انقطاع المازوت المدعوم يشلّ الاقتصاد في مناطق سورية

09 اغسطس 2024
مزارعة في القامشلي، 18 سبتمبر 2021 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تأثير توقف توزيع المازوت المدعوم على الزراعة**: توقف توزيع المازوت المدعوم في شمال شرقي سورية أثر سلباً على الزراعة، حيث انخفض إنتاج المحاصيل مثل البصل من 80 ألف طن إلى 15 ألف طن بسبب ارتفاع سعر المازوت في السوق الحرة إلى 4800 ليرة سورية للتر الواحد.

- **تأثير توقف توزيع المازوت المدعوم على الصناعة والنقل**: توقف توزيع المازوت المدعوم أثر على الصناعة والنقل، حيث ارتفعت تكاليف الإنتاج وأجور العمل بنسبة 100%، وارتفعت أسعار تذاكر الحافلات نتيجة لشراء المازوت الحر بسعر 4700 ليرة للتر الواحد.

- **الأسباب والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية**: الإدارة الذاتية تعزو نقص المحروقات إلى القصف التركي المستمر، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي والصناعي، وخسائر فادحة للفلاحين والصناعيين، ودفع السكان للخروج في مظاهرات احتجاجاً على رفع أسعار المازوت.

انعكس توقف الإدارة الذاتية في شمال شرقي سورية عن توزيع مخصصات مادة المازوت المدعوم سلبا على القطاعين الزراعي والصناعي وهما عصب اقتصاد هذه المنطقة، التي تعاني أصلا من أزمات معيشية رغم غناها بالثروات.

وكانت هذه الإدارة تمنح الفلاحين مادة المازوت بسعر مدعوم في الموسمين الصيفي والشتوي، إلا أنها توقفت عن ذلك هذا العام وهو ما لعب دورا في تراجع إنتاج الكثير من المحاصيل.

وأوضح المهندس والخبير الاقتصادي رامان سيدو لـ "العربي الجديد"، أن المزارعين "يشترون ليتر المازوت من السوق الحرة بـ 4800 ليرة سورية (الدولار الواحد يساوي نحو 15 ألف ليرة)". وأضاف: "وكان لهذا التأثير الأكبر على الإنتاج لأن الطقس كان حارا والخضروات بحاجة إلى سقاية كل أربعة أيام وهو ما يفوق قدرة الفلاحين".

وتابع: "لا تزال المزروعات بحاجة إلى سقاية وبسبب نقص الري الذي يعود إلى سعر المازوت المرتفع، تراجع الإنتاج". وبيّن أن الزراعة الرئيسية لهذا العام في محافظة الحسكة هي البصل، العام الماضي كان الإنتاج من هذه السلعة أكثر من 80 ألف طن أما توقعات الإنتاج لهذا العام فلا تتجاوز الـ 15 ألف طن لا أكثر وربما أقل من ذلك أيضا.

وأوضح أن إنتاج الدونم الواحد في السنوات الفائتة كان يصل أحيانا إلى أربعة أطنان، مشيرا إلى أن المتوقع ألا يصل الإنتاج إلى طن ونصف الطن بسبب قلة السقاية لارتفاع أسعار المازوت.

تقلص الزراعة بسبب المازوت المدعوم

ورجح سيدو أن تتقلص زراعة المحاصيل الصيفية في العام المقبل في حال استمر انقطاع المازوت المدعوم، مشيرا إلى أن انخفاض أسعار القمح لهذا العام والتي لم تصل إلى سعر التكلفة تسبب بخسائر فادحة للفلاحين.

وتابع: "لم تعد هناك جدوى من الزراعة في ظل ارتفاع أسعار التكلفة وانخفاض أسعار الشراء. وكلما نقص ري الخضار نقص الإنتاج"، مضيفا أن محصول الخيار يتطلب رياً كل يومين فقلة المياه تؤدي إلى احتراق المحصول وكذلك بالنسبة للبندورة خاصة في الشهر السادس مع بداية ارتفاع درجات الحرارة.

