انهيار قياسي للعملة اليمنية... وخلافات التحالف تعصف بالخدمات

12 يوليو 2021
سعر الدولار الأميركي يقفز إلى 977 ريالاً (فرانس برس)
+ الخط -

يسود ترقب كبير في اليمن مع دخول العملة الوطنية مرحلة قياسية من الانهيار الذي تسارعت حدته منذ نهاية الشهر الماضي وسط عجز تام عن ضبط سوق الصرف في ظل أزمات وتوترات سياسية حادة عصفت بالحكومة اليمنية التي ترك أغلب أعضائها العاصمة المؤقتة عدن الخاضعة لسيطرة تامة من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من قبل الإمارات.
وقفز سعر الصرف منذ منتصف الشهر الماضي من 800 ريال للدولار ليصل نهاية الأسبوع الماضي إلى نحو 977 ريالاً في أكبر انخفاض تشهده العملة اليمنية مقابل العملات الأجنبية.
يأتي هذا الانهيار على الرغم من تقييد عملية التداول المصرفي وعمليات بيع وشراء العملات الأجنبية بين الصرافين، واقتصار العمليات على بيع دون شراء العملات الأجنبية للتجار لتلبية الاستهلاك المتنامي للسلع.
وأقرت جمعية صرافي عدن في اجتماع عقدته، مؤخراً، في هذا الخصوص عددا من الإجراءات لضبط انهيار سوق الصرف، منها العمل على تفعيل التحويل المصرفي، والتوجيه للشركات والمؤسسات ومنشآت الصرافة لتسوية الأرصدة في الحسابات المتعلقة بالصرافين ووكلائهم وعدم السماح لعمليات السحب المكشوف، إضافة إلى منع عمليات البيع والشراء للعملات الأجنبية وتداولها.

قفز سعر الصرف منذ منتصف يونيو من 800 ريال للدولار ليصل إلى نحو 977 ريالاً في أكبر انخفاض تشهده العملة اليمنية

وتؤكد مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، أن اليمن بحاجة للدعم الدولي العاجل لمساعدة الحكومة على التصدي للانهيار القياسي للعملة وضبط سوق الصرف المنفلتة بشكل كبير منذ مطلع الشهر الجاري.
وكشفت المصادر عن مؤشرات إيجابية بالحصول على دعم مالي لتوفير احتياطي نقدي من الدولار في البنك المركزي اليمني لتغذية احتياجات السوق المصرفية واستيراد السلع الغذائية والعمل على توفير الخدمات العامة وتخفيف معاناة المواطنين من خلال استيعاب المنحة السعودية من المشتقات النفطية لتشغيل محطات الكهرباء.

ويرى خبراء مال أن ارتفاع حدة الأزمة المصرفية نتاج سياسات تدميرية سابقة نفذها التحالف بقيادة السعودية والإمارات وتسببت في تعطيل النظام المصرفي لليمن وتحويل تدفق السيولة عبر السوق السوداء للصرافين وتشجيع عمليات غسل الأموال.
الخبير المصرفي، نشوان سلام، يوضح لـ"العربي الجديد"، أن هناك ارتفاعا في الطلب على الدولار من قبل التجار لاستيراد السلع الغذائية لتغطية احتياجات الأسواق المحلية مع اقتراب عيد الأضحى، إذ ترافق ذلك مع أزمة استيعاب المنحة السعودية المخصصة لمحطات الكهرباء وتصاعد حدة الأزمة السياسية وتحولها إلى مواجهات عسكرية واحتقان واضطرابات كما هو حاصل في شبوة.
ويرد سلام سبب انعدام الحلول المالية والمصرفية والخدمية، إلى الصراع الراهن والذي كشف أن القطاع المصرفي من شركات ومؤسسات وشبكات صرافة يدار من قبل الطرف المسيطر على الأرض والذي يستخدمه أداة ضغط في مفاقمة الأزمة المصرفية والتحكم بإدارة السوق النقدية لأهداف محددة في إطار التوترات السياسية الراهنة.

هناك ارتفاع في الطلب على الدولار من قبل التجار لاستيراد السلع الغذائية لتغطية احتياجات الأسواق المحلية مع اقتراب عيد الأضحى

في السياق، يؤكد الباحث الاقتصادي عصام مقبل، أن الأزمات الأخيرة التي يشهدها اليمن من انهيار قياسي للعملة وتردي الخدمات العامة والتوترات العسكرية هي نتيجة تصعيد المجلس الانتقالي الجنوبي ضد الحكومة واستمراره في تقويض عملها في عدن ومحافظات جنوب اليمن.

ويؤكد مقبل لـ"العربي الجديد"، أن تسارع تصعيد المجلس الانتقالي وارتفاع حدة لهجته وإجراءاته يعكس ما تشهده العلاقة بين السعودية والإمارات، طرفي تحالف الحرب المتبقي في اليمن، من خلاف وتوتر جعل اليمن مسرحا رئيسيا لتصفية هذا الخلاف، كما يلاحظ ذلك من تصعيد أذرع الإمارات إجراءاتهم ضد الحكومة اليمنية في عدن وأبين وشبوة واستمرار البسط على سقطرى وعزلها عن محيطها اليمني.

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي قد أعلن في 26 يونيو/ حزيران الماضي إيقاف أشكال التواصل والاتصال المباشر بين وفده المفاوض والحكومة المعترف بها دوليا، مستمراً في إجراءاته الأحادية في إدارة مؤسسات الدولة في عدن.

وانتقدت الحكومة السعودية في بيان رسمي لأول مرة ما يقوم به المجلس الانتقالي الجنوبي من تصعيد على أكثر من مستوى، والذي قالت إنه لا ينسجم مع ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين في إطار اتفاق الرياض.
وشددت الحكومة السعودية كما ورد في بيان لها، على ضرورة عودة الحكومة اليمنية المشكلة وفقاً لاتفاق الرياض كأولوية قصوى، مع تأكيد استمرار دعمها الحكومة اليمنية وضرورة التزام طرفيها بما تم الاتفاق عليه.
ويقول المحلل الاقتصادي فهمي الحاج، لـ"العربي الجديد"، إن معاناة الناس في اليمن ستتضاعف خلال الفترة المقبلة، مع اشتداد الأزمات الاقتصادية وتفرغ بعض الأطراف لتنفيذ أجندة دول أخرى تدعمها كما هو حاصل في بعض المحافظات الجنوبية، إذ لا يمتلك الطرف المسيطر على الأرض أي خطط أو برامج لإدارة المؤسسات العامة وتوفير الخدمات وضبط السوق المصرفية.

المساهمون