توقع كل من "بنك أوف أميركا" و"دويتشه بنك"، أمس الاثنين، تخفيض مجلس الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة العام المقبل، في إشارة إلى انتصاره في معركة التضخم العنيد، الذي سيطر على الاقتصاد الأكبر في العالم، على مدار ما يقرب من عامين. وتزامن الإعلان عن تلك التوقعات مع تصريحات إيجابية من مسؤولي المجلس الفيدرالي، أظهرت ما بدا أنه موافقة على تلك التوقعات.
وقال "بنك أوف أميركا" إن خبراء أبحاث الاقتصاد التابعين له يتوقعون أن يهدأ التضخم تدريجياً في جميع أنحاء العالم، ما يسمح للبنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة في النصف الثاني من عام 2024، وتجنب الركود العالمي.
وقال كانديس براوننغ، رئيس قسم الأبحاث العالمية في "بنك أوف أميركا" إن عام 2023 خالف توقعات الجميع تقريباً، فالركود لم يحدث أبداً، وتخفيضات أسعار الفائدة لم تتحقق، وأسواق السندات لم تنتعش، إلا في طفرات شرسة قصيرة الأجل، وظلت أسواق الأسهم مؤلمة لمعظم المستثمرين.
وتوقع براوننغ أن يكون 2024 هو العام الذي تتمكن فيه البنوك المركزية من تحقيق هبوط آمن، على الرغم من إدراكه وجود الكثير من الصعوبات.
وقال مايكل جابن، رئيس قسم الاقتصاد الأميركي بالبنك، إنه يتوقع أن يقوم المجلس الفيدرالي بأول خفض لسعر الفائدة في يونيو/ حزيران، مع خفض بمقدار 25 نقطة أساس لكل ربع سنة.
وتوقع الاقتصاديين في "دويتش بنك" لعام 2024 أن تبدأ التخفيضات في الوقت نفسه، لكن الصورة التي رسموها لم تكن وردية، كما فعل اقتصاديو "بنك أوف أميركا".
وتوقع البنك الألماني أن تدخل الولايات المتحدة في "ركود معتدل" في النصف الأول من عام 2024، ما يدفع المجلس الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بقوة أكبر مما تتوقعه الأسواق حالياً.
ويتوقع "دويتش بنك" تخفيضاً أولياً قدره 50 نقطة أساس في اجتماع المجلس الفيدرالي في يونيو 2024، يليه 125 نقطة أساس من التخفيضات الإضافية خلال بقية العام.
وبما أن سعر الفائدة الفيدرالي يتراوح حالياً بين 5.25% و5.5%، فمن شأن ذلك أن يصل بمعدل الفائدة الأساسي إلى 3.5% و3.75% بحلول نهاية العام. ويقوم المتداولون حالياً بتسعير الفائدة بنسبة 4.48% في ديسمبر/كانون الثاني 2024، وفقاً لبيانات مجموعة بورصة لندن LSEG.
ورفع المجلس الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل حاد خلال العام الماضي، ووافق على 11 زيادة في أسعار الفائدة، بهدف سحق التضخم وتهدئة الاقتصاد. وفي غضون 16 شهراً فقط، ارتفعت أسعار الفائدة مما يقرب من الصفر إلى أكثر من 5%، وهي أسرع وتيرة تشديد منذ الثمانينيات.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أشار رئيس المجلس الفيدرالي جيروم باول إلى إمكانية رفع معدلات الفائدة، مرة أخرى، حيث لا يزال التضخم مرتفعاً بنسبة 3.7% مقارنة بالوقت نفسه من العام الماضي، وهو أقل بكثير من ذروته البالغة 9.1% في يونيو 2022، ولكنه لا يزال أعلى بكثير من المعدل المستهدف البالغ 2%.
وعلى صلة بالأم
ر،
قال عضو مجلس الاحتياط الفيدرالي كريستوفر والر، اليوم الثلاثاء، إنه "يشعر بالثقة بشكل متزايد من أن السياسة النقدية في وضع جيد حالياً لإبطاء الاقتصاد، وإعادة التضخم إلى 2%".
وأشار والر إلى مجموعة متنوعة من المجالات التي يعتدل فيها النشاط الاقتصادي، من مبيعات التجزئة إلى سوق العمل إلى التصنيع.
وجاءت تصريحات والر قبل أسبوعين من اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لتحديد أسعار الفائدة، والمقرر عقده على مدار يومي 12 و13 ديسمبر/ كانون الأول.
وتتوقع الأسواق إلى حد كبير أن تبقي اللجنة سعر الإقراض الرئيسي ثابتاً في نطاق مستهدف يتراوح بين 5.25% و5.5%، لكن مسؤولي المجلس الفيدرالي شددوا على أهمية اليقظة بشأن التضخم، وإبقاء كل الخيارات مطروحة.
وخلال معركة البنك المركزي الأكبر في العالم المستمرة مع التضخم، كان والر أحد الأعضاء الأكثر تشدداً، ما يعني أنه فضّل تشديد السياسة والحفاظ على أسعار الفائدة الأعلى، لفترات مطولة. ورغم ذلك، فقد أطلق على خطابه اليوم الثلاثاء عنوان "شيء ما يبدو أنه يحدث"، على النقيض من خطاب ألقاه مؤخراً بعنوان "شيء ما يجب أن يحدث".
وقال والر إن الأسابيع القليلة الماضية أوحت إليه بأن "هناك شيئا ما يتحسن"، في إشارة إلى تباطؤ وتيرة الاقتصاد.