استمع إلى الملخص
- **تفاقم الأوضاع الاقتصادية:** الأوضاع الاقتصادية في إدلب تدهورت بسبب التضخم والغلاء وقلة فرص العمل، مما دفع 90% من السكان للعيش في فقر و12.9 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
- **ارتفاع الأسعار والبطالة:** شهدت إدلب ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الأساسية وارتفاع البطالة إلى 88.82%، مما زاد من معاناة السكان وجعل الحوالات الخارجية المصدر الرئيسي للدخل.
يعتمد معظم فقراء إدلب في شمال غرب سورية على الحوالات الخارجية الواردة من ذويهم المغتربين في أنحاء العالم، لاسيما تركيا وألمانيا والسويد وقبرص ودول الخليج العربي، لمساعدتهم وسد العجز الكبير في القدرة الشرائية، إذ لم تعد الأجور هناك تغطي الجزء اليسير من الاحتياجات اليومية المتزايدة.
ووسط الفقر وقلة فرص العمل، وصلت الأوضاع الاقتصادية للكثيرين من فقراء إدلب إلى حالة يرثى لها، في الوقت الذي ارتفع فيه الحد الأدنى المطلوب لتكلفة المعيشة إلى مستويات قياسية، بسبب التضخم والغلاء وقلة مصادر الدخل. وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد أكدت أن ما يقدر بنحو 90% من السكان في سورية يعيشون حالة من الفقر، وأن 12.9 مليون شخص يعانون مشكلة انعدام الأمن الغذائي.
فقراء إدلب يعتمدون على المغتربين
وينتظر حسن الحلاق، النازح من ريف إدلب الجنوبي والمقيم في مدينة الدانا شمال إدلب، نصيبه الشهري من المال المخصص له من قبل أخيه المغترب المقيم في ألمانيا، من أجل أن يسد بعض احتياجاته الشهرية ويفي قسماً مما تراكم عليه من ديون، كحال أغلب فقراء إدلب. ويقول الحلاق إن وجود أخيه في أوروبا أنقذه من وضع معيشي صعب، خاصة وأنه لم يتمكن طوال فترة نزوحه، التي شارفت على إتمام عامها السادس، من الحصول على أي فرصة عمل رغم محاولاته العديدة، بينما تسير الأحوال بشكل مستمر نحو الغلاء الفاحش والمزيد من الفقر والحاجة.
وأضاف الحلاق أن أخيه خصص له مبلغ 150 دولارا أميركيا، أي ما يعادل 4500 ليرة تركية ينفقها طوال الشهر، ضمن ما يمكن أن يحققه من تقنين قدر الإمكان، لتغطية مصاريف الماء والغذاء والملابس والدواء، حيث إنه مريض بالضغط والسكري ومعيل وحيد لعائلة مؤلفة من ستة أفراد.
الحال ذاته تعيشه النازحة مروة الحلبي المقيمة في مخيمات البردقلي شمال إدلب، والتي تعتمد على ما يرسله لها أخوة زوجها المغتربون في السويد، والذين تكفلوا بها وبأطفالها الخمسة بعد وفاة أخيهم بقصف سابق للنظام على مدينتهم معرة النعمان قبل أن ينزحوا منها. وتقول الحلبي إن أخوة زوجها يرسلون لها مبالغ شهرية غير ثابتة وحسب ما يتوفر لديهم، وتتراوح بين 100- 150 دولارا أميركيا، وهو مبلغ يشكل شريان حياة لها رغم أنه لا يكاد يغطي مصاريف الدراسة لأبنائها وسط الغلاء. وقالت إن ذلك الوضع يجعلها تبحث عن عمل تساعد به في تغطية كامل المصاريف التي تتراوح شهرياً بين 300 و350 دولارا أميركيا، و"هو الحد الأدنى لكي يتسنى للفرد أن يعيش بكرامة نوعا ما، دون أن يصبح عرضة للحاجة والعوز"، وفقاً لقولها.
