استمع إلى الملخص
- **تأثيرات التضخم والركود**: تسارع معدل التضخم السنوي إلى 2.3% في يوليو، مع ركود طفيف بنسبة 0.2% في العام الماضي بسبب التباطؤ الاقتصادي العالمي وارتفاع أسعار الطاقة والفائدة، ونقص العمالة الماهرة.
- **التحديات المستقبلية والفرص**: تواجه صناعة السيارات الألمانية تحديات في التحول إلى السيارات الكهربائية، مع تهديد الصين بإغراق السوق. تعتمد ألمانيا على منطقة اليورو التي تعاني من تباطؤ اقتصادي، بينما تظهر اقتصادات جنوب أوروبا علامات واعدة للنمو.
انكمش الاقتصاد الألماني على نحو غير متوقع في الربع الثاني من العام الجاري بعدما تجنب الوقوع في فخ الركود في بداية العام، ما يدل على أن أكبر اقتصاد في منطقة اليورو لم يتمكن من الانطلاق رغم تخفيف ضغوط التضخم. وأظهرت بيانات أولية أصدرها مكتب الإحصاءات الاتحادي، الثلاثاء، أن الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا انكمش 0.1% في الربع الثاني مقارنة بالربع السابق.
ووفق الأرقام الرسمية، فقد تراجع الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا على الصعيدين الشهري والفصلي في الربع الثاني من عام 2024، بعد نموه في الربع الأول، وذلك في ظل انخفاض الاستثمار في المعدات والبناء. وأمس الثلاثاء، تساءل تحليل بوكالة بلومبيرغ عن مستقبل الاقتصاد الألماني، وما يجب فعله حيال عجز ألمانيا عن انتشال نفسها من مستنقعها الاقتصادي.
ووفق تحليل "بلومبيرغ"، تعرّض النموذج الاقتصادي الألماني لضربات قوية من كلا الاتجاهين، مع انقطاع إمداداته من الطاقة الروسية الرخيصة، كما تعاني سوق التصدير الرئيسية من ركود واضح. ويواجه الاقتصاد الألماني مشاكل رئيسية، أبرزها أسعار الطاقة المرتفعة التي رفعت من كلفة الوحدة المصنعة والمنافسة الصينية في قطاع السيارات، الذي أفقد السيارات الألمانية قوتها التنافسية، وكذا ارتفاع التضخم. ومع استمرار انخفاض الطلبيات الصناعية في أوروبا، لا يوجد دليل يُذكر على حدوث انتعاش في البلاد.
ومن المثير للإحباط بشكل خاص أن ثقة الأعمال الألمانية آخذة في التدهور، مع انخفاض مقياس توقعات معهد IFO لشهر يوليو/ تموز إلى أدنى مستوياته. ويشكل الضعف معضلة حقيقية للبنك المركزي الأوروبي، الذي يسعى لخفض سعر الفائدة على اليورو والتخلي عن سياسة التشدد النقدي. ومن الممكن أن تؤدي عودة التضخم للارتفاع في ألمانيا وبعض دول منطقة اليورو إلى زيادة الأمور سوءاً بالنسبة لصانع السياسة النقدية في القارة.
وكان معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في ألمانيا قد تسارع بصورة طفيفة خلال شهر يوليو، مع ارتفاع أسعار السلع، والأغذية، لكن التضخم الأساسي ظل مستقراً عند الوتيرة نفسها. وحسب بيانات أولية صدرت عن مكتب الإحصاءات الفيدرالي الثلاثاء، تسارع معدل التضخم السنوي إلى 2.3% في يوليو من 2.2% في يونيو، لكنه ظل دون قراءة مايو عند 2.4%.
يُذكر أن أكبر اقتصاد في أوروبا شهد ثباتًا خلال معظم أشهر العامين الماضيين، ومع استمرار انخفاض الطلبيات الصناعية، لا يوجد دليل يُذكر على حدوث انتعاش. وكان الاقتصاد الألماني قد انزلق في العام الماضي إلى ركود طفيف بنسبة 0.2%، على خلفية تداعيات التباطؤ الاقتصادي العالمي، والارتفاع الكبير في أسعار الطاقة وأسعار الفائدة، إلى جانب النقص في العمالة الماهرة، وشكوى الشركات من الكثير من البيروقراطية. كما انزلقت ألمانيا بالفعل إلى الركود عندما ضرب الوباء، لكن صناعاتها كثيفة الاستهلاك للطاقة، مثل الأدوية والسيارات، انزلقت أكثر، وتباطأ الإنتاج الصناعي إلى أدنى مستوى له منذ أربع سنوات في مايو/أيار الماضي.
وتواجه صناعة السيارات الألمانية معضلة إضافية تتمثل في الاضطرار إلى التحول من هيمنتها المعتادة على محرك الاحتراق الداخلي إلى تصنيع السيارات الكهربائية، تماما. كما تستعد الصين لإغراق السوق العالمية بتلك السيارات ومنها السوق الألماني، وهو ما يشكل تهديدا للصناعة الألمانية العريقة. وأصدرت القوى الصناعية الكبرى مثل شركات مرسيدس بنز وفولكسفاغن توقعات أضعف لأرباحها وإيراداتها في الربع الماضي.
وتتمتع ألمانيا بميزة واحدة تفتقر إليها جارتها فرنسا وهي أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت 64%، وهي نسبة أقل بشكل ملحوظ من نسبة 112% التي يتعين على باريس أن تتعامل معها. وتعتمد ألمانيا بدرجة كبيرة على التسويق في منطقة اليورو التي تعاني من التباطؤ الاقتصادي، خاصة فرنسا ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا. ويتأثر النمو الألماني باقتصاديات منطقة اليورو التي تعاني من مجموعة أزمات اقتصادية، حيث يعاني الاقتصاد الفرنسي ارتفاع حجم الديون وتدهور سندات الدين وهروب المستثمرين. ووفق استطلاعات مديري المشتريات الصناعية، تواجه منطقة اليورو الانكماش. وفي الوقت نفسه، تظهر الاقتصادات الجنوبية في إسبانيا والبرتغال واليونان علامات واعدة للنمو، لكنه لن يكون كافياً لإنقاذ الصادرات الألمانية.
ويقدر حجم الاقتصاد الألماني بنحو 4.591 تريليونات دولار عام 2024. ورأى الخبير أندرو ويلكنسون في تعليقات لوكالة يورو نيوز في إبريل/نيسان الماضي، أنه "مع تقديم مؤشرات الاقتصاد الكلي الحالية صورة أكثر دقة من التوقعات السابقة، يمكننا أن نتوقع أن تستمر الشركات كثيفة رأس المال وذات الاستدانة العالية في ألمانيا بالشعور بالضغط". وأضاف أنّ العاملين في قطاعات الصناعة وتجارة التجزئة والعقارات يتحملون وطأة هذه الضغوط.