تراجع الليرة أكبر تحديات الحكومة التركية

26 فبراير 2024
لا يزال تدهور قيمة العملة من العقبات الكبيرة أمام تحسين الوضع المعيشي (العربي الجديد)
+ الخط -

لم تفلح، حتى اليوم، جميع إجراءات الحكومة التركية المشكلة بمايو/ أيار الماضي، بوقف تراجع سعر الليرة التركية التي سجلت، اليوم الإثنين، أدنى سعر بعد أن زاد صرف الدولار عن 31.1 بينما تعدى اليورو 33.8، وسط توقعات بتراجع مستمر وطفيف.

في هذا الصدد، يقول الاقتصادي التركي مسلم أويصال إن إجراءات الحكومة وما أعلنته خلال الخطة الاقتصادية "لم تظهر بعد على العملة وإن ظهرت على الاحتياطي الأجنبي"، متوقعاً أن تبدأ الليرة بالتعافي أمام العملات الأجنبية مع نهاية العام الجاري: "سيبدأ التضخم بالتراجع والليرة بالتحسن".

وحول أسباب تفاؤله، يضيف أويصال لـ"العربي الجديد" أن الاستثمارات، وخاصة من المنطقة العربية، ستتزايد خلال العام الجاري كما التوقعات بزيادة الصادرات إلى نحو 300 مليار دولار والقدوم السياحي لنحو 60 مليون سائح: "هذه أسرار تحسن سعر الصرف"، ما سيزيد من المعروض النقدي الأجنبي بالسوق، مشيراً إلى دور التبادل بالعملات المحلية المتوقع هذا العام مع مصر وزيادته مع روسيا وربما دول أخرى.

وكانت الحكومة التركية والمصرف المركزي التركي قد ركزا خلال الأشهر الماضية على "نسف الطريقة غير التقليدية" في التعاطي مع سعر الفائدة، بعد أن اعتمدوا ثانية رفع سعر الفائدة من 8.5% إلى 45%، إلى جانب عدم التدخل المباشر في السوق عبر ضخ كتل دولارية، لكن التبدل لم يظهر على سعر الصرف، كما يقول المحلل يوسف ماتب أوغلو، الذي رأى أن رفع سعر الفائدة إلى هذه النسبة "الهائلة" أضر بالاقتصاد الحقيقي من دون أن يحقق الفائدة المرجوة: "تراجع سعر الصرف من 18 إلى 31 ليرة مقابل الدولار".

وفي ما يتعلق بفوائد رفع الفائدة كزيادة الثقة بالاقتصاد التركي وتحسن تصنيفه الائتماني، يضيف كاتب أوغلو أن ذلك كان بطلب خارجي لوضع الاقتصاد التركي بموضع القلق، معتبراً أن حل مشكلة التضخم وتراجع سعر الصرف يأتي عبر تفعيل الإنتاج ودعمه ليزيد العرض السلعي وتكسر الأسعار بالسوق المحلية وتزيد بالمقابل الصادرات، لأن الاعتماد على الأموال الساخنة أو القطاعات الخدمية، برأيه، لا يوصل بلاده إلى حلمها بدخول نادي العشرة الكبار، ولا تحافظ لها على ثاني أعلى نسبة نمو ضمن مجموعة العشرين.

ويعتبر المحلل التركي أن لتراجع سعر الصرف أسباب كثيرة، منها اقتصادي داخلي "لا شك"، ولكنّ هناك أسباباً خارجية وسياسية، وليس ذلك من المؤامرة بشيء، بل واقع لمسته تركيا عبر حالات عدة، سواء بالبورصة أو انسحاب بعض الاستثمارات واستهداف العملة والصادرات التركية.

ويرى المتحدث أن مستقبل تركيا الاقتصادي "مشرق ومقبل على التحسن"، لأن الخطة الاقتصادية الحكومية "متكاملة" وستساعد العلاقات الإقليمية بتسريع تنفيذها، لكنها لم تأخذ الوضع المعيشي للمستهلكين بالحسبان أو تعر أهمية أكثر لكبح جماح التضخم الذي اقترب من 65%، مشيراً بالوقت نفسه إلى "النجاح" في تعزيز الاحتياطي الأجنبي والذهب في المصرف المركزي وتسجيله أعلى احتياطي بنحو 145 مليار دولار.

وتذهب التوقعات هنا بإصدار الحكومة التركية إجراءات وقرارات جديدة من شأنها تحسين سعر الصرف وكبح جماح التضخم لتصل نسبته نهاية العام إلى نحو 36%، بعد أن يصل إلى الذروة في مايو/أيار المقبل بنحو 75% بحسب توقعات المصرف المركزي التركي.

كما توقع خبراء فرض الحكومة قيوداً على استخدام بطاقات الائتمان "كريديت كارت"، بهدف مكافحة التضخم عبر ضبط القوة الشرائية وإلغاء التقسيط في عمليات الشراء عبرها، ورفع قيمة الحد الأدنى للدفع، وتخفيض رصيد وقيمة هذه البطاقات.

كما يتوقع الخبراء زيادة أسعار الفائدة المفروضة على بطاقات الائتمان، واتخاذ تدابير إضافية للأشخاص المتخلّفين جزئياً أو كلياً عن تسديد أقساط هذا النوع من البطاقات، وفرض قيود على النفقات العالية، ووضع حدود لاستخدام بطاقات الائتمان في الاستهلاك الفاخر.

وسبق لوزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك أن قال: "تركيا البلد الوحيد في العالم الذي يطبّق نظام التقسيط على بطاقات الائتمان"، مبيناً أن هذه الممارسات تجعل المواطن ينفق أكثر من دخله، "وهذا ليس بالأمر الجيد".

وتشير مصادر إعلامية إلى أنه وبواقع تراجع سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار وارتفاع التضخم، زاد استخدام البطاقات الائتمانية في البلاد، حتى إن البعض راح يستخدمها في شراء المدخرات من العملات الأجنبية والذهب، لدرجة أن المصارف حذّرت من إغلاق البطاقات الائتمانية المستخدمة في هذه العمليات.

وأشارت مصارف تركية خلال تحذيرها المنشور على بعض مواقعها إلى أنه "قد يتم إغلاق استخدام بطاقة الائتمان بسبب شراء الذهب والعملات الأجنبية والمشفرة ببطاقات الائتمان والتحويلات غير المبررة بأسباب معقولة".

وكانت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية قد كشفت زيادة استخدام بطاقات الائتمان في كانون الثاني/ يناير 2024 بمعدل 155% مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي.

المساهمون