تساؤلات حول اضطراب إمدادات الغاز الروسي لأوروبا

13 مايو 2022
انقسام أوروبي حاد ومستمر بشأن حظر تدريجي على صادرات الطاقة الروسية (Getty)
+ الخط -

يطرح اضطراب حركة نقل الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي منذ أيام تساؤلات حول المدى الذي من الممكن أن تبلغه هذه الأزمة كما عن بدائل لمصادر الطاقة أصبحت الآن أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، وكذلك عن نوايا كل من موسكو وأوكرانيا بخصوص سيناريوهات الحرب ونتائجها الاقتصادية.

في عام 2021، استورد الاتحاد الأوروبي نحو 155 مليار متر مكعب من الغاز الروسي، بينها 140 مليارا عبر خطوط الأنابيب و15 مليارا فقط من الغاز الطبيعي المسال. ويمثل ذلك 45% من وارداته من الغاز ونحو 40% من مجمل استهلاكه.

واقترحت المفوضية الأوروبية حظرا تدريجيا على النفط الروسي رفضته المجر حتى الآن، لكن من دون تقديم أي اقتراح مماثل يشمل الغاز. وتقاوم بعض الدول، مثل ألمانيا التي تعول في شكل كبير على هذه الواردات، الدعوات الأوكرانية إلى فرض حظر شامل على الطاقة.

ويؤمّن مجال الطاقة لروسيا عائدات مالية بالغة الأهمية. ففي الشهرين الأولين اللذين أعقبا غزو أوكرانيا، صدّرت موسكو ما قيمته 63 مليار يورو من الطاقة الناتجة من الوقود الأحفوري، بينها 44 مليارا نحو الاتحاد الأوروبي، بحسب مركز الطاقة والهواء النظيف للأبحاث.

وتقلصت شحنات الغاز الروسي عبر خطوط تعبر أوكرانيا منذ الأربعاء، وخصوصا بعد توقف محطة عبور على الحدود الروسية الأوكرانية. وقالت كييف إنها لم تعد قادرة على ضمان تسليم الكميات عبر سوخرانيفكا في منطقة لوغانسك، بسبب وجود القوات المسلحة الروسية. وطلبت كييف من مجموعة غازبروم الروسية زيادة الكميات التي تعبر موقعا آخر هو سودجا، لكن موسكو ردت بأن ذلك مستحيل.

وعلق أولي هفالبي من مصرف "سيب" الاسكندينافي: "عادة، إن 30% من الغاز الطبيعي الروسي المصدّر إلى أوروبا عبر أنابيب تمر بأوكرانيا، و30% من هذه الكمية تعبر سوخرانيفكا". وهذا يعني أن الخسارة تشكل 2% من كامل الاستهلاك الأوروبي وفق حساباته. ورغم أن الأمر ليس "دراماتيكيا" في رأيه، فإنه "بمثابة مؤشر إلى ما يمكن أن يحصل لاحقا".

كذلك، أعلنت غازبروم، الخميس، أنها توقفت عن استخدام أنبوب آخر لإيصال الغاز إلى أوروبا عبر بولندا. لكن تأثيرات هذا القرار محدودة، لأن هذا الخط (يامال-أوروبا) كان ينقل كميات ضئيلة منذ أشهر عدة، بحسب مصدر في السوق. وأضاف المصدر أن "هذا الأمر لن يشكل أي فرق مع استمرار تسليم شحنات الغاز، في إطار عقود طويلة المدى" عبر خطوط أخرى مثل نورد ستريم.

ما موقف كل من روسيا وأوكرانيا من إمدادات الغاز الروسي؟

ويرى بعض المحللين أن أوكرانيا المستاءة من إحجام الأوروبيين عن فرض حظر شامل على الطاقة الروسية، تتعمد إحداث اضطرابات في الصادرات التي تعبر أراضيها. وفي هذا السياق، علّق كارستن فريتش من "كومرسبنك": "ربما تحاول أوكرانيا ممارسة ضغط على المجر لتوافق على حظر نفطي أوروبي يطاول روسيا".

والسؤال: هل يمكن أن تقرر روسيا وقف صادراتها نهائيا، وحرمان نفسها من عائدات حيوية لمواصلة حربها؟

وأوضح كوشال راميش من مكتب "ريستاد" المتخصص، أنه "يمكن أن تعمد غازبروم إلى وقف إيصال (الغاز) من جانب واحد. وفرص حصول ذلك ضعيفة لكنها ليست معدومة"، مضيفا أن "ثمة سوابق تاريخية تتصل بوقف شحنات الغاز من جانب غازبروم، إذ حصل ذلك مرارا بين 2005 و2014"، والتوتر الراهن "يمهد الأرضية لفصل جديد".

وفي رأيه، فإن ذلك لن يباغت الأوروبيين ولديهم ما يكفي من الاحتياطات لمجمل العام، رغم أن الوضع سيكون أكثر تعقيدا للشتاء المقبل.

البدائل المتاحة لمصادر الطاقة الروسية

وتسعى الدول الأوروبية إلى تنويع مصادر الإمداد. فألمانيا مثلا تقول إنها قادرة على تعويض التراجع الأخير في الكميات الروسية، عبر عمليات شراء من النرويج وهولندا لاستكمال احتياطاتها قبل الشتاء المقبل. ويعول الأوروبيون خصوصا على الغاز الطبيعي المسال، الذي يمكن نقله من طريق البحر في مختلف أنحاء العالم. وثمة مشاريع عدة لتلقيه، كما في ألكسندروبوليس في اليونان ولو هافر في فرنسا.

وتريد بعض الدول أن تزيد مؤقتا من إنتاجها للغاز على غرار الدنمارك، عبر الاستعانة بحقول حديثة العهد في بحر الشمال. وصوّت أعضاء مجلس الشيوخ الروماني على اقتراح قانون، يمهد لاستخراج الغاز من البحر الأسود.

ورأى الخبراء أن الوضع الحالي يشكل حجة إضافية للإسراع في تدشين مرحلة انتقالية على هذا الصعيد. وأورد مركز E3G للأبحاث المتخصص في المناخ أن "حلولا ذاتية يمكنها أن تشكل بديلا من ثلثي الغاز الروسي بحلول 2025".

هناك أيضا الغاز غير الملوث المستخرج من النفايات الغذائية والذي تناهز كمياته حاليا 18 مليار متر مكعب سنويا، بحسب الجمعية الأوروبية للغاز غير الملوث (EBA). ويبدو أن القطاع بات "مستعدا لتأمين 35 مليار متر مكعب بحلول 2030"، أي 10% من الطلب الراهن على الغاز في الاتحاد الأوروبي وأكثر من 20% من الواردات الأوروبية من روسيا.

(فرانس برس)

المساهمون