ستعيد، بعد التوسع الطبي والعروض المغرية، السياحة العلاجية إلى واجهة القطاعات السياحية وأكثرها جذباً وتحقيقا للعوائد، لأن تركيا برأيه، راهنت على ذلك بالتوأمة بين المواقع الطبيعية الاستشفائية، من مياه معدنية ومنتجعات صحية تحظى بالخدمات والشواطئ الزرقاء، مع بنى طبية وتجهيزات ومشاف جديدة، تقدم العلاج وعمليات التجميل، بأسعار تقل أكثر من 40% عن أوروبا وبنحو 80% عن الولايات المتحدة، وباتت منافسة، إن لم نقل متفوقة، في زراعة الشعر وتجميل الوجه وعمليات أطفال الأنابيب.

وكانت وزارتا التجارة والخارجية في تركيا، قد وقعتا أخيراً، بروتوكولًا لتسهيل منح تأشيرات الدخول للمرضى الأجانب بغرض السياحة العلاجية، منحتا خلاله "اتحاد مصدري الخدمات" التركي تفويضاً لتقديم التسهيلات في مرحلة قبول طلب التأشيرة الصحية للمرضى الدوليين.

واعتبر نائب وزير الخارجية التركي، ياووز سليم قيران أن هذه الخطوة تأخرت، لأن الوزارة تعمل مع المؤسسات المعنية منذ فترة طويلة لاتخاذ هذه الخطوة في السياحة العلاجية، لأن" كعكة السياحة العلاجية تنمو بسرعة على مستوى العالم، وأن تركيا ستستغل الفرص في هذا المجال أيضًا".

وبين المسؤول التركي خلال تصريحات عقبت التوقيع على البروتوكول بالعاصمة أنقرة منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أن المرضى من مختلف أنحاء العالم عندما يبرزون للوزارة عملية الحجر التي قاموا بها عبر "اتحاد مصدري الخدمات" فإنهم سيحصلون على التأشيرة مع مرافقيهم في غضون 48 ساعة كحد أقصى، ليأتوا بعد ذلك إلى تركيا.

سياحة وسفر
التحديثات الحية

وتعاظمت آمال تركيا على السياحة عامة وقطاع العلاج بنحو خاص، بعد تراجع القدوم إلى نحو 12 مليوناً العام الماضي إثر وباء كورونا، رغم أن التخطيط والآمال انصبت سابقاً على جذب 57 مليوناً، فركزت الحكومة التركية على تأهيل البنى والتوسع بالمشاريع الصحية، فدشنت، ثلاثة مسشفيات ضمن مساعيها لنهضة السياحة الطبية "مطار أتاتورك" و"سنجق تبه" و"المدينة الطبية بمنطقة باشاك شهير" وزادت بحسب متخصصين، من الحملات الترويجية وافتتاح شركات في دول عدة، منها أفريقيا، لنقل المرضى من وإلى تركيا.

المتخصصة في قطاع السياحة العلاجية، أحلام محمد، وصفت القطاع بأنه أسرع القطاعات الاقتصادية تطوراً وجذباً، بعد تسجيله نموا بنحو 25% في السنوات الخمس الأخيرة لتبلغ العائدات 3 مليارات دولار في عام 2019 قبل انتشار الجائحة، وتعاود الآمال اليوم، بعد عودة المرضى من العراق وأذربيجان وأوكرانيا وحتى الدول الأوروبية "لكن توافد المرضى ما زال أقل مما كان عليه قبل كورونا وأعلى من العام الماضي".

وتضيف المتخصصة بمشفى العلاج التجميلي في إسطنبول، أنه حتى بعام كورونا، لم تتوقف السياحة العلاجية، لأن تركيا حصلت على التصديق الدولي ومتطلبات الصحة والصرامة لـ 4500 منشأة سياحية وعلاجية وخدمية، كما أنها اعتمدت برنامج السياحة الآمنة، مشيرة إلى أن زراعة الشعر بات شعاراً قديماً، على أهميته، واليوم تتصدر زراعة الأسنان وتجميل الوجه وشفط الدهون وطفل الأنبوب، عمليات الترويج، فضلاً عن "العمليات الكبرى والمعقدة" سواء لأمراض السرطان أو زرع الأعضاء.

