وفقًا لبيانات مكتب "أمين المظالم المالية" في بريطانيا، ثلاثة من كل أربعة عملاء في البنوك التجارية، حُرموا من استرداد أموالهم نتيجة وقوعهم ضحايا الاحتيال. وتعاملت البنوك معهم بطريقة غير عادلة بدلاً من إعادة أموالهم المنهوبة.
تظهر البيانات أن البنوك تتجاهل قواعد السلوك الخاصة بها، بشأن المبالغ المستردة وتعويض الآلاف الذين يقعون ضحية الاحتيال كل عام، على الرغم من أن معظم البنوك الرئيسية في بريطانيا اشتركت في ما يعرف باسم رمز السداد الطوعي بشأن عمليات الاحتيال في التحويل، المعروف أيضًا باسم الاحتيال في الدفع المرخص به، الذي يقول بضرورة تعويض العملاء غير المخطئين، وتزويدهم بالدعم المناسب في حال وقوعهم ضحايا الاحتيال.
وبحسب ما أوردت صحيفة "ذا تايمز" اليوم، اشتكى خلال العام الماضي، ما يقرب من 8000 ضحية من هذا النوع من الاحتيال إلى خدمة أمين المظالم المالية، بعد أن رفض مصرفهم رد الأموال لهم أو حتى رد جزء منها فقط. ومن المحتمل أن يمثّل هذا الرقم شريحة بسيطة من أولئك الذين لم يستردوا أموالهم، لأن العديد من الضحايا يستسلمون ولا يرفعون شكواهم إلى أمين المظالم.
إلى ذلك، قالت الصحيفة إنّه كان هناك 150 ألف ضحية بسبب "دفع الاحتيال" العام الماضي. مع ذلك تشير الأبحاث إلى أن البنوك تعيد أقل من نصف الأموال المفقودة إلى العملاء. وإجمالاً ضاع ما يقرب من نصف مليار جنيه إسترليني (675 مليون دولار) بسبب هذا النوع من الاحتيال العام الماضي. وتكشف البيانات أن 73 في المائة من العملاء الذين اشتكوا إلى أمين المظالم، من عدم استرداد الأموال، قد تم دعم شكاواهم.
وكان أداء بعض البنوك أسوأ من غيرها، حيث طلب أمين المظالم من بنك "نات ويست" إلغاء تسعة من أصل عشرة قرارات رفض استرداد الأموال. كما تم تأييد أكثر من 80 في المائة من الشكاوى ضد بنك "سانتاندير"، بينما طُلب من بنك "نيشن وايد" تعويض 74 في المائة من الضحايا.
"وقعت ضحية الاحتيال بعد أن دفعت مبلغاً يزيد عن ألفي جنيه إسترليني، في عيادة تجميل على أمل أن أبدأ موعد العلاج الأوّل بعد أسبوعين. لكن الصدمة كانت عندما توجّهت إلى المكان لأجده مغلقا مع لافتة تعلن إفلاسه"، تقول جينا (47 عاماً) في حديثها إلى "العربي الجديد"، وتتابع "حاولت الاتصال بالعيادة بشتى الطرق، ولم أتلقّ سوى إجابات أوتوماتيكية، وبعد انتظار دام أسابيع طُلب مني إثبات قيمة المبلغ الذي دفعته، فرحت أبحث عن إيصال الدفع كالمجنونة".
كان أداء بعض البنوك أسوأ من غيرها، حيث طلب أمين المظالم من بنك "نات ويست" إلغاء تسعة من أصل عشرة قرارات رفض استرداد الأموال. كما تم تأييد أكثر من 80 في المائة من الشكاوى ضد بنك "سانتاندير"
وتضيف: "بما أنني لم أكن وحدي ضحية هذا الاحتيال، اتصلت بصديقتي التي دفعت هي أيضاً مبلغا كبيراً، وطلبت نصيحتها. أبلغتني أنّها تواصلت مع البنك الذي طلب منها إثبات أنها لم تحصل على خدمة مقابل المبلغ الذي دفعته، فضلاً عن إيصال الدفع وكان التوتر واضحا في نبرتها. وبدت الطلبات مستحيلة لأن العيادة أغلقت أبوابها واختفى موظفوها. وبعد ما يزيد عن أشهر من التواصل مع البنك والعيادة وإصراري على استرداد أموالي وافق البنك. لكني أعترف بأنّ الأمر أرهقني نفسياً وكدت أستسلم".
