"عندما يقرر معظم الناس زيارة آيسلندا، فعليهم اختيار الوقت المناسب". تقول فانسا برون، كاتبة صحافية في مجلة محلية في آيسلندا. بحسب برون، "فإن آيسلندا ليست فقط وجهة للشتاء، فهناك دوماً فصل بين شهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني، يُعَدّ الوقت الأنسب للاستمتاع فعلاً بما تحويه البلاد من أسرار وكنوز طبيعية، وسط طقس معتدل ومشمس.
ومع الأخذ في الحسبان أن انتشار فيروس كورونا مستمر حول العالم ويقيّد حركة السفر والسياحة في هذه الظروف الاستثنائية وفي هذا الموسم تحديداً، إلا أن آيسلندا الواقعة في شمال المحيط الأطلسي، عادة ما تكون في هذا التوقيت أرض العجائب الخريفية، حيث يتغير الغطاء النباتي من اللون الأخضر الساطع إلى الظلال الغنية باللون البرتقالي والأصفر والأحمر، حتى المياه في الشلالات والبحيرات تصبح أكثر برودة، ومتلألئة بشكل كريستالي.
وإضافة إلى سحر الطبيعة، هناك أيضاً العديد من المهرجانات التي تقام في الأرياف خصوصاً، تتعلق بمواسم الحصاد، والزراعة، وتحضير المأكولات التراثية.
كذا، فإن المدينة تجمع بحداثتها الكثير من التجارب التي لا يمكن إهمالها، كتجربة استئجار الدراجات الهوائية والتنزه بين الأحياء.
المشي في الغابة
ربما خاض الكثير من السياح تجربة السير في المناطق الطبيعية، وممارسة رياضة صعود الجبال (الهايكينغ)، لكن قلة من الناس خاضت تجربة السير في الغابات المظلمة. تتميز الرحلة التي يقوم فريق مدرب باصطحاب السياح منذ ساعات الفجر الأولى إلى غابات آيسلندا، بأنها واحدة من أكثر المغامرات المشوقة في البلاد.
فمنذ الساعة الرابعة صباحاً، يكون السياح على موعد لخوض أول تجربة لهم، وهي الاستمتاع بألوان الأورورا، ومراقبة الحركات الضوئية في السماء. بعدها، ينتقل السائح للتنزه لمدة ساعتين في المسارات الطبيعية، التي تربط قرى جبلية بعضها ببعض.
تقول فانسا برون: "في هذه القرى، تشتمّ رائحة الحطب، من المواقد المشتعلة في ساعات الصباح الأولى، وتخوض تجربة تناول الفطور الأصلي، من النقانق الطازجة والبيض في مطاعم قديمة يعود تاريخها إلى مئات السنين".
الكهوف الطبيعية ستكون المرحلة الثانية من الرحلة، حيث يقصد السياح الكهوف التي سكنها القدامى، والتي تحوّل جزء منها إلى ما يشبه المعرض الطبيعي.
الأنهار وتجربة الصيد
الأسماك النهرية وطرق اصطيادها، هي واحدة من المغامرات التي لا بد من تجربتها في آيسلندا. تخصص رحلات للتخييم على صفاف النهر، لأنه في الصباح سيكون السائح على موعد لتعلم فن اختيار الأسماك واصطيادها، حيث يجلس مئات من كبار السن على ضفاف النهر، ويبدأون برمي سناراتهم لالتقاط الأسماك الكبيرة، والفرصة مناسبة لتبادل أطراف الأحاديث معهم، والتعرف إلى طرق معيشتهم. أما في الليل، فمغامرة أخرى تنتظركم، هي إشعال النار والبدء بحفلة شواء للأسماك التي اصطيدَت، ولا تخلو السهرة من أجواء فنية غنائية، بحيث يصل صوت الموسيقى إلى أقصى أطراف الجبال المحيطة.
بالإضافة إلى صيد السمك، تنتظركم تجربة أخرى في شلالات Hraunfossar Lava، حيث يمكن السائح في هذه الفترة تجربة السباحة تحت الشلالات، قبل أن يرتفع منسوب المياه.
