أطلقت الحكومة اليمنية خطة لاستيعاب الأرصدة المالية المحررة من قبل البنوك البريطانية واستخدامها لتخفيف الضغوط التي يواجهها سوق صرف النقد وتقليص الطلب على النقد الأجنبي، الذي أثر على استقرار أسعار السلع والخدمات، ما انعكس سلباً على مستوى حياة اليمنيين المعيشية وأسعار السلع والخدمات.
وأكد البنك المركزي اليمني في عدن أنه يسعى إلى تلبية طلبات النقد الأجنبي لاستيراد المشتقات النفطية، وفقاً للخطة المقرة من مجلس إدارة البنك بهذا الشأن.
مسؤول في البنك المركزي لـ"العربي الجديد": إطلاق الأرصدة المالية من بنك إنكلترا، جاء بعد ماراثون مضنٍ من الجهود منذ مطلع 2020 عقب نفاد الاحتياطي النقدي من الدولار
وقال مسؤول مصرفي في البنك المركزي، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن إطلاق الأرصدة المالية من بنك "أوف إنغلاند"، بنك إنكلترا المركزي، جاء بعد ماراثون مضنٍ من الجهود منذ مطلع العام الماضي 2020 عقب نفاد الاحتياطي النقدي من الدولار والذي كان عبارة عن وديعة سعودية بحوالي ملياري دولار تم وضعها في البنك المركزي اليمني عام 2018، واستخدمت في تمويل خطوط استيراد الوقود وبعض السلع الغذائية.
ويقدر المبلغ الذي تم فك تجميده بنحو 200 مليون دولار، سيستخدم في سداد مستحقات التجار المستوردين والمزودين لشركة النفط الحكومية بالمشتقات النفطية، مع إلزام التجار بتقديم الوثائق اللازمة لاستكمال إجراءات سداد مستحقاتهم وتحويلها إلى حساباتهم في الخارج.
وأعلن البنك المركزي اليمني إطلاق أرصدته المجمدة لدى بنك إنكلترا (بنك أوف إنغلاند) بعد عدة سنوات من جهود حثيثة بذلها البنك عقب نقل مقره الرئيسي إلى العاصمة المؤقتة عدن، حيث استمر تواصل المركزي مع كافة البنوك المراسلة في الخارج دون توقف بهدف تحرير أرصدته المجمدة لديها.
وقد أثمرت تلك الجهود أخيراً باستلام البنك المركزي بلاغاً من البنك المركزي البريطاني بالموافقة على تحرير أرصدته لديه، مما سيعزز من موقف الاحتياطي الخارجي للبنك المركزي والذي سيسهم بدوره في تخفيف الضغط على الطلب للعملة الأجنبية.
وفي هذا السياق، ينتظر أن تطلق البنوك الخارجية الأخرى قريباً باقي الأرصدة اليمنية المجمدة لديها، وهو ما اعتبره البنك المركزي اليمني انتصاراً له وتعبيراً لاستعادته لمكانته المصرفية الدولية ودعماً مباشراً للجهاز المصرفي اليمني بشكل عام.
ألقى الانهيار القياسي الأخير في العملة اليمنية بتبعات قاتمة ومخاوف كبيرة في سوق الصرف وتجار الوقود الذي تشهد أسعاره ارتفاعات متواصلة واختناقات متكررة في أكثر من مدينة خصوصاً الواقعة تحت سيطرة الحكومة
وألقى الانهيار القياسي الأخير في العملة اليمنية بتبعات قاتمة ومخاوف كبيرة في سوق الصرف وتجار الوقود الذي تشهد أسعاره ارتفاعات متواصلة واختناقات متكررة في أكثر من مدينة يمنية خصوصاً الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية.
وقرر اتحاد ملاك محطات الوقود الخاصة في محافظات "عدن – لحج – أبين – الضالع" تعليق العمل في جميع محطات الوقود الخاصة ابتداء من الثلاثاء الماضي، حتى يتم الجلوس مع الجهات المعنية والخروج بالحلول المناسبة التي تهدف إلى التخفيف عن كاهل المواطن بالدرجة الأولى.
وبرر الاتحاد قراره بالنظر إلى ما آلت إليه الأمور من تدهور اقتصادي وانهيار كبير ومفاجئ للعملة المحلية مقابل العملات الأجنبية وارتفاع في أسعار المشتقات النفطية التجارية وما ينعكس سلباً على الوضع المعيشي للمواطنين.
وتسبب الصراع الدائر في اليمن منذ ما يزيد على خمسة أعوام بتضييق الخناق على البنوك اليمنية والقطاع المصرفي في البلاد وانهيار الريال، وهو ما أدى إلى انخفاض المستوى الائتماني للبنوك اليمنية لدى أغلب المؤسسات المالية العالمية، وإقدام كثير من البنوك في إنكلترا وفرنسا وسويسرا ودبي ولبنان وغيرها على إيقاف التعامل مع القطاع المصرفي والبنوك اليمنية واحتجاز أرصدة مالية تتجاوز مليار دولار وتجميدها منذ بداية الحرب قبل أكثر من ست سنوات.
ويوضح الخبير المتخصص في مجال التأمين، نزار القدسي، لـ"العربي الجديد"، أن اليمن أصبح مدرجاً في مستوى شديد الخطورة في الائتمان المصرفي، وذلك منذ نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن في نهاية العام 2016، وما تلاه من اهتزاز واختلال للوضع المالي والمصرفي والمؤسسات المالية والنقدية.
وأضاف القدسي أن البلاد نتيجة لذلك دخلت في مرحلة مالية ومصرفية حرجة، إذ ترتب على هذا الوضع تقليص وإيقاف بنوك عربية وإقليمية وغربية تعاملاتها مع البنوك اليمنية وخطوط الائتمان الخاصة بفتح الاعتمادات المستندية للشركات التجارية اليمنية التي تستورد الوقود والمواد الغذائية المدعومة من الخارج.
أدت تبعات الصراع الدائر إلى إصابة البنوك اليمنية بالشلل التام وتعطيل جزء كبير من المعاملات والإجراءات المصرفية المعتادة، وشبه توقف للحركة النقدية التي تربط البنوك بالخارج، وتعطيل وتوقف المصالح التجارية
وأدت مختلف هذه الإجراءات وتبعات الصراع الدائر إلى إصابة البنوك اليمنية بالشلل التام وتعطيل جزء كبير من المعاملات والإجراءات المصرفية المعتادة، وشبه توقف للحركة النقدية التي تربط البنوك المحلية بالخارج، وتعطيل وتوقف مصالح تجارية عديدة.
ويشير عضو في جمعية البنوك اليمنية، حسن عبد القادر، لـ"العربي الجديد"، إلى تعرض القطاع المصرفي في اليمن لحصار شديد داخلياً وخارجيا في الوقت الذي كان يجب تحييده منذ بداية الحرب بدلاً من الزج به كورقة رئيسية من قبل جميع الأطراف في صراعها الدائر والذي تركز كثيرا في الجانبين الاقتصادي والنقدي.
وشهدت العملة اليمنية تدهوراً كبيراً، خلال الفترة الأخيرة، رغم الإجراءات الحكومية، إذ تجاوز سعر الدولار الأميركي 1200 ريال.