وتتابع: "أتمنى فقط أن نجد الدعم من قبل البنوك التي نتعامل معها بدلاً من وضعنا في دوّامة من القلق اليومي، حيث بتنا نخشى التعامل مع أي جهة رسمية أو خاصّة مع استخدام المحتالون لمعظم الوسائل للإيقاع بنا".
من جهتها تقول سارة (20 عاماً) إنّ المحتالين يبتكرون كل يوم طرقا جديدة، وتخبر "العربي الجديد" أنّها كادت أن تقع ضحية احتيال، عندما تلّقت اتصالاً هاتفياً من بنكها يحذّرها من أنشطة مشبوهة في حسابها، ويطلب منها تأكيد إن كانت هي المسؤولة عنها.
توضح: "بالتأكيد لم أقم بأي من هذه الأنشطة، وبحثت فوراً عن بطاقتي البنكية لأكتشف أنني فقدتها. أخبرت المتحدث على الهاتف أنني أضعت بطاقتي. وراح يطلب مني معلومات شخصية ودقيقة عن حسابي، بينما يحذّرني من الوقوع ضحية الاحتيال الذي يأتي على أشكال مختلفة منها إيميلات من جهات رسمية. كنت أنصت إلى كل كلمة يقولها، حتى استدركت أنّ المتصل ليس موظفاً من البنك بل محتال يحاول الحصول على معلومات إضافية لنهب أموالي".
تدعو مجموعة المستهلكين الحكومة إلى إجراء التغييرات اللازمة لتمكين منظم أنظمة الدفع من تقديم التزامات سداد إلزامية للاحتيال، على جميع الشركات التي تستخدم مدفوعات أسرع، مع فرض نظام قوي للرقابة التنظيمية والتنفيذ
تابعت: "قطعت المكالمة على الفور واتصلت ببنكي للتأكد من شخصية المتصل، فنفى البنك أي اتصال من جهته. وفي هذه الأثناء لم يتوقف موظف البنك المزيف عن الاتصال مرارا وتكرارا، وعندما يئس اتصل من رقم مختلف. وفي اليوم التالي عاود الاتصال من رقم مجهول، ليقول إنه من قسم التحقيقات في بنكي". وتختم "يجب أن تحمينا البنوك من هذه الاحتيالات وأن تدعمنا، خاصة عندما تكون الضحية من كبار السن الذين عجز معظمهم عن مواكبة التطوّر السريع للتكنولوجيا".
وحالياً تدعو مجموعة المستهلكين الحكومة إلى إجراء التغييرات اللازمة لتمكين منظم أنظمة الدفع من تقديم التزامات سداد إلزامية للاحتيال، على جميع الشركات التي تستخدم مدفوعات أسرع، مع فرض نظام قوي للرقابة التنظيمية والتنفيذ.
في السياق، تقول "ذا تايمز" إنّ جيني روس، محررة مالية في "ويتش؟" وهي مؤسسة خيرية تدافع عن حقوق المستهلكين، علّقت على هذه المسألة بالقول إنّ تأثير الاحتيال المالي يمكن أن يكون له عواقب نفسية مدمرة على الضحايا، لذلك من المثير للصدمة أن تفشل العديد من البنوك في التعامل مع القضايا بشكل صحيح، ومن الواضح أنه لا يمكن الوثوق في البنوك لاتخاذ القرار الصحيح عندما يتعلق الأمر بتعويض عملائها الذين وقعوا ضحية عمليات الاحتيال في الدفع.