موسم الأعياد
إذا كنت تستمتع بزيارة المهرجانات والفعاليات المحلية في أثناء السفر، فستستمتع بالمهرجانات الممتعة التي تقام في آيسلندا خلال أشهر الخريف. من جولات الأغنام إلى المهرجانات الموسيقية ، إليك بعض الأحداث الرئيسية التي تحدث خلال أشهر الخريف والتي قد ترغب في التأكد من إضافتها إلى التقويم الخاص بك.
أول هذه المهرجانات، بحسب الكاتبة بروان، مهرجان ريتير، الذي يعتبر واحداً من أقدم التقاليد الثقافية في آيسلندا حيث تجول مجموعة كبيرة من الأغنام ذات السلالات المتنوعة في ارجاء المدينة.
يجتمع المزارعون والعائلة والأصدقاء لإعادة الأغنام إلى المزارع من الجبال، حيث ستشهد للمرة الأولى ما يشبه مظاهرة للأغنام، تمرّ أمامك ضمن أجواء موسيقية رائعة.
أما المهرجان الثاني، فهو مهرجان Októberfest، ففي عطلة نهاية كل أسبوع، تُنشأ العديد من الخيام الكبيرة خارج جامعة آيسلندا حيث يقدم المهرجان بعضاً من أكبر الموسيقيين في آيسلندا، وهي طريقة ممتعة للاحتفال مع السكان المحليين.
الطعام التقليدي
في الأسواق القديمة لآيسلندا، التي تعيد الزائر إلى القرون الأولى للميلاد، نظراً لهندستها المعمارية الفريدة، وتصميم منازلها، لا بد من خوض تجربة أخرى تتعلق بتذوق الأطعمة، خاصة الأطباق الساخنة. يستعد الزوار لاكتشاف قائمة كبيرة من الأطباق الشتوية، وفي مقدمتها أطباق الحساء المنوعة.
صحيح أن تجربة الطعام بلا شك تجربة فريدة، لكن ماذا عن تجربة التسوق، وشراء الملبوسات الشتوية الصوفية، فهي بلا شك تجربة لذيذة، خاصة إن تمكن السائح من زيارة المصانع التقليدية التي تقوم بصناعتها وحياكتها. في المدن القديمة أو التقليدية، تكثر معامل حياكة الثياب الصوفية، لذا فهي فرصة للشراء والتبضع واختيار ما يناسبك من هدايا تذكارية.
الوجه الآخر
اقتصاد آيسلندا صغير ويخضع لتقلبات كبيرة، ففي عام 2011 بلغ الناتج المحلي الإجمالي 12 مليار دولار أميركي، ولكن بحلول عام 2018 ارتفع إلى إجمالي يبلغ 27 مليار دولار أميركي، مع عدد السكان 350 ألفاً، أي 55 ألف دولار للفرد.
تعتمد آيسلندا بنحو لافت على التجارة والزراعة، وبفضل بنيتها التحتية المتطورة، وطبيعتها الخلابة، باتت أيضاً دولة سياحية، حيث تجذب ملايين السياح سنوياً.
تُعَدّ تكاليف السياحة في آيسلندا مقبولة نسبياً، إذ إن كل 1000 كرونة آيسلندية (العملة الوطنية)، تساوي 7 دولارات تقريباً، وبالتالي إن الاسعار في البلاد ليست مرتفعة جداً، ويمكن السائح الاستمتاع بالنشاطات السياحية بأسعار مقبولة. أما بالنسبة إلى تكاليف الإقامة، بحسب موقع بوكينغ، فإن الأسعار في الفنادق تبدأ من 35 دولاراً، وفي الأماكن الريفية تنخفض إلى 20 دولاراً. أما بالنسبة إلى الفنادق المصنفة ذات خمسة نجوم، فإن الأسعار تبدأ من 70 و80 دولاراً، وترتفع في أوقات الذروة.
تكاليف المأكل والمشرب بدورها منخفضة، إذ لا يتعدى سعر الطبق 20 دولاراً. وعليه، فإن الرحلة إلى هناك ليست ذات تكاليف مرتفعة، خاصة في فصل الخريف.