تستمر الإجراءات والتحركات المكثفة التي تستهدف مقاطعة بضائع وسلع الدول الداعمة لإسرائيل في عديد المدن اليمنية في ظل سعي الجهات المعنية إلى توسيع قرار المقاطعة عبر التوجه نحو تنظيم معارض تسويقية للمنتجات الأسرية والمشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة وصغار المنتجين.
يأتي ذلك في إطار اهتمام العاصمة اليمنية صنعاء التي تعتبر المركز التجاري الرئيسي للقطاع الخاص في اليمن، بتفعيل واستغلال قرار مقاطعة منتجات الشركات الأميركية والشركات الداعمة لإسرائيل في دعم المنتجات المحلية.
وبدأت الجهات المعنية الإجراءات التحضيرية لإقامة معارض للترويج لمنتجات الأسر وصغار المنتجين بهدف إيجاد قنوات تواصل جديدة بين المنتجين ومنافذ التسويق.
ويؤكد مسؤولون في وزارة الصناعة والتجارة وأعضاء في الغرفة التجارية والصناعية المركزية بالعاصمة صنعاء أن هناك توجها واسعا لتنظيم المعارض التجارية منذ نحو أسبوع، وذلك لتوفير سلع الأسر المنتجة وصغار المنتجين في كافة منافذ البيع المختلفة.
كما يوضح مسؤولون ومنتجون ورواد أعمال وأصحاب شركات على دور شركات المعارض والتسويق في الترويج لهذه المنتجات في كل المعارض المقامة حاليا.
أستاذ إدارة الأعمال بجامعة صنعاء أحمد ياسر، يقول في هذا الصدد لـ"العربي الجديد"، إن اليمن كغيره من الدول العربية لديه إمكانيات صناعية وإنتاجية كبيرة تُتَغَافَل بسبب الهجمة الاقتصادية الغربية التي حولتها إلى دولة مستهلكة لبضائع وسلع ومنتجات هذه الدول التي اتخذت مواقف صادمة في دعم دولة الاحتلال الإسرائيلي ومساندتها في حربها على غزة.
ويضيف ياسر أن الدول العربية مثل اليمن عليها ألا تستهين بإمكانياتها وما يمكن أن تتخذه من مواقف على المستوى الشعبي والاقتصادي والتجاري، وكذا على المستوى الرسمي، مشيراً إلى أهمية قرار المقاطعة، والذي لا يجب الاستهانة به إطلاقا.
إضافة إلى العمل على توظيف جزء من الأموال المتدفقة للاستيراد بالتنسيق مع القطاع الخاص على خلق مجتمع منتج وقطاع صناعي يغطي جزءا مهما من الاحتياجات الغذائية والاستهلاكية التي تُنْفَق أموال طائلة على استيرادها من الخارج.
ووفق مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة بصنعاء، فإن أهداف المعارض التجارية المقامة تتضمن تعزيز جسور التعاون والتنسيق بين الأسر المنتجة وصغار المنتجين مع مراكز التسويق ومنافذ البيع، وإيجاد قنوات تسويق للمنتجات المحلية بكافة أشكالها بالتعاون مع الغرف التجارية والصناعية في أمانة العاصمة صنعاء والمحافظات وتقديم الاستشارات الفنية بشأن التغليف والتسويق وحماية علاماتها التجارية.
وتابع: "يأتي ذلك إضافة إلى إعطاء الأولوية من قبل الشركات والجهات المنظمة للمنتجات المحلية خلال تنظيم معارضها الدورية، والحرص على أن تكون ذات أهداف تنموية واقتصادية تخدم الإنتاج المحلي".
في السياق، يشدد الباحث الاقتصادي مراد منصور، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على أهمية قرار المقاطعة في الحرب الاقتصادية التي يجب أن تنتهجها الشعوب العربية كخيار متاح وفاعل لتسجيل موقفها لمساندة الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة بشعة من قبل إسرائيل بمساندة دول كبرى ترتبط بعلاقات ومصالح اقتصادية واسعة مع الدول العربية، وتغرق منتجات مصانعها أسواق المنطقة.
ويرى أن قرار المقاطعة ينبغي أن ترافقه إجراءات لتطمين القطاع التجاري الخاص والمستوردين ووكلاء الشركات والعلامات التجارية في اليمن، وكسب ثقتهم بأن مثل هذه القرارات لا تستهدفهم أو تلحق الضرر بهم وإشراكهم في البرامج والتوجهات التي تستهدف الاهتمام بالمنتج المحلي والترويج والتسويق له بطريقة تكسبه ثقة المستهلكين.
وكان البنك الدولي قد أقر مطلع العام الحالي 2023 منحة لتمويل مشروع الاستجابة في مجال الأمن الغذائي والقدرة على الصمود في اليمن، حيث تستهدف التخفيف من التأثيرات المحتملة لانخفاض واردات الحبوب على المدى المتوسط إلى الطويل.
ويأتي ذلك من خلال العمل على زيادة إنتاج الحبوب محلياً، وتقديم الدعم لصغار المزارعين لتمكينهم من إنتاج بذور حبوب عالية الجودة تتميز بقدرتها على تحمل تغيّر المناخ، إضافة إلى تحسين الإنتاجية وزيادة القدرة على الصمود أمام الصدمات.
من جانبه، يشير المحلل الاقتصادي صادق علي، لـ"العربي الجديد"، إلى أهمية مثل هذه البرامج والأنشطة والمنح في حال استمرارها في مواجهة الصدمات التي يتعرض لها اليمن بسبب الأحداث الخارجية كما حصل العام الماضي نتيجة الحرب الروسية في أوكرانيا، وكذا الصدمات الناتجة عن الحرب الإسرائيلية على غزة، إذ يعتبر اليمن وفق حديث علي من أكثر الدول الضعيفة والهشة أمام الأحداث على الصعيد المحلي أو الخارجي بالنظر إلى اعتماده الكلي في استيراد احتياجات البلاد الغذائية والاستهلاكية.
إلى ذلك، ناقش خبراء وأكاديميون ورواد أعمال في ورشة عمل نُظمت مطلع الأسبوع في صنعاء عدداً من البرامج والخطط والدراسات حول تنمية المشاريع الريادية وإخراجها إلى سوق العمل.
ويرى خبراء اقتصاد أن هناك فجوة تتمثل في عدم تحديد المنتجات المناسبة للسوق المحلية، الأمر الذي يفرض التفكير والإبداع في هذا الإطار، إضافة إلى ضرورة التغلب على التحديات التي تواجهها المشاريع الإنتاجية المحلية، ومنها معضلة التمويل.