تحذيرات من التوسع في زراعة الأفوكادو في المغرب: خطر على الثروة المائية

28 اغسطس 2023
المغرب يحتل مراكز متقدمة في تصدير فاكهة "الأفوكادو" (Getty)
+ الخط -

تزايدت التحذيرات في المغرب من خطر الزراعات التي تستنزف المياه، بعدما احتل البلد مراتب متقدمة ضمن مصدري فاكهة "الأفوكادو" التي تكلف زراعة الكيلوغرام الواحد منها ألف لتر من الماء تقريباً.

وبينما يعيش المغرب حالة إجهاد مائي دفعت السلطات إلى إعلان "حالة الطوارئ المائية" منذ العام الماضي، أثار الإعلان عن ارتفاع قياسي في صادرات البلاد من الأفوكادو وصل إلى 45 ألف طن بين يوليو/ تموز 2022 ومايو/ أيار الماضي، حفيظة مهتمين بالبيئة وسياسيين، بسبب الانعكاسات السلبية على الأمن المائي، جراء استنزاف تلك الفاكهة مزيدا من الثروة المائية للبلد.

وفي السياق، بدا لافتا دخول المؤسسة التشريعية على الخط، حيث طالبت النائبة البرلمانية عن "فيدرالية اليسار الديمقراطي" بمجلس النواب، فاطمة التامني من وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، الكشف عن التدابير التي تعتزم وزارته القيام بها من أجل "مواجهة الأزمة المائية المتربصة بالمغاربة، والعمل على إيجاد بدائل لهذه الزراعات المستنزفة للفرشة المائية والتي لا تعود بالنفع على المواطن المغربي".

وقالت التامني، في سؤال كتابي وجهته أمس إلى وزير الفلاحة، إنه "في الوقت الذي يواجه فيه المغرب ما ينذر بأزمة حقيقية في الماء، دفعت بعدد من المواطنين للهجرة من قراهم، والمناطق التي يعيشون فيها بحثا عن شريان الحياة‎، خرجت تقارير تتحدث عن تصدير المغرب خمسة وأربعين ألف طن من الأفوكادو لدول أوروبية".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ولفتت إلى أن "الجميع يعلم أن الأفوكادو، يعد من أكثر الفواكه والخضراوات استنزافا للماء، بحيث تؤكد تقارير علمية أن كل كيلوغرام من الفاكهة المذكورة، يستنزف أكثر من ألف لتر من الماء، وبالتالي فإن خمسة وأربعين ألف طن من الأفوكادو، استنزفت أكثر من أربعين مليار لتر من الماء كان سيستفيد منها المغاربة في احتياجاتهم المعيشية".

وبحسب الخبير البيئي ورئيس "جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ"، مصطفى بنرامل، فإن زراعة الأفوكادو تشكل تهديدا حقيقيا للوضع المائي في المستقبل"، لأنها "لا تراعي بتاتا حجم الإجهاد المائي الذي وصلنا إليه، وتتواصل بقوة، خاصة في منطقة الغرب".

وأوضح بنرامل، في حديث مع "العربي الجديد " اليوم الاثنين، أن التوسع الكبير للمساحات المزروعة بالأفوكادو في غرب المغرب له انعكاسات سلبية على حجم الفرشة المائية وجودتها في الأمد القريب، ما يجعل البلاد مهددة بأن تعرف الوضع نفسه الذي عاشه جنوب إسبانيا والبرتغال جراء استنزاف ثرواتهما المائية قبل قرار السلطات وقف زراعة فاكهة الأفوكادو.

وتساءل: "لماذا نصدر الماء ونحن اليوم نعيش حالة طوارئ مائية؟ لماذا نتاجر في فاكهة تحتاج إلى مجهود مائي كبير، في وقت تذهب فيه كل التوقعات إلى أن المغرب سيعاني من شح المياه في المستقبل؟".

ورأى أن السلطات المغربية ملزمة بإيجاد سبل جديدة كاعتماد هذه الزراعات في مناطق تكون فيها المياه متجددة، وباتخاذ إجراءات استباقية من أجل الحفاظ على الثروة المائية بالتوجه إلى زراعات غير مستنزفة للمياه، وذلك من خلال استراتيجية مشتركة تبين للمستثمرين في هذا المجال الخطر الحقيقي الذي بات يهدد مستقبل المغاربة.

ويصنف المغرب ضمن الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، وتقدر الموارد المائية السطحية بمجموع التراب المغربي في السنة المتوسطة بـ 18 مليار متر مكعب، وتتراوح وفق السنوات بين 5 مليارات متر مكعب و50 مليار متر مكعب، بحسب ما يورده الموقع الإلكتروني لوزارة التجهيز والماء.

ومنذ ست سنوات يعيش المغرب على وقع موجة جفاف انعكست سلبا على الموارد المائية للبلاد، إذ بلغ العجز المائي 85% تقريبا في موسم 2021-2022، بعدما بلغ مخزون المياه الصالحة للري 900 مليون متر مكعب عام 2022 مقارنة بمتوسط 3.4 مليارات متر مكعب بين أعوام 2009-2017، في حين بلغ العجز في المياه الجوفية مستوى حادا، إذ انخفضت بما بين 3 و6 أمتار، وفق وزارة التجهيز والماء.

في المقابل، فقد المغرب خلال السنوات الخمس الماضية ما يقرب من 6.5 مليارات متر مكعب، منها 700 مليون في عام 2022 وحده. بينما تبدد 300 مليون متر مكعب في مدة لم تتجاوز 10 أشهر بين سبتمبر/أيلول 2022 ويونيو/حزيران 2023، بحسب ما أعلن عنه وزير التجهيز والماء نزار بركة في 6 يونيو/حزيران الماضي، في مجلس المستشارين المغربي.

واليوم الاثنين، أفادت معطيات لوزارة التجهيز والنقل والماء، بأن حقينة السدود الرئيسية بالمملكة بلغت حتى اليوم، أزيد من 4.37 مليارات متر مكعب، بمعدل ملء يقدر بـ27.2 في المائة، في دلالة واضحة على النقص الحاد الذي تعرفه الثروة المائية في البلاد. في حين ساهم ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق خلال الأسابيع الماضية، في تفاقم أزمة الماء جراء تبخر ملايين الأمتار المكعبة.

المساهمون