كما يرى منذر زرزور، مدير مشفى طب مركزي، أن تركيا ركزت على الاستثمار في القطاع الصحي منذ عشر سنوات، وعاودت، بعد الفتح وانحسار وباء كورونا، استعادة الترويج والتواصل مع الشركات الجديدة لاستقدام المرضى وقاصدي الطبيعة التركية، مشيراً إلى أن أكثر القادمين هذا العام، هم مرضى قلب وديسك (أمراض العمود الفقري) وسرطان، إضافة إلى زراعة الشعر والأسنان وطفل الأنبوب الذي بلغت تركيا في هذه المجالات، ذروة المنافسة العالمية.

 عائدات زراعة الشعر فقط في تركيا بلغت 1.3 مليار دولار العام الماضي

وحول لماذا يقصد هؤلاء تركيا، رغم مخاطر كورونا والتوتر السياسي مع دول أوروبية، يشير مدير المشفى لـ"العربي الجديد" إلى أن تركيا تقدمت على صعيد اعتماد أحدث الأجهزة والمعايير الدولية واستخدام تقنية الروبوت خلال الجراحة الخطيرة، كما أن الأسعار في تركيا منافسة وأقل من أسعار الجراحة في أوروبا والولايات المتحدة بكثير، خاصة على صعيد الجراحة وزراعة الأسنان وعلاج العقم والتجميل وزراعة الشعر.

وعن أثر القرار الجديد، يضيف الطبيب زرزور لـ"العربي الجديد" أنه سيزيد الإقبال بعد تسريع منح التأشيرة للمرضى، ولكنه يحذّر في الوقت نفسه من تسويق الجودة المنخفضة، لأن مستوى العلاج في تركيا يزيد على 90%، واليوم يُخشى بعد جذب أطباء من بلدان عدة وعدم تحديد الجهة التي يقصدها المريض مسبقاً، وفق القرار الجديد، أن تنشط المراكز التي قد تتساهل بالجودة على حساب زيادة الجذب عبر تخفيض الأسعار، وأن يتم التركيز فقط على الكم.

ويضيف "تركيا في طريقها إلى المرتبة الأولى في مقاصد السياح الراغبين بالعلاج، ومن دون الاستمرار في الجودة والتميز الطبي، فقد يتضرر القطاع في المستقبل، بينما بات خياراً تركياً وهدفاً اجتمعت عليه وزارات عدة".

بدوره، توقع رئيس جمعية السياحة الصحية في تركيا، سيرفيت تيرزيلر، أن يصل معدل نمو السياحة الصحية في تركيا إلى مستوى قياسي في 2021، بعد برنامج تلقيح شامل ناجح ضد فيروس كورونا، اعتمدته بلاده على مدى الأشهر الماضية.

ويشير تيرزيلر خلال تصريحات صحافية سابقة، إلى أن حجم مبيعات السياحة الصحية في تركيا قد يصل إلى مستوى قياسي بحلول النصف الثاني من هذا العام، بعد جدول التطعيمات الناجح، مشيراً أن قطاع السياحة الصحية في بلاده أنهى عام 2020 بخسارة 20% على أساس سنوي في الإيرادات، وهو ما يعد خسارة طفيفة بالنظر في ظروف الوباء.

ويلفت إلى أن عائدات زراعة الشعر فقط بلغت 1.3 مليار دولار العام الماضي، من إجمالي عائدات السياحة العلاجية البالغة 3 مليارات دولار، مشيراً إلى أن الذين وصلوا إلى تركيا لأغراض صحية في عام 2020 كانوا في الغالب من دول أوروبية، مثل هولندا، إيطاليا، إسبانيا، فرنسا، وبلجيكا"، لكن هناك تطلعات إلى جذب المزيد من الأشخاص من المنطقة الآسيوية.

المساهمون