انكسار الأسعار في غزة لا يُبعد الجوع...لا نقود للشراء

18 ابريل 2024
أطفال فلسطينيون في رفح يحملون أوعية فارغة بانتظار تلقي الطعام الذي أعده متطوعون (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- شهدت أسعار السلع الغذائية والمواد الأساسية في قطاع غزة انخفاضاً ملحوظاً على الرغم من استمرار الحرب والحصار، مما يعكس تحسن توافر هذه السلع بالأسواق بفضل وصول مواد كانت غير متوفرة سابقاً.
- الوضع الاقتصادي لسكان غزة يعاني بشدة بسبب استخدام الاحتلال الإسرائيلي سلاح التجويع كجزء من عمليته العسكرية، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 30 فلسطينياً بسبب الجوع وتقليل عدد الشاحنات المسموح بدخولها.
- على الرغم من الإعلانات عن زيادة عدد الشاحنات المدخلة إلى غزة، الواقع يظهر تناقضاً مع هذه الإعلانات حيث لم تزد أعداد الشاحنات الواردة عن 200 شاحنة، مقارنة بالحاجة الماسة لـ1000 شاحنة يومياً، مما يبرز الحاجة الملحة لفتح معبر رفح وإدخال المساعدات.

سجلت أسعار السلع الغذائية والمواد الأساسية في قطاع غزة عموماً انكساراً ملحوظاً عند مقارنتها بالأسعار التي كانت سائدة خلال الشهور الماضية من الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ السابع من أكتوبر 2023، والتي تجاوزت في بعض الأحيان 300%.

وانخفضت أسعار الخضروات في مدينة غزة وشمالها، بالإضافة إلى استقرارها وانخفاضها في مدينة رفح جنوبي القطاع ووسط القطاع، على الرغم من تواصل الحرب للشهر السابع على التوالي من دون أي مؤشرات على إمكانية توقفها في المنظور القريب.

وبمحاذاة الخضروات فإن مناطق غزة والشمال شهدت وصولاً لمواد كانت غير متوفرة على مدار الشهور الماضية مثل اللحوم والفواكه والدجاج ومشتقاتها، وهو أمر وثّقته عدسات الكاميرات في تلك المناطق، عدا عن توافرها بكثرة في مناطق الجنوب والوسط.

علاوة على ذلك، فإن الآونة الأخيرة شهدت زيادة واضحة في السلع المعروضة في الأسواق الفلسطينية مقارنة بالسلع التي كانت غير متوفرة في السابق، إلا أن شبح الحرب ودخول رفح يجعل الفلسطينيين في حالة توتر من إمكانية عودة حرب التجويع للواجهة من جديد.

ومنذ أن قرر الاحتلال الإسرائيلي اجتياح غزة وشن عمليته العسكرية التي أطلق عليها "السيوف الحديدية" استخدم سلاح التجويع للفتك بصمود 2.4 مليون نسمة، من خلال إغلاق المعابر وقطع الكهرباء واستهداف المستشفيات ومراكز الإيواء.

وانعكس هذا الأمر بالسلب على حياة الفلسطينيين، ما تسبب في استشهاد أكثر من 30 فلسطينيا نتيجة الجوع غالبيتهم من الأطفال، ومن مناطق مدينة غزة وشمالها بفعل شح المواد الغذائية في الثلاثة شهور الماضية، وتقليل الاحتلال إدخال المواد لهاتين المنطقتين.

وإلى جانب ذلك، فإن الاحتلال الإسرائيلي منع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من إدخال الشاحنات المحملة بالمساعدات لهذه المناطق، في مساعيه للقضاء على المؤسسة الأممية الشاهدة على قضية اللاجئين الفلسطينيين منذ النكبة عام 1948.

وقبل الحرب الإسرائيلية على غزة، كان معدل الشاحنات التي يسمح لها بدخول القطاع تزيد عن 500 شاحنة يوميا، تشمل شاحنات وقود وغاز طبيعي، بالإضافة إلى أصناف متنوعة من الشاحنات التجارية والبضائع والسلع الغذائية والملابس.

وبحسب رصد "العربي الجديد"، فإن الأيام الأخيرة شهدت تراجعاً واضحاً في أسعار السلع والمواد الغذائية في مختلف مناطق القطاع، إلا أن الحالة الاقتصادية للسكان وعدم وجود مصادر دخل يجعل عملية الشراء محدودة بالذات مع فقدان مئات الآلاف من السكان فرص عملهم.

