تراجع الإنتاج الزراعي وتكثيف التصدير يرفعان عدد الجوعى في سورية

10 سبتمبر 2021
هبوط المواسم الزراعية يؤثر على الأسعار (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
+ الخط -

زاد تراجع الإنتاج الزراعي السوري واستمرار نظام بشار الأسد بتصدير غذاء السوريين، عدد الجوعى في البلاد مع تصاعد انعدام الأمن الغذائي بالتزامن مع ارتفاع نسبة الفقراء لتتعدى، وفق مراكز بحثية، 90 في المائة من السكان.

ويشرح خبراء أن وجه سورية الزراعي تبدّل بعد عشر سنوات من الحرب. أُخرجت مساحات زراعية كبيرة عن الإنتاج ليزيد تفتت الأراضي بين الاطراف المسيطرة على الأرض.

وتحولت سورية من بلد مصدر للقمح والزيتون والقطن والخضر والفواكه، إلى مستورد تعاني أسواقه من الندرة وارتفاع الأسعار.

ويعتبر تراجع إنتاج القمح لموسم عام 2021 من أكثر الضربات وجعاً، وبعد التعويل على حصاد 3 ملايين طن قمح، هبط كامل الإنتاج السوري إلى ما دون المليون طن، ولم تزد حصة ما استلمته حكومة الأسد عن 400 ألف طن.

بحسب تقرير للأمم المتحدة، فقد ارتفعت أعداد الذين يواجهون الجوع هذا العام أكثر من 3 ملايين شخص مقارنة بالعام الماضي

ويتزايد عدد السوريين المهددين بانعدام الأمن الغذائي، إذ ارتفعت بحسب تقرير للأمم المتحدة، أعداد الذين يواجهون الجوع هذا العام أكثر من 3 ملايين شخص مقارنة بالعام الماضي وقت قدرت المنظمة الأممية السوريين الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي بنحو 9.3 ملايين شخص، ليصل العدد هذا العام إلى 12.4 مليوناً يكافحون للعثور على ما يكفيهم من الطعام.

ويقدر المهندس الزراعي يحيى تناري حاجة سورية السنوية للقمح بنحو مليوني طن، لكن تراجع الإنتاج يزيد من أعباء الاستيراد الشهرية التي لا تقل عن 180 ألف طن بسعر 400 مليون دولار، بالتزامن مع تبديد الاحتياطي الأجنبي من المصرف المركزي البالغ نحو 20 مليار دولار عام 2011، مرجحاً أن الاستيراد سيكون عبر مقايضة الخضر والفواكه بالقمح مع روسيا، أو إعادة الاستيراد للقطاع الخاص الذي سيرفع بالمقابل الأسعار، وفي مقدمتها الخبز.

ويضيف تناري لـ"العربي الجديد" أن كامل الإنتاج الزراعي في سورية تراجع، وليس القمح وحده، معتبراً أن لغلاء المشتقات النفطية والأسمدة والبذار، أدوارا أساسية في الأزمة ما زاد خسائر المزارعين مع إحجام الكثيرين عن الزراعة.

ويعتبر الجفاف وتراجع تدفق المياه من نهر الفرات، السبب الأهم بتراجع المواسم الزراعية، خاصة الحبوب في مدن شمال شرق سورية التي تعتبر خزان سورية الغذائي.

ويتوقع المهندس السوري تراجع موسمي الحمضيات والزيتون، وهما من أهم عناصر الإنتاج الزراعي الذي يشكل فائضاً عن الاستهلاك المحلي ويصدر نحو نصف الإنتاج السوري، كما أن تراجع مساحات زراعة الخضر والفواكه بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، أدى إلى تراجع الموسم ما رفع الأسعار إلى أكثر من قدرة السوريين الشرائية.

تحولت سورية من بلد مصدر للقمح والزيتون والقطن والخضر والفواكه، إلى مستورد تعاني أسواقه من الندرة وارتفاع الأسعار

وكانت مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة في حكومة بشار الأسد، عبير جوهر، قد قدرت سابقاً إنتاج سورية من الزيتون لهذا الموسم بنحو 645331 طناً، بتراجع حوالي 24 في المائة عن الموسم السابق.

في المقابل، بيّن مدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة بحكومة الأسد، سهيل حمدان أن تقديرات إنتاج الحمضيات لموسم 2021- 2022 تبلغ نحو 786885 طناً على مستوى سورية، متراجعاً 27.3 في المائة بالمقارنة مع المتوسط العام للسنوات الخمس الماضية.

ويأتي التراجع الأكبر بالإنتاج الزراعي السوري، في إنتاج الخضر والفواكه التي هبطت، بحسب عضو لجنة تجار ومصدري الخضر والفواكه بدمشق محمد العقاد ما بين 60 و70 في المائة رغم ما لاقاه التصريح من نفي رسمي من حكومة الأسد.

إذ قال مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة المهندس أحمد حيدر إنه لن يكون هناك نقص بأي نوع من الخضروات حتى نهاية الموسم الحالي.

وأضاف حيدر أن كميات الإنتاج تراجعت لكن ليست بالنسبة المذكورة مبيناً أن المساحات المزروعة بالخضروات الصيفية لهذا الموسم قد بلغت 57737 هكتاراً، في حين كانت في الموسم الماضي 62458 هكتاراً.

وتوقع أن ينخفض الإنتاج بسبب الظروف المناخية المتمثلة في انحباس الأمطار وموجات الحرارة العالية المتعاقبة.

وتشهد الأسواق السورية ارتفاعاً كبيراً بأسعار الخضر والفواكه أوصل سعر كيلو البندورة (طماطم) إلى نحو 900 ليرة والخيار إلى 1300 ليرة، ويزيد متوسط سعر الفواكه عن 3000 ليرة سورية، كما طاول ارتفاع الأسعار المنتجات الحيوانية من لبن ولحوم وبيض.

ويسأل الاقتصادي السوري حسين جميل: "طالما يعترف نظام الأسد بتراجع كامل الإنتاج الزراعي، لماذا يستمر بالتصدير لدول الخليج وروسيا؟".

ويلفت إلى أنه "يبدو أن تحصيل الدولار أهم من كفاية المستهلك السوري وتغطية احتياجاته". ويضيف جميل لـ"العربي الجديد" أن "لانحباس الأمطار وتراجع منسوب المياه الجارية دورا بتراجع المواسم".

لكن الدور الأهم غلاء مستلزمات الإنتاج ووقوع المزارعين بخسائر، ما دفع من استمر بالإنتاج إلى عدم تسليمه للنظام وتهريبه إلى دول الجوار، وخاصة القمح والشعير والقطن وفق جميل.

ويقدر أن المساحات الزراعية البعلية كانت تشكل قبل الحرب 18 في المائة من مساحة سورية، فيما تسيطر الأراضي المروية على 7 في المائة من الأراضي السورية.

ويضيف: "لكن الزراعات البعلية في الموسم الماضي كان إنتاجها صفرا من القمح والشعير، فيما تراجع إنتاج المروية أكثر من 60 في المائة".

المساهمون