وتحدثت الحلبي عن ارتفاع أسعار المواد الأساسية بشكل كبير على فقراء إدلب والمناطق القريبة منها، حيث وصل سعر كيلو الأرز إلى 35 ليرة تركية، ولتر الزيت النباتي إلى 50 ليرة تركية، بينما وصل سعر برميل مياه الشرب إلى 15 ليرة تركية، وكيلو لحم الدجاج إلى 70 ليرة تركية، وأقل وجبة غداء لأبنائها ستكلفها 250 ليرة تركية كحد أدنى، في الوقت الذي توقفت فيه المساعدات الغذائية التي كانت تسد بعض الاحتياجات، ما جعلهم في مواجهة الفقر والجوع. وأشارت إلى أن عملها كمستخدمة في المدرسة القريبة من منزلها ساعدها على استكمال ما تحتاجه بشكل شهري، إضافة لما يرسله لها المغتربون من مبالغ مالية.
وقال صاحب إحدى شركات الصرافة والحوالات في إدلب لؤي الشدادي إن ما يحرك العمل في شركته هو أموال المغتربين الذين يحولون عبر مكتبه مبالغ مالية بالدولار الأميركي واليورو أو الليرة التركية لأقربائهم البائسين المقيمين في المنطقة ومعظمهم من المسنين والأرامل والعاطلين عن العمل وذوي الإعاقات، وحتى الأصحاء الذين لا يجدون ما يغطي قوت أطفالهم بسبب تدني أجورهم بشكل لا يتناسب إطلاقا مع المصاريف اليومية المرتفعة. ويقدر الشدادي ما يصل من حوالات مالية يومية لإدلب بآلاف الدولارات، وتقتصر التعاملات المالية في المنطقة في ظل غياب مصرف أو بنك مركزي على شركات ومكاتب الصرافة والتحويل.
وقال فريق "منسقو استجابة سورية" إن حد الفقر المعترف به في مناطق شمال غرب سورية ارتفع إلى قيمة 10,791 ليرة تركية، في حين ارتفع حد الفقر المدقع إلى قيمة 9,033 ليرة تركية، في سياق استعراضه مؤشرات الحدود الاقتصادية للسكان المدنيين في الشمال السوري خلال شهر يونيو/ حزيران الفائت 2024. وأكد الفريق أن نسب حدود الفقر والجوع حافظت على مستوياتها السابقة بشكل تقريبي مقارنة بالشهر السابق، وهي 91.16% للفقر، و40.90% للجوع).
وبيّن أن معدلات البطالة بين المدنيين خلال شهر يونيو/ حزيران ارتفعت بمقدار 0.03%، ووصلت نسبة البطالة العامة إلى 88.82% بشكل وسطي، مع اعتبار أن عمال المياومة ضمن الفئات المذكورة. وأوضح الفريق أن تسريح آلاف الموظفين العاملين في المنظمات الإنسانية منذ بداية العام الحالي، نتيجة نقص الدعم المقدم وتوقف مئات المشاريع، أدى إلى زيادة عدد الأشخاص غير العاملين في المنطقة، وقدر عدد الموظفين الذين جرى تسريحهم بأكثر من 4,000 موظف، وتأثر بهذه الخطوة أكثر من 93 ألف شخص من الموظفين وعائلاتهم.
وتحدث عن ارتفاع أسعار الغذاء بنسبة 36.3%، وارتفاع أسعار الحبوب بنسبة 31.4%، ولفت إلى ارتفاع أسعار القمح بنسبة 28.7%، وارتفاع أسعار الزيوت النباتية بنسبة 37.9%، وارتفاع أسعار الألبان بنسبة 16.2%، وارتفاع أسعار اللحوم بأنواعها بنسبة 19.4%، وارتفاع أسعار الخضر والفاكهة بنسبة 31.7%.
ولفت إلى عجز واضح في القدرة الشرائية لدى المدنيين وبقائهم في حالة فشل وعجز عن مسايرة التغيرات الدائمة في الأسعار، وهو ما يتجاوز قدرة المدنيين لتأمين الاحتياجات اليومية، حيث شهدت المنطقة ارتفاعا ملحوظا في أسعار المواد بنسب متفاوتة، بمقارنة بداية العام الحالي ونهاية يونيو/ حزيران.
(الدولار الأميركي = 32.98 ليرة تركية)