النهب في السودان يزيد الوضع الاقتصادي سوءاً

13 مايو 2023
دمرت الحرب غالبية أسواق السودان الشعبية (فرانس برس)
+ الخط -
قبل شهر، كان محسن عبد الرحمن يملك محلًا لبيع الحلي الذهبية في الخرطوم، لكنه تلقى قبل فترة وجيزة اتصالا من جاره يبلغه بتعرض متجره ككل متاجر سوق سعد قشرة للنهب.

نتيجة ذلك اختفت 10 كيلوغرامات من الذهب كان يملكها كما اختفت بضائع كل المحال في السوق.

رغم القصف الجوي والمعارك التي تدور في شمال الخرطوم، حرص الرجل على الذهاب من مسكنه في الطرف الآخر من المدينة في منطقة بحري، على الضفة الأخرى للنيل الذي يقسم العاصمة السودانية، للوقوف على ما حدث. وتأكد ما خشي منه.

يروي عبد الرحمن لفرانس برس "نهبوا كل رأسمالي، كل الحلي الذهبية سُرقت، لم يبق شيء مطلقا".

وبتابع "أتمنى أن تتوقف الحرب حتى نحاول أن نتدبر أمرنا ونبدأ بداية جديدة".

ولكن، حتى لو توقفت الحرب، المستمرة منذ الخامس عشر من نيسان/إبريل بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، فإن اقتصاد السودان، أحد أفقر بلدان العالم، منكوب منذ عدة عقود.

بعد عشرين عاما من العقوبات الدولية، عاد السودان إلى المجتمع الدولي إثر سقوط عمر البشير في العام 2019.

ولكن انقلاب العام 2021، الذي قام به الجنرالان المتحاربان اليوم، أدى إلى وقف المساعدات الدولية البالغة ملياري دولار التي حصلت عليها الخرطوم خلال العامين السابقين.

وهكذا، فقدت الدولة السودانية في يوم واحد 40% من دخلها (وهي قيمة المساعدات الدولية)، فيما كانت تعاني بالفعل من الفساد ومن آثار العقوبات الدولية واستقلال جنوب السودان في العام 2011، الذي أدى إلى خسارة الخرطوم تقريبا كل حقول النفط.

ولم تعلن السلطات السودانية موازنة العام 2023، ولكنها أشادت بتراجع التضخم إلى ما دون الـ 100%.

ويقول الخبراء إن هذا التراجع لم يكن بسبب تحسن في الوضع، بل ناتج عن ركود كبير.

أقفال مكسورة

ومع ذلك، احتفظت الخرطوم قبل اندلاع الحرب بمظاهر تحسن للوضع الاقتصادي، تتمثل في مطاعم دولية أو تقدم أطباقا صديقة للبيئة، ومتاجر مليئة بالمنتجات الأميركية، الواردة إلى العاصمة السودانية غالبا من خلال طرق التهريب في دول الساحل.

اليوم، في جميع أنحاء الخرطوم، التي يقطنها خمسة ملايين نسمة، باتت الأبواب الزجاجية لمعارض السيارات وواجهات محال الأجهزة المنزلية الكهربائية المهشمة وأبواب المحال الصغيرة التي كسرت أقفالها شاهدا على حجم عمليات النهب.

مطار الخرطوم توقف عن العمل منذ بدء المعارك، وميناء بورتسودان، الرئة الاقتصادية للبلاد على البحر الأحمر، لم يعد يصله سوى السفن والطائرات التي تنقل مدنيين يفرون من الحرب أو مساعدات إنسانية.

ولم تنج من عمليات النهب لا المستشفيات ولا المنظمات الإنسانية ولا المنازل التي تركها 500 ألف من سكانها في الخرطوم، بسبب القتال وفروا إلى مدن أخرى أو إلى الدول المجاورة.

نور الدين آدم، صاحب محل لبيع الهواتف النقالة في وسط الخرطوم بحري، يقول: "تم كسر قفل المحل بعد خمسة أيام من بداية القتال ونهبوا كل البضاعة ولم يتركوا شيئًا.

ويضيف "صرت لا أملك أي راسمال بل إنني مدين لبعض التجار ولا أعرف كيف سأسدد هذه المديونية".

الشرطة غائبة

وقال موظف، طالبا عدم الكشف عن هويته، إنه تم نهب كل البضائع الموجودة في محطة حاويات سوبا جنوب الخرطوم.

وأوضح أن "هذه بضائع استوردها أصحابها ولم يكملوا إجراءات تخليصها جمركيا بسبب الحرب".

وفي المنطقة الصناعية بالخرطوم بحري، أكد شهود عيان أن مخزن مطحنة سيقا لدقيق القمح تعرض للنهب، وهي أكبر مطحنة في البلاد، مما زاد من أزمة الخبز في بلد قد يعاني 19 مليونا من سكانه البالغ عددهم 45 مليونا من الجوع بعد ستة أشهر، إذا استمرت الحرب.

عمر عبد الدايم مر لن يفتح هو الآخر محل الملابس الذي يملكه في سوق الخرطوم بحري مجددا.

ويروي عمر أنه "في ثالث أيام الحرب سقطت قذيفة في السوق واشتعلت النيران في المحال. بعضها احترق تماما والبعض الآخر جزئيا، لكن ما تبقى تم نهبه وهذا ما حدث لمحلي".

ويضيف "السبب ببساطة أنه لم تكن هناك أي حراسة من الشرطة، على الرغم من أن رئاسة شرطة بحري مقرها داخل السوق".

(فرانس برس)

المساهمون