وشهدت الأيام الأخيرة عودة أول المخابز المتوقفة للعمل في مدينة غزة، بعد أن توقف عن العمل تماما منذ أكثر من 5 شهور، وسط إقبال شديد من السكان على شراء الخبز، في ظل استعدادات مماثلة لتشغيل مخابز أخرى بالاتفاق مع مؤسسات دولية.

وأفاد الفلسطيني محمد نافذ أحد سكان مدينة غزة لـ"العربي الجديد" بأن أسعار الدقيق تراجعت عند مقارنتها بأسعار السلع التي كانت في السابق، حيث وصل ثمن "كيس" الطحين إلى 95 شيكلا إسرائيليا، ما يوازي 30 دولارا، بعد أن وصل إلى 1800 شيكل (نحو 600 دولار).

ورغم حالة التراجع في هذه الأسعار إلا أن الحالة الشرائية في أضعف حالتها بسبب الشح الكبير في السيولة النقدية المتوفرة بين يدي السكان، علاوة على توقف رواتب الكثير من المؤسسات وعدم وجود دخل مادي لعشرات الآلاف من الأسر، وفق نافذ.

وأشار إلى أن توفر السلع بالرغم من حالة الضعف الشديد في القدرة الشرائية للسكان من شأنه أن يخفف من تأثيرات أزمة التجويع التي قام بها الاحتلال بالذات، مع توفر بدائل مثل الخضروات وغيرها من الأصناف التي لم تكن متوفرة في السابق.

في المقابل، فإن أسعار سلع أخرى مثل السكر انخفضت من 75 شيكلاً إلى 15 شيكلا للكيلوغرام الواحد، في حين انخفضت أسعار سلع مثل الأرز الذي وصل إلى 18 شيكلا بدلا من 120 شيكلا للكيلوغرام.

ووفق إفادات السكان لـ"العربي الجديد"، فإن أسعار سلع كالخضروات انخفضت لتصبح في محيط 20 إلى 30 شيكلا للكيلوغرام الواحد، بعد أن كان الكيلوغرام الواحد لا يقل عن 100 شيكل، وهو انخفاض يعتبر الأكبر منذ شهور. (الدولار يعادل 3.75 شيكل إسرائيلي).

ورغم الإعلان الإسرائيلي الأميركي عن رفع أعداد الشاحنات إلى قرابة 500 شاحنة، إلا أن الأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للمعابر والحدود في غزة تعكس واقعا مغايرا، إذ لم تزد أعداد الشاحنات الواردة لغزة عن 200 شاحنة في أفضل الأحوال يوميا، وفقاً لمصدر مسؤول في الهيئة تحدث لـ"العربي الجديد".

وتتنوع الشاحنات الواردة للقطاع بين مساعدات غذائية ووقود وغاز الطهي وخضروات ولحوم وغيرها من المواد، في الوقت الذي تطالب فيه الجهات الحكومية في غزة برفع أعداد الشاحنات المدخلة للقطاع لتصل إلى 1000 شاحنة يوميا.

بدوره، أكد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، أن الإدارة الأميركية والاحتلال الإسرائيلي يحاولان تضليل الرأي العام العالمي والعربي، من خلال الإشارة إلى إدخال 400 شاحنة يومياً للقطاع، وهو أمر غير صحيح.

وقال الثوابتة لـ"العربي الجديد" إن عدد الشاحنات المدخلة للقطاعات العامة والخاصة تعتبر قليلة جداً لا تكفي لتلبية احتياجات سكان القطاع، التي تنقسم بين عدد محدود من شاحنات المساعدات والشاحنات التجارية التي تنقل البضائع للسوق الفلسطينية.

وأشار إلى أن عدد الشاحنات المدخلة لا يلبي سوى أقل من 5% من حاجة السكان وأهالي القطاع، وهو ما يتطلب فتح معبر رفح وإدخال أطنان المساعدات المكدسة على الجانب المصري من المعبر، في ظل وجود قرابة مليوني نازح يحتاجون لمساعدات مستمرة ومتواصلة.

ولفت مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن عرقلة إدخال أطنان المساعدات المكدسة في الجانب المصري أدى إلى تلف عدد لا بأس به منها، في ظل عدم وجود أسباب واضحة لمنع إدخال هذه المساعدات الإغاثية التي يحتاجها أهالي غزة بشكل عاجل.

المساهمون