وأوضح أن البصل احترق أغلب موسمه بسبب قلة المياه في العديد من بلدات وقرى محافظة الحسكة (أقصى الشمال الشرقي من البلاد). إلى ذلك، تكاد تختفي زراعة القطن في شمال شرقي سورية بسبب ارتفاع التكاليف وتدني أسعار شرائه، وخاصة في محافظة الحسكة.

وتابع أن هناك بعض الفلاحين في محافظة الرقة ما زالوا يزرعون القطن إلا أن الإدارة الذاتية لم توزع هذا العام مادة المازوت بسعر مدعوم، وهو ما سيدفعهم ربما للتوقف عن زراعة القطن التي كانت قبل عام 2011 من دعائم الاقتصاد السوري.

وذكرت مصادر محلية أن الإدارة كانت في السنوات الفائتة تعطي الفلاحين المازوت ما يكفي لسقاية المزروعات الصيفية 15 مرة في الموسم الواحد، انخفضت العام الفائت إلى ثماني دفعات بينما لم يتم توزيع أية دفعة هذا العام، مضيفة أن هذا يُعتبر جريمة بحق الزراعة عصب اقتصاد المنطقة.

وفي السياق، بيّن المزارع كاميران محمود من ريف الدرباسية في محافظة الحسكة في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "ارتفاع سعر المازوت يؤثر على العملية الزراعية فضلا عن ارتفاع أسعار السماد والأدوية الزراعية في مقابل انخفاض أسعار الشراء من الفلاحين".

وتابع: "سعر كيلو القمح كان في العام السابق حوالي 41 سنتاً أما في هذا العام فانخفض إلى 30 سنتا. الفلاح الذي كان يزرع 100 دونم لم يعد بمقدوره ذلك، فهو سيكتفي بتشغيل بئر واحدة بسبب ارتفاع سعر المازوت، ما يعني تقلص المساحات المزروعة في المنطقة. ولم تكتف الإدارة الذاتية بعدم توزيع المازوت المدعوم للفلاحين، بل أوقفت هذه المادة عن شركات نقل الأفراد وهو ما رفع تكاليف السفر بين المحافظات".

التأثير على النقل

وقال صاحب شركة نقل، فضل عدم ذكر اسمه، إنهم باتوا مضطرين الآن لشراء المازوت الحر بسعر 4700 ليرة سورية للتر الواحد، بعدما كانوا يشترون المازوت المدعوم بـ 550 ليرة للتر، ما سيؤدي إلى ارتفاع كبير في التكاليف.

وأكد أن سعر تذكرة الراكب في حافلات رجال الأعمال ارتفع من 200 ألف ليرة إلى 300 ألف، بينما ارتفعت أجرة الراكب في الحافلات العادية من 150 ألفاً إلى 250 ألف ليرة. وتعزو الإدارة الذاتية النقص في المحروقات إلى القصف التركي المتواصل والذي يستهدف دائما المنشآت النفطية والخدمية في شمال شرقي سورية.

 وفي السياق، ذكرت شبكات إخبارية محلية أن المنطقة الصناعية في منطقة تل تمر غربي الحسكة تشهد هذه الأيام ركودا بسبب انقطاع مادة المازوت الصناعي المدعوم.

ونقل موقع "نورث برس" المحلي عن صناعيين قولهم إنهم كانوا يحصلون على مخصصاتهم شهرياً من محطات الوقود بسعر 2050 ليرة، لكنهم باتوا يضطرون إلى شرائها بالسعر الحر، مما رفع أجور العمل بنسبة 100%. وكانت الإدارة الذاتية رفعت العام الفائت سعر مادة المازوت للحد الذي دفع السكان للخروج بمظاهرات وتنظيم اعتصامات اعتراضا واحتجاجا، ولكن دون جدوى.

المساهمون